( بالأمس ) انتقدت الحكومة الإريترية ما وصفته بالأعمال التخريبية التي تقوم بها تركيا ضد أسمرة بدعم وتمويل قطر, وشكت من تدخلات سافرة لعرقلة السلام الإريتري – الإثيوبي بل وفي منطقة القرن الإفريقي التي دخلت عهد جديد من السلام والصداقة الدائمين, والالتزام بتنفيذ اتفاقيات الحدود والتعاون في سبيل خدمة وتطوير مصالح الشعوب وتفعيل عمليات النقل والاتصالات بينها وخاصة بين إريتريا وإثيوبيا في مسألة الاستفادة من الموانئ الإريترية عصب ومصوع على البحر الأحمر. اللقاءات التي جرت بين الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في الإمارات العربية المتحدة في يوليو 2018م برعاية ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد أسفرت عن توقيع اتفاقيات السلام والصداقة معلنا عن استثمارات بحجم ثلاثة مليارات دولارات في إثيوبيا. وإعادة التوتر بين أسمرة وأديس أبابا الذي تسعى إليه قطر وتركيا واضح للقاصي والداني لسببين, أحدهما تحويل وجهة إثيوبيا للاستفادة من ميناء جيبوتي ومحطة دوراليه الجيبوتية عوضا عن مينائي عصب ومصوع الإريتريين, وثانيهما عداء قطر وتركيا للإمارات العربية المتحدة التي وقعت في 2015م اتفاقيات استثمارات لمدة ثلاثين عاما مع إريتريا لإدارة وتطوير الميناءين لتأمين خدمة للشعب الإريتري ولمائة مليون إثيوبي, بل وخدمة أربعمائة مليون نسمة في عشر دول إفريقية غير ساحلية لا منفذ لها على البحر. وتحقيق ذلك حتما يتم بمساهمة فاعلة من جميع موانئ القرن الإفريقي إلى جانب عصب ومصوع ميناء بوصاصو في إقليم بونتلاند الصومالية الذي فازت الإمارات بعطاء إدارته في 2017م لمدة ثلاثين سنة, وميناء بربرة في إقليم أرض الصومال أيضا في 2015 ولمدة ثلاثين سنة.
ميناء جيبوتي ومحطة دوراليه لا ينتعشان إلا في ظل أزمات بين الجارين إثيوبيا وإريتريا وتعقيد العلاقات بينهما لا في ظل السلام والوئام بينهما الذي يدفع إثيوبيا إلى تفضيل مينائي عصب ومصوع الإريتريين بحكم المسافة بين عصب بالذات وبين أديس أبابا لا تتعدى 624كيلومتر, بخلاف ميناء جيبوتي يبعد عن أديس أبابا بمسافة 910كيلومتر. ويقاربها لمسافة بين ميناء بربرة وأديس أبابا 943كيلومتر. فليس أمام جيبوتي إلا العودة إلى عقودها مع شركة موانئ دبي العالمية بدل ما تنهيها وتلغي عقد امتياز خمسين سنة خلالها تقوم شركة موانئ دبي بتشغيل محطة دوراليه بنسبة 33,34% ونسبة 66,67% لشركة بورت دي جيبوتي. فبمقتضى دعوى قضائية رفعتها شركة موانئ دبي العالمية أمام محكمة لندن للتحكيم الدولي ضد حكومة جيبوتي, قضت المحكمة يوم أمس الخميس الرابع من أبريل 2019م إلى أن الحكومة الجيبوتية انتهكت امتياز الاتفاق الموقع في العام 2006م والذي ينص على محطة حاويات متعددة الأغراض في دوراليه في جيبوتي مع إمكانية وقوع أضرار إضافية في حال أخلت جيبوتي بالاتفاقية وخططت مع أي مشغل موانئ آخر بدون موافقة شركة موانئ دبي العالمية. فأصدرت المحكمة حكمها يقضي بتغريم الحكومة الجيبوتية مبلغ 385مليون دولار بالإضافة إلى الفوائد تدفعها لشركة موانئ دبي العالمية. وذلك لأنها مع الشركة الصينية خرقت الاتفاقات وانتهكت الحقوق الحصرية لشركة موانئ دبي.
السلام والأمن والأمان سيعم المنطقة وموانئ جنوب البحر الأحمر والقرن الإفريقي ضمنها ميناء جيبوتي لن تنتعش إلا من خلال الاستفادة القصوى من خبرات وقدرات وطاقات أكبر موانئ المنطقة وأعرقها ألا وهو ميناء عدن الدولي الجاهز المجهز على أهبة الاستعدادات في جميع الأحوال والظروف. وهو وكافة موانئ المناطق المحررة في اليمن, من المخاء مرورا بعدن وشقرة وبلحاف وصولا إلى المكلا والشحر وقصيعر وقشن جاذب وحوف تقع بقبضة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات لن يفلتوه أبدا أبدا الواقع الذي تصطدم به قطر وتركيا وجيبوتي في عدن والجنوب مما يفرض عليها إعادة النظر في قضيتها مع الإمارات. عمل التحالف بكل تفان لتحرير كل الشمال من قبضة الحوثيين لإعادة الحكومة الشرعية إلى العاصمة صنعاء ولكنه رغم تحرير ميناء المخاء بعد ووصوله إلى ضواحي الحديدة أتى القرار الدولي بإيقاف تحرير مينائها وميناء ميدي لحاجة في نفس روسيا وربما الولاياتالمتحدةالأمريكية, حيث صوت بالأمس مجلس النواب الأمريكي والكونجرس على قرار إنهاء دعم الحرب في اليمن ظاهره إنساني وباطنه الاستحواذ على مينائي الحديدة وميدي ومنع وصول شركة موانئ دبي إليهما. فموانئ الجنوب واليمن عوامل مساعدة أساسية لموانئ جنوب البحر الأحمر والقرن الإفريقي تقلل من تكاليف النقل ونفقات التوصيل إلى العمق الإفريقي.