الإنترنت تلك النعمة التي يهدر الكثير من الشباب طاقاتهم و أوقاتهم للأسف لجعله نقمة و وبال يعصف بحياتهم و يدمر مستقبلهم.. الإنترنت يمكنه أن يكون معلم رائع فقط للطالب المجتهد في الباحث عن عجيب العلوم.. الإنترنت إن أردت فهو رجل دين لإنسان صادق يريد أن يتفقه و ينهل مما يجهله من علوم الشريعة.. و هو إيضا واعظ لضال يبحث عن توبة نصوح.. الإنترنت مختبرات و علوم مجانية يمتلكها إي طالب بمائة ريال فقط يشترك فيها لساعات مع إي شبكة إنترنت.. و هو معرفة لشاب يريد تطوير قدراته و معرفته.. الإنترنت طبيب و إستشاري و صيدلية و مطبخ و تكنلوجيا و جغرافيا و تاريخ و رياضيات و احياء و كيمياء .. و هو سوق تجاري يربط العالم في شراء مايطيب من السلع.. و هو معهد لتعليم مختلف اللغات لراغب و هاوي يسعى لفهم لغات العالم.. الإنترنت مكوك لسبر عالم الفضاء و كشف غموضه، و هو مركبة فضاء تصل بنا إلى حواف المجرات.. و هو غواصات و سفن تمخر عباب البحار.. و هو مكتشف لإسرار أعماق الأرض و طبقاتها.. و هو عالم يكشف لنا سلوك النبات و حياة الحيوانات و أسرار الطيور و كائنات أعماق البحار.. الإنترنت مائدة فيها كل مالذ وطاب.. ولكن للإسف الكثير من الشباب لا يتناول من هذه المائدة إلا المسموم و الفاسد من طعامها.. يلهثون وراء السراب و اللهو و المجون و الضياع و الإنحطاط و السقوط.. هؤلاء أشبه بالفراشات التي تلقي بنفسها في جوف النار لإنها تظنه نور و ضياء.. الكثيرمن شبابنا يفقدون ساعات طويلة من حياتهم متسمرون خلف شاشات تلفوناتهم غارقون في غثاء الإنترنت يتجاوزون كل فوائده.. يقعون بسهولة في الأفخاخ التي ينصبها عديمو الضمير و الإنسانية المتربصون الذين تزدهر تجارتهم فيما ينتجون من شباب جاهل لا يفقه من الدنيا شيء سوى أن يصبح مستهلك لبضاعات هؤلاء الاعداء للحياة فيقومون بحرق طاقات الشباب و إهدارها في أشياء أحسنها حشمة و أدب القول إن ساعات طويلة من حياة الشباب تهدر في ألعاب الجيم و الفيديو التي ظهرت مؤخرا و تجمع حولها لفاليف من هولاء التائهين في ألعاب جماعية لاتغني ولا تسمن من جوع، بل تستنزف طاقات و أوقات الشباب و خاصة الأوقات الليلية حتى بزوغ الفجر فلا صلاة بعدها و لا عمل و لا دراسة في صباح اليوم التالي و هكذا تتكرر المأسأة كل ليلة.. الكثير يقع في هذه المصيدة راغبا بل و مدمنا عليها، لايدرك إنه إنما بذلك يلف حبل التبعية و العبودية حول رقبته فيصبح منقادا خلف خطر السقوط و الإنتحار العقلي و الفكري و الإخلاقي فيصاب الشاب بالتبلد و الجهل و الإنعزال.. يترك صلاته.. يترك دراسته.. يترك علاقته بربه و بأقرب الناس إليه.. يدمر مستقبله و حياته و كل ذلك بسبب نزوة يقع فيها الأغبياء فقط.. الكثير من الشباب... و ياللأسف دائما العدد الكثير يكون على شكل موجات إنجراف وراء السراب والضياع.. لذلك فأعداد قطيع الأغنام كبير ولكن الرعأة قليل و بعدد الأصابع وحتى رقم النجاح العادي الذي لا زال اليوم الشاب يستطيع تحقيقه بأقل مجهود بأعداد مقبولة، سيفقدها غداً لإن الهجوم عبر شبكات التواصل لازال يتطور و يكبر ليصطاد كل الشباب، أما رقم المتميزين فدائماً يكون قليل و لايذكر، لأن القليل فقط الذين يمتلكون عزيمة فولاذية و شخصية قوية لذلك إستطاعوا التغلب على وحش لازال يكبر و يتصخم للنيل من قدرات الشباب! اللهم سلم.. نبيل محمد العمودي