قال لي صديقي - وهو يحاورني - : ألم تر أن شعار قناة الجزيرة صار في حقيقته وواقعه مجسدا لشعار : الكيد والكيد الآخر ، وليس الرأي والرأي الآخر : قلت : وضح ، وارفع اللبس عن سؤالك ؟ قال : ألم تر أن تمويلها وإخراجها للتحقيق الاستقصائي عن اغتيال الشهيد المغدور : إبراهيم الحمدي ليس لوجه الحقيقة والحقيقة فقط وإنما أتى بدافع الكيد السياسي للمملكة العربية السعودية في سياق علاقتها المتوترة مع دولة قطر ؟ قلت : هذا كلام مرسل بحاجة إلى دليل ، ثم إن بواعث التحقيق لا تهمني بقدر ما تهمني الحقائق التي توصل إليها ووثقها .... قال صديقي : مادام وهذا قولك فدعني أضعك أمام الحقائق التالية : الأولى : أن مقتل الحمدي كان ثمرة مرة من ثمار قيام السلطة السياسية في اليمن الجمهوري وكل الجمهوريات العربية على التغلب والتغلب المضاد منذ قيام الجمهوريات . بمعنى أن الرئيس الجمهوري يصل إلى السلطة بانقلاب عسكري ولا يخرج منها إلا بانقلاب مضاد فلا يغادرها إلا إلى القبر أو الهروب أو النفي أو السجن ... ، وانظر إلى حقيقة ما حصل في اليمن للسلال والإرياني وقحطان الشعبي ، والحمدي والغشمي وسالمين وعلي ناصر وعبدالفتاح اسماعيل وعلي عبدالله صالح ... والثانية : أنه مر على إنشاء قناة الجزيرة ما يقرب من ثلث قرن ، فلمَ لم تفكر في تحقيقها الاستقصائي إلا في هذا الظرف اليماني العصيب ، فزادت طينة اليمن بلّة على بلتها ، وفِي وقت توترت فيه العلاقة السعودية القطرية !!!!!!؟؟؟ والثالثة : أن فترة المرحوم الحمدي شهدت اغتيالين سياسيين مهمين : -اغتيال محمد أحمد نعمان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في حكومة القاضي : عبدالله الحجري ، حيث اغتيل نعمان في بيروت بمسدس مكتوم الصوت بعدأسبوعين من تولي الحمدي للسلطة ، وقد لاحظت أباه المناضل : أحمد محمد نعمان في تحقيق الجزيرة وهو في غاية الغبطة في جنازة المرحوم الحمدي بجوار الغشمي ، وبلسان حال يقول : الحمدلله الذي انتصف لقاتل محمد !!! - إغتيال القاضي : عبدالله الحجري رئيس وزراء اليمن الأسبق وزوجته في لندن بمسدس كاتم للصوت في لندن في إبريل من عام 1977م أي قبل نصف عام من اغتيال الحمدي !!! والسؤال : لماذا لا تقوم قناة الجزيرة - الآن وليس غدا - باستقصاء لكامل الحقائق في فترة حكم الحمدي من نعمان إلى الحجري ويكون جرم اغتيال الحمدي هو خاتمة المسك في تحقيقاتها لو كانت تتغيا الحقيقة وليس غير الحقيقة !!؟؟ والثالثة : أن الصحفي المستقصي سار في استقصائه وصاغه وأخرجه بنفَس لا يستفيد منه سوى المتمرد الحوثي ، ولن يكفر عن خطيئته إلا باستقصاء حلقات العنف السياسي في اليمن بدءا باستكمال حالة الاغتيالات السياسية في فترة حكم الشهيد الحمدي .... قلت : قهرني منطقك يا هذا ، والكرة الآن في مرمى إدارة قناة الجزيرة ، وعليها أن تثبت أن قناتها هي منبر : الرأي والرأي الآخر ، مالم فالعكس هو الصحيح . #دصالح_حسن_سميع