تقرير / الخضر عبدالله : مع اقتراب شهر رمضان الذي يتميز بأجواء روحانية مختلفة، بدأت الأسر اليمنية بالاستعداد له، كما هي العادة كل عام. وتستعد مختلف الأسر اليمنية لهذا الشهر، بشراء بعض المتطلبات المرتبطة بوجبات يكثر استخدامها في رمضان، وبعض حاجيات المطبخ. لكن الحال اختلف كثيرا مقارنة بالأعوام السابقة قبل الحرب، وذلك نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بعد انقلاب سبتمبر/أيلول 2015. فقد انهار الريال اليمني أمام العملات بشكل غير مسبوق، بعد استنزاف مليشيات الحوثي الاحتياطي النقدي للبنك المركزي المقدر ب 5.2 مليارات دولار، وعدم التزامهم بتوريد الإيرادات للبنك بالعاصمة المؤقتة عدن. ارتفاع الأسعار تحرمهم الفرحة : وتجاوز –في وقت سابق- سعر صرف الدولار الواحد (600) ريال يمني، وهو ما انعكس بشكل سلبي على الأسعار التي ارتفعت بشكل جنوني. شكَّل ارتفاع الأسعار كارثة بالنسبة للمواطن فؤاد الشرعبي، في ظل عدم انتظام مرتبات موظفي الدولي الذين يصل عددهم إلى قرابة مليون ومائتين موظف. ولم يتمكن احمد القرمي من شراء حاجيات رمضان المختلفة هذا العام، وقال إنه سيكتفي بشراء الدقيق والسكر والزيت والغاز، باعتبارها متطلبات ضرورية. وقال: "استلمت راتبي لهذا الشهر، لكنه لا يكفي لإطعام أبنائي الستة، ولا يكفي حتى لسداد الديون المتراكمة عليَّ منذ أكثر من عام". وأضاف: "ربما سيستقر وضعي قليلا فيما لو انتظمت الرواتب لفترة طويلة، ولن أشعر حينها بشكل كبير بارتفاع الأسعار، على الأقل سأكون قد قضيت ديوني". أولويات أخرى : ويقارن مسعد صالح بين الوضع قبل الحرب والآن، وتذكر بأنها كانت خلال شهر شعبان تقوم بشراء أدوات مطبخ مختلفة، ومسحوق الكاسترد والجيلي والمكسرات لصنع الحلويات والعصائر غيره. لكنها اليوم –يؤكد بأنها- لم تعد تهتم بمثل هذه المتطلبات التي تراها من الكماليات، خاصة أن سعرها أصبح مضاعفا، وهناك أولويات أخرى ينبغي توفيرها في المنزل لنعيش. وأشار إلى فقدان رمضان روحانيته في السنوات السابقة، بسبب المعارك التي تندلع من وقت لآخر، والحالة النفسية السيئة التي تعيشها معظم الأُسر اليمنية. إقبال بسيط : بدوره يؤكد تاجر الجملة عبدالغفور مصلح أن عملية البيع والشراء قليلة جدا، مقارنة بالأعوام الماضية. وقال: "لا نجد فرقا كبيرا بين إقبال المواطنين على الشراء قبل شهر رمضان وباقي الأشهر، لافتا إلى أن التجار فقط وأصحاب المحلات من يقومون بالشراء منه. وعلى عكس السابق، فقد كان المواطنون قبل شهر رمضان يُقبلون على شراء الكثير من المنتجات بكميات كبيرة، أما اليوم فهم يتجهون للبقالات والدكاكين الصغيرة، وشراء حاجاتهم بالقطعة وبالكيلو، وفق قول مصلح ". وأوضح عبدالإله سعيد محمد، وهو مالك بسطة خاصة بأدوات المطبخ، أن حركة البيع والشراء تراجعت بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي، وأثرت على مستوى الدخل لديه كثيرا. ضعف القدرة الشرائية : وترتفع الأسعار قبل شهر رمضان بشكل ملفت، نتيجة لزيادة الإقبال على البضائع من قِبل بعض المواطنين. ويوضح الخبير الاقتصادي ورئيس مؤسسة الإعلام المالي والاقتصادي للدراسات أحمد الشماخ، أن الأسعار في اليمن تفاوتت نسبة الزيادة فيها، فهناك ما بلغت نسبة الزيادة فيها إلى 500 في المائة مثل سلع المواد الأساسية كالغذاء والدواء. وأرجع أسباب هذه الزيادة الكبيرة إلى الازدواج الجمركي، وفرض السلطات المحلية في جميع أنحاء اليمن الإتاوات التي تزيد في كل فترة على السلع الوطنية والمستوردة وحتى المهربة. وبيَّن -في تصريحات صحفية- أن القدرة الشرائية في اليمن تراجعت إلى أدنى مستوياتها في الفترة الأخيرة، بسبب فصل الكثير من الموظفين في القطاعين العام والخاص، والذي أدى بطبيعة الحال إلى وصول نسبة مستوى البطالة والفقر إلى 85 في المائة، مؤكداً أنه في ظل سوء الأوضاع المعيشية والإنسانية التي تمر بها اليمن استفاد من هذه الأزمة الفاسدون، وتحمل المواطن اليمني البسيط جميع الأعباء. وقال إن "الاقتصاد الرسمي في اليمن ذهب وتلاشى، وظهر للسطح الاقتصاد الخفي (السوق السوداء)، وما يتحكم في الاقتصاد اليوم سوق المشتقات النفطية، وسوق أسعار الصرف، والاقتصاد الحالي غير أخلاقي؛ كون قوانين العرض والطلب لا تحكمه". حملات إنسانية : وقبل شهر رمضان تحديدا، تنتشر في مختلف المحافظاتاليمنية الجمعيات الخيرية المختلفة، التي تعمل على التخفيف من معاناة المدنيين الذين يعيش أكثرهم تحت مستوى خط الفقر، بعد أن أصبح أكثر من 82% منهم بحاجة لمساعدات إنسانية. ويتم تنفيذ العديد من الحملات الإغاثية التي تتبناها مبادرات شبابية، تهدف لمساعدة الأسر اليمنية، بتقديم بعض المعونات التي من شأنها أن تبقي بعض الأسر على قيد الحياة. وأصبحت الكثير من الأسر في ظل الحرب وانقطاع الرواتب في المحافظات، وعدم انتظامها في أخرى، تعجز عن توفير لقمة العيش الضرورية. وحذر تقرير حديث صادر عن شبكة نظام الإنذار المبكر من المجاعة من الوضع الإنساني المتدهور في اليمن، مؤكدا أن اليمن تقترب -بشكل أكبر- من المجاعة أكثر من أي وقت مضى. الحذر من المبالغة في الإسراف : وقال بعض أرباب الأسر التي التقت بهم ( عدن الغد ) أنه وفي ظل المعطيات الحالية التي تمثلت بارتفاع الأسعار فأنه أصبح لزاما على المواطن اليمني عمل ميزانية لشراء حاجياته الأساسية والتقيد بها وعدم الإخلال فيها. وبين أن ما يترافق مع شهر رمضان المبارك من عادات وتقاليد خاطئة أصبحت تشكل عبئا على المواطنين من ذوي الدخول المحدودة والذين يحاولون مسايرة تلك العادات على حساب ممتلكاتهم وحاجات أساسية أخرى. ويشير أرباب الأسر " أن كثرة الطعام وطهي كميات كبيرة من الأصناف على طاولة الإفطار هو تبذير يجب أن يبتعد عنه المواطنون ويجب على المواطن أن لا يعيش أسيرا لعادات قديمة لا تتناسب والأوضاع الاقتصادية حاليا. ودعوا " إلى الاكتفاء بشراء ما يكفي حاجتهم فقط من المواد والسلع الغذائية دون مبالغة في الشراء وبالتالي التأثير سلبا على حاجيات الأسر الأخرى.