منذ ما يقارب عقد من الزمن وأنا أجهر بأعلى صوت ضد كهنة الدين، لأني أنفذ ببصيرتي إلى أعماقهم ويفزعني ما يموج فيها، كنت على قناعة تامة ويقين مطلق أنه سيأتي اليوم الذي تنكشف فيه عورتهم وتنحرق كروتهم وينفضحون أمام الملأ ، وأن غياهب السجون ستكون مكانهم الطبيعي، لم يكن البعض حينها يستوعب بحكم الغباء والتبعية العمياء، كان الكثير يستهجنون كل ما نقوله ونحذر منه، حيث يعتقدون أن هذا التبشير الذي كانوا يروجون له هو دين الله. لقد صوروا لهم أن وجه المرأة الذي كرمه الله عورة، بل وصل بهم الجهل والتطرف وسوء الأدب إلى أن يشبهوها بالكلب الأسود، وقطعة الحلوى، والشاه وغيرها من الشعارات التي تحتقر النساء الفاضلات. كما نادوا وأفتوا أن لا تغادر عتبة الدار وأن تبقى أسيرة في البيت لخدمة الرجل، لأنهم لا يرون أن النساء شقائق الرجال، بل يعتبرون المرأة ناقصة عقل ودين، ولا يرونها إلا عبارة عن معدة وجنس. هكذا وصل الاستخفاف بالنساء اللواتي أمرنا ديننا وسلامنا أن نجعلهن مصابيح وقناديل تضيء دروبنا. للأسف قبل الكثير من الجهلة والأغبياء أن يرى أمه وزوجته وأخته بهذا الشكل، وأن يحتقرها ويستعبدها تحت شعارات دينية ما أنزل الله بها من سلطان، ولكننا لم ولن نقبل هذا ما دامت هاماتنا عالية ورؤوسنا تشم الهواء. لقد تبنيت المعارضة العلنية ضد الكهنوت منذ ما يقارب عقد من الزمن، وقبلها لم أكن أصلي في معابدهم وأعني هنا "الإخوان والسلفيون" فقط، لأني أدرك جيداً أن مساجدهم لم تعد مساجد لذكر الله ونشر الفضيلة وتكريس مفهوم لغة التسامح والتعايش بين الناس، بل أصبحت مقرات للتحريض والكراهية والشحن الطائفي وإهانة واحتقار النساء. وأكرر النساء لأنهن أكثر ضحايا هؤلاء، حيث كانوا يسلبون حقوقهن ويستمتعون بزواج ثلاث وأربع ويعاملوهن معاملة الجواري، وكان كل من يصيح أو ينتقد يكفرونه ويشوهون به متحججين بحجج دينية كاذبة وهذا ما دفعني لمقاطعة معابدهم. كنت أذهب إلى مساجد الصوفية وأشعر بالبساطة والروحانية، لم أكن أسمع فيها لغة التحريض، ولا الكراهية، ولا الشحن الطائفي، كانت وجوههم تفيض بالإيمان وتحمل الحب لكل الإنسانية والمخلوقات البشرية جمعاء، حيث أنني لم أسمعهم أو أراهم يوماً يتدخلون في حياة الناس الفردية، كان نهجهم التعايش ولغتهم هي لغة السلام. اليوم بعد أن خرج مشائخ السعودية وأعلنوا أن الدين وكل النصوص التي كانوا يروجون لها وينشرونها في مشارق الأرض ومغاربها تتنافى مع قيم وسماحة الإسلام، يوحى لنا بما لا يدع مجال للشك أن الذين درسوا وتتلمذوا وكانوا يقدسون نصوصهم وتأثروا بكتبهم كانوا مخدوعين، وأن 30 سنة من الصحوة التي كانوا يروجون ويبشرون لها باطلة، ويجب عليهم أن يبحثوا عن دين جديد، وهذا ما حذرنا منه سابقاً وقلنا في صريح العبارة أنكم اتخذتم هؤلاء أولياء وأرباب من دون الله، لكن هذه ثمرة كل من ترك عقله واستخدم عقل غيره. أدرك يقينا لاسيما بعد أن أعلن الداعية عائض القرني عن اعتذاره على ما يسمى "بالصحوةالإسلامية"، والأفكار المتطرفة التي كانوا ينشرونها بين الشعوب الإسلامية، سيشكل صدمة كبيرة لدى شعوب المشرق والمغرب، كونهم اتبعوا أولئك المشائخ بشكل أعمى، وعطلوا عقولهم ورضخوا للأفكار المتطرفة، وها هو اليوم من صدر لهم الجهل المقدس يغير أفكاره وتوجهاته، الأمر سيكون صعب على شعوبنا من الناحية النفسية بسبب الشعور أنها تعرضت للخداع والإستغباء وربما الإستحمار ، لكن أتمنى أن يكون الدرس مفيداً لمراجعة كل شيء يتعلق بما تم تلقين شعوبنا به، فلقد قلنا مراراً و تكراراً أن جميع رجال الدين دجالون منافقون من كبيرهم إلى صغيرهم، مهما اختلف توجههم، سواء كانوا من الإخوان أو السلفيين الوهابيين، فكل منهم يخدم أجندة تيار معين، لذلك عليك التفكير بعقلك و بمفردك في كل شيء دون الإستناد إلى أي رجل دين مهما كان. وجب عليكم بعد كل هذا الإستخفاف بالعقول أن تهدموا صورة رجل الدين وإنهاء القداسة منها وإلغاءها تماماً خاصة بعد أن كنتم ضحية مشايخ طوال 30 سنة، ثم يظهرون أمامكم بالصوت والصورة ويعتذرون ويقولون أن ما كان يعتقدونه ويروجون له وينشرونه ليس له علاقة بالإسلام المعتدل وهو باطل، فهل تفيقون من سكرتكم ومن الغشاوة التي كانت تحجب أنظاركم وتعمي قلوبكم؟ أم أنكم ستكملون مشوار الجهل والغباء وستواصلون مشواركم وتبحثون عن مشائخ آخرين يضللونكم 30 سنة أخرى ثم يعتذرون لكم؟ وهكذا ستقضون عمركم وتنتهي حياتكم في تقديس الصحوة الكاذبة والدعوة الباطلة!!