نعم إنها بحق ثورة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. فثورة اليمنيين خارج حدود اليمن هي ثورة طلابها المبتعثين حول العالم والتي اندلعت مؤخراً بحمم مطالبهم الحقوقية العادلة التي ستلتهم كل من يقف أمامها من الفسدة والظلمة . فمن ماليزيا إلى ألمانيا إلى روسيا إلى مصر والسعودية وغيرها من الدول التي بُعِثَ شبابُ اليمن طلاباً للعلم فيها .. انتفضوا بمظاهرات عمت أرجاء السفارات والقنصليات كما طغت على أخبار مواقع التواصل الاجتماعية والمواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية.. هبوا لا إرادياً بدون أي توافق أو تخطيط مسبق بل كان المنظم لهم (ترمومتر الظلم) الذي بلغ أعلى درجة له في ظلم شباب غادروا وطنهم ليقاسوا الغربة بكل معانيها حتى يعودوا محملين بنياشين النجاح وتيجان التفوق ليساهموا بخبراتهم في بناء مستقبل بلدهم كلٌ في مجال تخصصه .
هبوا لا يلقون بالاً لقيل أو قال.. مؤمنين بعدالة مطالبهم وشرعية حقوقهم.. مستندين على قوانين دستورهم المضيع في دهاليز سفاراتهم بتعتيم عتاولة الفساد المستشري كالسرطان الخبيث بعدما ضاق به الوطن من الداخل ليمتد إلى الخارج .. هبوا هبة حق .. لا يريدون سوى الحقوق التي تؤمن لهم لقمة عيش هانئة وأجواء تعليمية مستقرة في بلدان الشتات والغربة ليكملوا (مسيرة) العلم التي أصبحت مع هذه الأحوال (معركة) ضد الجهل والفساد معاً .
سمعنا ورأينا تلك الوقفات الاحتجاجية أمام سفارة اليمن في ماليزيا وتلك التي في مصر وألمانيا، وسمعنا ما تناقله الكثير عن طريقة التعاطي مع هؤلاء الشباب من قبل حماة الطغاة في تلك السفارات. وسمعنا ورأينا أيضاً تلك الحشود الطلابية في روسيا والتي حدا بها الأمر في النهاية للاعتصام أمام السفارة ما أدى إلى إغلاقها.
لكن الوضع الأصعب والأعسر ذلك الذي هم عليه الطلاب المبتعثون في المملكة العربية السعودية؛ فما حاق بهم من ظلم هو أضعاف ما حاق بأخوتهم ممن أسلفنا ذكرهم قبلاً .. فلا هم القادرون على التعبير عن غضبهم بالاحتجاج والاعتصام _نظراً للأجواء السياسية المختلفة في المملكة_ ولا هم المنصَفون من الظلم المضاعف الذي يتجرعون مرارته بأثر رجعي حتى الآن. ذلك أنهم ومنذ بداية الابتعاث المتبادل إلى المملكة وهم يعبأون بكذبة كبرى من ساستنا ومسؤولينا من أن المبتعثين إلى المملكة في إطار التبادل الثقافي لا تشملهم المخصصات المالية الحكومية بعكس بقية أخوتهم المبتعثين إلي باقي دول العالم، رغم أن ماهو مخصص لهم من قبل الحكومة السعودية لا يكاد يسد لهم رمقا ولا يسدد لهم دينا من تلك الديون التي تكاثرت عليهم في البقالات وحتى المكتبات..!!
ليكتشفوا مؤخراً بأن ما عُبئوا به على مر السنين الفائتة _من عدم وجود مخصص مالي حكومي لهم _ هو دجل في دجل وهراء في هراء اخترعه الموغلون في الفساد ليأكلوها عليهم بغير وجه حق، بل ولا يمت للدستور بصلة؛ فليس هناك من قانون في الدستور ينص على منعهم من تلك المخصصات المالية الحكومية. لكن قدَّر الله وما شاء فعل .. وبعد أن تكشفت الصورة بالكامل ها هم يرفعون أصواتهم إلى كل المسؤولين مطالبين بصرفها في أسرع وأقرب وقت ممكن فالحال أصبح شبه محال .