كثيرةٌ هي القرارات التي تحتاج إلى حسمٍ اليوم ، متشعبة وملتوية هي المنعطفات التي تم إدخالنا فيها رغماً عنّا ، صعبة وقاسية هي دهاليس حياتنا ، وواقع مرير يعيشه أغلبية الشعب المغلوب على أمره ، المنتظر لحفنةٍ من المجرمين أن يصطلحوا على طاولة عشاء أخير وأن يقرروا مصير شعب بكاملة ويعلنون نهاية المسرحية الهزيلة ، وكأنّ شيءً لم يكن . في بلد يبيت فيه الكثيرون بلا عشاء ولا يدرون هل سوف يفطرون أم لا ؟ بينما تمتلئ موائد الفاسدون بما لذّ وطاب ! ملعونة هي السياسة ومن ساسها وسايسها هي لعبة قذرة في أفضل الأحوال والأوصاف والأقذر من ذلك أن يحارب المرء مجتمعه وبني جلدته وأن يسحقهم بالأزمات والمحن بغرض التربح السريع فهولاء هم أحقر من الأعداء أنفسهم ( هتلر ) . هي السياسة إذاً أن ينحر الشعب نفسه بنفسه وأن تحكم الأقلية وتضطهد الأغلبية ، فلا نحن طبقناها مثل من ابتدعها ولا نحن تركناها جانباً و واستخدمنا منطق الحكمة والإيمان ! هكذا هم كثير من العرب "أشدُ كفراً ونفاقاً" ، قساة عجاف كالحجارة بل أشد ! لا يمتازون بالمرونة أو الوسطية ، استنسخوا الإشتراكية فطبقوها أكثر من الماركسيين أنفسهم ، إعتنقوا الفكرة الإسلامي فتشددوا أكثر من علماء المملكة والحجاز ! تشيعوا فخرجوا عن نطاق المنطق والفكر السليم بتقديس الإشخاص والمذاهب ! لا يحكمهم حاكم ولا يقودهم قائد ولا يمتثلون لآمر بل تراهم مجاميع وقطعان بلا راعي ، كل يهاجم وينتقد الآخر "كلُ حزبٍ بما لديهمْ فرحونَ" ، والعدو منهم في راحة ونشوة ، فزمام القرار هو مايفرقهم ولا يجمعهم سوى حب الدنيا وكراهية الموت ، وقرارهم ليس في يدهم ولكن في يد أعدائهم . وهذا غيض من فيض مما نعاني منه ويعانيه غيرنا في عالنا العربي اليوم للآسف الشديد من هدم للقيم والمبادئ واستباحة للدماء وتقديس للمادة ، أزمة قيادة حقيقة تشرذمنا وتشتتنا بسببها وأصبحنا لا نعرف من نحن ! ولماذا جئنا وولدنا وماهو هدفنا في الحياة ، يأس وفراغ وحالة من الإحباط والإكتئاب في أوساط الشباب تؤدي بهم أن يكونوا وقوداً لتذكية هذه الصراعات وسط وضع لا يبشر بخير ولا يسر ناظر ولا يسعد عدو ولا صديق . القرارُ الأخيرُ هو قيادة تأخذ بيدنا إلى بر الأمان ، تأخذ على عاتقيها حمل الهم والأمانة تعمل من أجل الجميع وليس للمصالح الفردية والمنافع الشخصية ، قرار طال انتظاره وتضاربت أخباره وتوارت قيادته .