المجلس الانتقالي الجنوبي يصدر بيانًا هامًا    مجلس القضاء: المطالبة بتحسين الأوضاع ليس مبررا لتعطيل العمل بالمحاكم    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    وزير التجارة يكشف في حوار مع "الصحوة" إجراءات إنعاش الريال ويعلن عن حدث اقتصادي مرتقب    القوائم النهائية للمرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025    قبيل مشاركته بكأس الخليج.. التعديلات الجديدة في قانون التحكيم الرياضي بمحاضرة توعوية لمنتخب الشباب    ترتيبات لاقامة مهرجان زراعي في اب    مهما كانت الاجواء: السيد القائد يدعو لخروج مليوني واسع غدًا    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    السيد القائد يكشف الموقف من "احتلال كامل غزة وحل الدولتين"    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    البخيتي يحذر من صراع عربي - عربي .. هذه اولى حلقاته!    مجموعة تجارية خاصة جدا يجب أن تكون معاملتها وفقا لأحكام القانون    إصابة 2 متظاهرين في حضرموت وباصرة يدين ويؤكد أن استخدام القوة ليس حلا    منتخب اليمن للناشئين في المجموعة الثانية    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    عساكر أجلاف جهلة لا يعرفون للثقافة والفنون من قيمة.. يهدمون بلقيس    هائل سعيد أنعم.. نفوذ اقتصادي أم وصاية على القرار الجنوبي؟    حتى لا يحتضر السياسي الاعلى كما احتضر البرلمان    الأرصاد الجوية تحذّر من استمرار الأمطار الرعدية في عدة محافظات    عاجل: من أجل الجبايات.. الجعيملاني والعامري يأمران بانزال المدرعات إلى تريم واستخدام العنف    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    محاضرات قانونية بالعاصمة عدن لتعزيز وعي منتسبي الحزام الأمني    من هي الجهة المستوردة.. إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثي في ميناء عدن    سون نجم توتنهام يصبح أغلى صفقة في الدوري الأميركي    سلة آسيا.. لبنان يكسب قطر    خسارة موريتانيا في الوقت القاتل تمنح تنزانيا الصدارة    آسيوية السلة تغيّر مخططات لمى    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تنعيان الشيخ محسن عطيفة    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    طالت عشرات الدول.. ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    الاتحاد الأوروبي يقدم منحة لدعم اللاجئين في اليمن    خبير طقس يتوقع أمطار فوق المعدلات الطبيعية غرب اليمن خلال أغسطس الجاري    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    صحيفة بريطانية : إجراءات حكومية جريئة وراء التعافي المفاجئ للعملة اليمنية    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    أربع مباريات مرتقبة في الأسبوع الثاني من بطولة بيسان    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    تعز .. ضغوط لرفع إضراب القضاة وعدم محاسبة العسكر    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



#الأمم_المتحدة تقر بوجود تحقيقات فساد «سرية» لمسؤولين يعملون لوكالاتها في اليمن
نشر في عدن الغد يوم 06 - 08 - 2019

«لا أنسى أبداً القول إن تجويع الملايين ليست الجريمة الوحيدة، بل إن استخدام مقرات المنظمات الإنسانية وسياراتها والحماية التي يتمتعون بها لتهريب ونقل قيادات حوثية يعد بمثابة جريمة حرب من الدرجة الأولى... يجب أن يخجل الموظفون المتورطون من أنفسهم، وكيف ظلوا يزايدون باسم أخطاء الطيران وهم في الحقيقة مَن حوّلوا مقراتهم لمراكز عسكرية حوثية».
بهذه الكلمات الساخنة، اشتعلت كلمات الدكتور حمزة الكمالي وكيل وزارة الشباب والرياضة اليمني، تعليقاً على تحقيق نشرته «أسوشيتد برس» الأميركية أمس، يكشف عن تحقيقات تجريها الأمم المتحدة مع مسؤولين وموظفين بوكالات إغاثية تابعة للمنظمة الدولية في اليمن، بتهم فساد وتعاون مع الحوثيين، والانضمام إليهم بالقتال أيضاً.
في العاشر من سبتمبر (أيلول) عام 2017، حين نشرت «الشرق الأوسط» قصة خبرية بعنوان «انتقادات وتساؤلات حول دور المنظمات الدولية الإنسانية في اليمن»، طرقت القصة باب الأمم المتحدة الإغاثي الموصد في اليمن، واستمزجت رأي محللين يمنيين وخليجيين مهتمين باليمن، حول دور المؤسسات الإغاثية.
كان ذلك قبل نحو عامين، قبل أن يخرج التحقيق المدوّي، وفق ناشطين يمنيين أعلنوا أن سر إطالة الأزمة انكشف، واتضح أن هناك مَن يغذّي إطالة الحرب ولأسباب ضيقة وشخصية.
وكشف مسؤولون في الأمم المتحدة ل«الشرق الأوسط» عن وجود تحقيقات سارية بالفعل، ولكنهم قالوا إنها سرية، وإنهم ليسوا متأكدين إذا ما كان سيتم رفع السرية عنها أو عن نتائجها.
وأفصح مصدر أممي ل«الشرق الأوسط» بأن مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية في اليمن (أوتشا) يعدّ لردٍّ على ما ورد في التحقيقات.
أمام ذلك، طالب مسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية بضرورة رفع السرية عن التحقيقات، ومعاقبة المتسببين.
يقول حمزة الكمالي، وهو وكيل وزارة الشباب والرياضة في الحكومة اليمنية: «يحب أن يُكشف عن تفاصيل هذه التقارير كاملة وإظهارها للرأي العام ومعاقبة المتسببين، وقبل ذلك على الحكومة تغيير طريقة وآلية التعامل مع كل هذه المنظمات حتى تتأكد من المسار الصحيح لها».
المحلل السياسي اليمني البراء شيبان يعلق في اتصال مع«الشرق الأوسط» بالقول إن «الفضيحة الكبيرة تكمن في بقاء مكاتب الأمم المتحدة مصرةّ على العمل من داخل صنعاء، رغم تحذيرنا والكثير من الناشطين اليمنيين من وجود فساد كبير وأنه لا يمكن أن يسمح الحوثيون للمنظمات بالعمل من دون أن تكون الجماعة مستفيدة»، متابعاً أن «وجود الأدلة الآن يجعل مصداقية تقارير الأمم المتحدة على المحكّ، ولا يمكن أن نصدق أن التقارير هذه لم يتم تسييسها خلال الفترة الماضية».
- مصادرة الأدلة
تبدأ القصة بمشهد درامي وقع خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2018، حين احتشد محققون تابعون للأمم المتحدة في قاعة المغادرة داخل مطار صنعاء، واستعدوا للرحيل حاملين معهم دليلاً بالغ الأهمية: مجموعة من الحواسب المحمولة ومحركات أقراص خارجية جرى جمعها من موظفين لدى منظمة الصحة العالمية. ساد لدى المحققين اعتقاد بأن هذه الحواسب تحوي دليلاً على وقوع جرائم فساد واحتيال داخل مكتب الأمم المتحدة في اليمن. ولكن، وقبل صعودهم على متن الطائرة، اقتحم رجال مدججون بالسلاح من الميليشيات الحوثية التي تسيطر على مناطق بشمال اليمن، صالة المطار وصادرت الحواسب، حسبما أفاد 6 من مسؤولي الإغاثة السابقين والحاليين للوكالة الأميركية التي تُختصر ب«أ.ب». لوهلة ساد أولئك المحققين ذهول من الموقف. لم يمسهم سوء، لكنهم سافروا من دون الأدلة.
وذكر المسؤولون الستة أن الميليشيات الحوثية جرى إخطارها بالأمر من جانب موظفة في منظمة الصحة العالمية على صلة بالجماعة المتمردة خشيت أن يفتضح أمر اختلاسها من أموال المساعدات. ورفض المسؤولون الستة كشف هويتهم نظراً لأن مسألة الاستيلاء على الحواسب لم يعلَن عنها من قبل.
هذا المشهد يعد حلقة أخرى من نضال مستمر ضد الفساد الذي يحرم اليمنيين التعساء من أغذية وأدوية وأموال جرى التبرع بها لصالحهم في خضم حرب أهلية مشتعلة بالبلاد منذ خمس سنوات.
- مقاتلون أمميون؟
هناك اتهامات ل12 موظفاً بمجال الإغاثة تابعين للأمم المتحدة ممن جرى إرسالهم للتعامل مع الأزمة الإنسانية التي خلقتها الحرب، بالانضمام إلى مقاتلين من مختلف الأطراف لإثراء أنفسهم بمليارات الدولارات المتمثلة في مساعدات متدفقة على البلاد، تبعاً لما ذكره أشخاص على معرفة بالتحقيقات الداخلية الجارية في الأمم المتحدة ووثائق سرية اطّلعت عليها الوكالة.
وفي تعليقه على ذلك، يقول حمزة الكمالي: «منذ اللحظة الأولى للانقلاب ونحن نحذّر من الدور المشبوه لمنظمات الأمم المتحدة في تغذية الحرب وإطالة أمد الصراع عبر دعم ميليشيا الحوثي، وما كشف عنه هذا التقرير أمر صادم وفاجع، فكيف يصبح من يستلمون المليارات ويتكئ عليهم المجتمع الدولي لإنقاذ المحتاجين والمتضررين من الانقلاب الفاشي بهذه الوحشية والفساد واللامسؤولية، أكثر مَن ينادون بإيقاف الحرب وأكثر مَن يعمل على استمرارها هم هؤلاء الفاسدون الذي يعملون في الأمم المتحدة ويشاركون الحوثي في طعن الشعب اليمني وسرقة قوته».
- شكوك التعاقدات
أعلنت «أ.ب» حصولها على وثائق تحقيقات، وعقدت مقابلات مع ثمانية عمال إغاثة ومسؤولين حكوميين سابقين. وتدور الفكرة الرئيسية حول أن المراجعين الماليين داخل منظمة الصحة العالمية يُجرون تحقيقاً حول مزاعم بأن أشخاصاً غير مؤهلين جرى تعيينهم في مناصب عالية الأجور، وأن ملايين الدولارات جرى إيداعها في حسابات بنكية شخصية تخص موظفين بالمنظمة، بجانب الموافقة على تعاقدات مثيرة للريبة دون توافر المستندات الورقية المناسبة، واختفاء أطنان من الأدوية والوقود تبرعت بها جهات خارجية لليمن.
وذكر نشطاء يمنيون أن الإجراءات التي اتخذتها وكالات تتبع الأمم المتحدة موضع ترحيب، لكنها لا ترقى لمستوى التحقيق اللازم لاقتفاء أثر ملايين الدولارات في صورة إمدادات وأموال من برامج إغاثة اختفت أو جرى تحويلها إلى خزائن مسؤولين محليين على جانبي الصراع منذ بداية الحرب الأهلية.
وعلى امتداد الشهور الثلاثة الماضية، ضغط نشطاء من أجل إقرار شفافية فيما يخص المساعدات في إطار حملة عبر شبكة الإنترنت أُطلق عليها «أين الفلوس؟»، وطالب النشطاءُ الأممَ المتحدة ووكالات دولية بتقديم تقارير مالية حول كيف جرى إنفاق مئات الملايين من الدولارات التي تدفقت على اليمن منذ عام 2015. العام الماضي، أعلنت الوكالة أن المانحين الدوليين تعهدوا بتقديم ملياري دولار للجهود الإنسانية في اليمن.
استجابت الأمم المتحدة بحملة عبر الإنترنت من جانبها أطلقت عليها «تفحصوا النتائج»، تكشف البرامج التي جرت داخل اليمن. ولم تطرح الحملة تقارير مالية تفصيلية حول كيفية إنفاق أموال الإغاثة.
وحيال ذلك، قال البراء شيبان في سياق تعليقه ل«الشرق الأوسط»: الحملة التي أطلقها الناشطون اليمنيون اتضح أنها كانت على حق وأن أسئلتهم كانت مشروعة وأن المكاتب الأممية لم تستطع الإجابة عن أسئلتهم لأنها كانت أدلة واضحة ودامغة عن الفساد الموجود من قبل بعض موظفي المنظمات.
- موظفون لرعاية كلب مسؤول
كان التحقيق الذي يجريه مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن قد بدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) بمزاعم تفيد بحدوث سوء إدارة مالية من جانب نيفيو زاغاريا، وهو طبيب إيطالي تولى رئاسة مكتب صنعاء التابع للوكالة منذ عام 2016 حتى سبتمبر 2018، تبعاً لما ذكره ثلاثة أشخاص على معرفة مباشرة بالتحقيق.
وجاء الإعلان الوحيد عن التحقيق في عبارة مدفونة في طيات 37 صفحة من التقرير السنوي للمراجع المالي الداخلي لعام 2018 حول النشاطات على المستوى العالمي. ولم يذكر التقرير زاغاريا بالاسم.
وخلص التقرير الذي صدر في الأول من مايو (أيار)، إلى أن الضوابط المالية والإدارية المعمول بها في مكتب اليمن «غير مُرضية» -التصنيف الأدنى- وأشار التقرير إلى وجود تجاوزات في إجراءات التعيين وإقرار صفقات على نحو غير تنافسي وغياب المراقبة عن إجراءات التوريد.
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم منظمة الصحة العالمية، طارق جاسارفيتش، أن تحقيقاً يجري بالفعل. وقال إن زاغاريا تقاعد في سبتمبر 2018، لكنه لم يؤكد أو ينفي ما إذا كان زاغاريا نفسه قيد التحقيق، وفقاً للتحقيق الذي نشرته الوكالة الأميركية.
وقال: «مكتب خدمات المراقبة الداخلية يجري حالياً تحقيقاً حول جميع المسائل التي جرت إثارتها. ويجب أن نحترم سرية هذه العملية، ونحن من جانبنا غير قادرين على خوض تفاصيل مسائل بعينها». من ناحيته، لم يستجب زاغاريا لأسئلة بعثت بها «أ.ب» بها عبر البريد الإلكتروني.
يُذكر أن زاغاريا عمل في منظمة الصحة العالمية طيلة 20 عاماً، وقد وصل إلى اليمن في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وذلك بعد فترة عمل قضاها في الفلبين لمدة أربع سنوات.
وعيّن زاغاريا عاملين شباباً سبق أن عملوا معه في الفلبين وأمر بترقيتهم إلى مناصب ذات رواتب مرتفعة لم يكونوا مؤهلين لها، حسبما أفاد ثلاثة أشخاص.
وحصل اثنان منهم -أحدهما طالب بجامعة فلبينية ومتدرب سابق- على مناصب رفيعة، بينما كان دورهما الوحيد رعاية كلب زاغاريا، حسبما ذكر اثنان من المسؤولين. وقال مسؤول سابق في مجال الإغاثة إن «موظفين يفتقرون إلى الكفاءة يتقاضون أجوراً ضخمة قوضوا مستوى جودة العمل». وتشير مزاعم إلى أن زاغاريا وافق على تعاقدات مريبة وقّع عليها موظفون بالمكتب دون عملية مناقصة تنافسية أو توثيق لإجراءات إنفاق الأموال، تبعاً لوثائق داخلية اطّلعت عليها «أ.ب».
تحت قيادة زاغاريا، جرى استغلال أموال المساعدات التي كان من المفترض إنفاقها في أثناء فترات الطوارئ، جرى استغلالها كذلك بقدر قليل للغاية من المساءلة أو المراقبة، تبعاً لما كشفته وثائق داخلية.
- حوثية تعمل مع الأمم المتحدة
تشير الوثائق إلى أن شركات محلية تعاقدت لتوفير خدمات لمكتب عدن التابع لمنظمة الصحة العالمية، جرى لاحقاً اكتشاف أنها استعانت بأصدقاء وأقارب لموظفين داخل منظمة الصحة العالمية وفرضت رسوماً مبالغاً فيها مقابل الخدمات المقدمة. وشوهد مالك إحدى هذه الشركات يسلّم مبلغاً نقدياً لموظف بالمكتب، حسبما ذكرت الوثائق (رشوة واضحة). وقال أربعة أشخاص على علم بنشاطات المكتب إن موظفة تتبع منظمة الصحة العالمية تُدعى تميمة الغولي، كانت هي من أخطر الحوثيين، قالت بأن محققين يسافرون برفقتهم أجهزة حواسب محمولة. وقالوا إنها اختلقت قوائم رواتب وأجور، وأضافت إليها أسماء وهمية وجمعت الرواتب لنفسها، بجانب تلقيها رشى لتعيين أشخاص. ومن بين مَن وضعت أسماءهم على قائمة الأجور، زوجها وهو عضو بارز مع الجماعة الحوثية.
ومنذ ذلك الحين جرى إيقاف الغولي عن العمل، لكنها تبقى موظفة لدى منظمة الصحة العالمية، طبقاً لما أفاد به شخص على معرفة مباشرة بالحادث. ولم تستجب الغولي لمحاولات «أ.ب» التواصل معها.
- الأموال المباشرة
جدير بالذكر أنه تبعاً لقواعد منظمة الصحة العالمية، يمكن نقل أموال المساعدات بصورة مباشرة إلى حسابات العاملين -وهو إجراء يُقصد منه إسراع وتيرة شراء السلع والخدمات في حالة الأزمات. وقالت منظمة الصحة العالمية إن هذا الإجراء ضروري للحفاظ على العمليات الجارية في المناطق النائية نظراً لأن القطاع المصرفي في اليمن غير عامل بصورة كاملة.
ونظراً لأن مثل هذه الإجراءات مقتصرة على الطوارئ، فإنه ليس هناك ما يلزم لتعيين بنود إنفاق هذه التحويلات المباشرة. من جهته، وافق زاغاريا على تحويلات لأموال مباشرة بقيمة مليون دولار لحساب موظفين بعينهم، تبعاً لما كشفته وثائق داخلية. إلا أنه في كثير من الحالات من غير الواضح كيف جرى إنفاق المال.
من ناحيته، تلقى عمر زين رئيس مكتب عدن التابع للوكالة والذي يعمل تحت قيادة زاغاريا، مئات الآلاف من الدولارات من أموال المساعدات في حسابه الشخصي، وفقاً لما كشفته مقابلات جرت مع مسؤولين ووثائق داخلية. إلا أن زين لم يتمكن من شرح ما حدث مع ما يزيد على نصف هذه الأموال، تبعاً لما توضحه وثائق داخلية.
وذكر أربعة أشخاص على معرفة مباشرة بعمليات الإغاثة في جنوب اليمن أن زين عمل كذلك مستشاراً رسمياً لوزير الصحة في الحكومة اليمنية الشرعية التي تتخذ من عدن مقراً لها، وأدار منظمة غير هادفة للربح تابعة له وقّعت تعاقداً بقيمة 1.3 مليون دولار مع الأمم المتحدة لإدارة برامج تغذية في مدينة المكلا. وخلقت هذه الترتيبات تعارضاً للمصالح، حسبما أفاد الأشخاص الأربعة.
من ناحيتها، رفضت «اليونيسيف» لاحقاً تجديد العقد مع المنظمة غير الربحية المملوكة لزين بعد اكتشافها أن المنظمة تزوّر تقارير وليس لها وجود فعلي على الأرض داخل المكلا، حسبما ذكر مصدران مطلعان.
وعندما تواصلت «أ.ب» معه، رفض زين التعليق وقال إنه استقال من منصبه بوزارة الصحة. وفي سؤال له حول ما إذا كان يخضع لتحقيق بتهمة الفساد، قال: «مَن سرّب إليكم هذا الخبر بمقدوره الإجابة عن هذا السؤال».
- انقلابيون يتجولون بسيارات أممية
يُذكر أن منظمة الصحة العالمية ليست الوكالة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي تنظر في أمر مزاعم وقوع تجاوزات من جانب موظفيها في اليمن. تبعاً لما ذكرته ثلاثة مصادر على علم بالتحقيقات، فإن «اليونيسيف» تجري تحقيقاً مع خرام جاويد، الباكستاني المشتبه في سماحه لمسؤول حوثي بارز باستخدام سيارة تتبع الوكالة.
وكان من شأن ذلك توفير حماية فعلية للمسؤول الحوثي من ضربات جوية يشنها التحالف الذي تقوده السعودية ويقاتل الحوثيين، نظراً لأن «اليونيسيف» تخطر التحالف بتحركات سياراتها لضمان سلامة العاملين لديها. وقال مسؤولون إنهم يخشون تعرض سيارات الوكالة للاستهداف من جانب ضربات جوية إذا ما ظنت قوات التحالف أن الحوثيين يستخدمونها. وكان جاويد معروف بصلاته الوثيقة مع الأجهزة الأمنية الحوثية وتفاخَر باستغلاله صلاته في منع مراجعي «اليونيسيف» الماليين من دخول البلاد، حسبما أفاد عامل سابق ومسؤول بمجال الإغاثة، بل وعلق الحوثيون لوحة إعلانات ضخمة تحمل صورته في أحد شوارع صنعاء شكراً على خدماته.
ولم تتمكن «أ.ب» من الوصول إلى جاويد للحصول على تعليق. لكنّ مسؤولين تابعين ل«اليونيسيف» أكدوا أنه كجزء من التحقيق الجاري، سافر فريق تحقيقات إلى اليمن للنظر في هذه المزاعم، وقالوا إن جاويد جرى نقله لمكتب آخر، لكن لم يكشفوا موقعه.
وطبقاً لما ذكره الكثير من الأشخاص تعد العلاقات الوثيقة بين عاملين في الأمم المتحدة ومسؤولين محليين من كلا طرفي النزاع، أمراً شائعاً.
- تأشيرات مقابل توظيف الأتباع
ذكر تقرير صادر عن لجنة تابعة للأمم المتحدة معنية باليمن، أن السلطات الحوثية تضغط باستمرار على وكالات الإغاثة، وتجبرها على تعيين موالين لها، وتخوفها بتهديدات إلغاء الفيزات بهدف السيطرة على تحركاتها والمشروعات التي تتولى تنفيذها.
وقال مسؤولون إنه من غير الواضح عدد العاملين الذي ربما يمدون يد العون للمقاتلين. وذكر مسؤولون أن العديد من الحوادث التي وقعت في السنوات الأخيرة تشير إلى أن عاملين لدى الأمم المتحدة ربما تورطوا في سرقة مساعدات موجهة إلى اليمن.
وأشارت تقارير تابعة للأمم المتحدة من عامي 2016 و2017، حصلت «أ.ب» على نسخة منها، إلى عدة حوادث تعرضت خلالها شاحنات تحمل إمدادات طبية للاختطاف من جانب متمردين حوثيين داخل محافظة تعز. وجرى توزيع المساعدات لاحقاً على المقاتلين الحوثيين في الخطوط الأمامية التي تقاتل التحالف الذي تقوده السعودية أو جرى بيعها داخل مناطق يسيطر عليها متمردون.
وقال مسؤول إن عجز الأمم المتحدة أو عدم استعدادها لتناول الفساد المزعوم في برامج الإغاثة التابعة لها يضر بجهود المنظمة في مساعدة اليمنيين المتضررين من الحرب. وقال: «هذه فضيحة لأي وكالة وتقوض حيادية الأمم المتحدة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.