ببالغ الأسى والحزن تلقينا نبا استشهاد الأخ العزيز صالح مثنى عبيد الردفاني في يوم 21\فبراير2013م في خور مكسر وذلك من قبل قوى نظام الغدر والخيانة أصحاب البنادق الآثمة من قوات نظام الاحتلال الشمالي التي لم تتورع في قتل كوادر الجنوب والمدنيين الجنوبيين المسالمين بدون استثناء منذ قيام الوحدة عام 1990. بالأصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي في المجموعة الأكاديمية في الحراك السلمي الجنوبي نزف تعازينا الحارة إلى أسرة الشهيد وأهله وذويه بهذا المصاب الجلل ونعزي أنفسنا في المقام الأول كأكاديميين وحراك وشعب في الجنوب لكون الشهيد قدم حياته ثمن لاستعادة الكرامة الجنوبية والسير قدما نحو انجاز الحرية الكاملة لشعب الجنوب المناضل الصابر.
الجدير بالذكران الشهيد من مواليد 1947م قرية الشحة مديرية حبيل جبر ردفان لحج متزوج وأب لعشرة أفراد اثنين ذكور (توأمين) وثمان إناث ينحدر الشهيد من أسرة فلاحية فقيرة وساهم إلى جانب والده في إعالة أسرته .التحق الشهيد بمعلامة تدريس القرآن الكريم ثم شارك إلى جانب ثوار ومناضلي ثورة 14 اكتوبر في الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني وهو في الخامسة عشر من عمره وفي عام 1970م التحق في السلك العسكري في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهناك واصل تعليمه حتى حصل على مستوى متوسط، عمل في لواء عباس كتيبة المدفعية حتى عام1981م.وبعد ذلك مباشرة انتقل من العمل العسكري إلى العمل المدني في الزراعة (محطة تأجير الآليات الزراعية ردفان) حتى عام 1994م وفي حرب صيف 1994م كان الشهيد من ضمن المدافعين عن الجنوب في تلك الحرب الظالمة من قبل نظام الجمهورية العربية اليمنية، إذ كان في طليعة المقتحمين لمعسكر الراحة في ردفان التابع لقوات الاحتلال في حرب 94م الذي اجبر على الرحيل الى محافظة ابين الجنوبية.
لقد نشأ الشهيد وترعرع في مسقط رأسه (الشحة) الذي تحيط بها قرى عديدة مثل حبيل الجبر وحبيل الجلدة وحبيل السبحة والضبرة وبين الواديين والتي تعد من المعاقل الأساسية للعديد من رجال ثورة 14 أكتوبر وسبتمبر (الذئاب الحمر ) والذي كان رجالها مناضلون اشداء لا يعرفون المهادنة مع من يريد احتلال بلادهم اكان في الماضي او الحاضر او المستقبل فقد قاوم اسلاف الشهيد للاحتلال الزيدي والاستعمار البريطاني حتى ان بريطانيا استحدثت مركز عسكري في مسقط راس الشهيد ( الشحة ) لمحاولة وأد المقاومة المسلحة حينها الا انها فشلت . الشهيد قبل مشاركته في الثورة السلمية الجنوبية التحررية كان له السبق في المشاركة في الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني عام 1963م عندما كان شابا يافعا في مقتبل العمر في سن الخامسة عشر ولم يخلع بدلة النضال طيلة حياته حتى استشهد .وإذا تأملنا في سيرة حياة الشهيد سنجد إنه تغلب على العديد من المصاعب رغم المعاناة فهو الشهيد الوحيد الذي قضي نحبه وهو يمتلك عشرة أطفال وهذا يدل دلالة قاطعة بان الشهيد لم يتردد في التضحية بنفسه وبمستقبل عشرة من أولاده من اجل الجنوب.
كان للشهيد دور بارز في حث الشباب للمشاركة في مسيرات الحراك السلمي حيث كان ينقلهم وينقل الجرحى بسيارته التي تعتبر مصدر رزقه الوحيد. الحراك السلمي منذ انطلاقه في 2007 لا تكاد تخلو مسيرة من مسيرات الحراك الجنوبي إلا وكان الشهيد في مقدمتها فهو يذهب إليها بأي حال مشيا أو زحفا حامل علم الجنوب في يده , ليس له سلاح سوى عاطفة الثورة على الظلم والنغمة على الظالمين. لقد مضاء رافض الذل يطلب الموت ثمنا للاستقلال والحياة الكريمة لأنه يعرف أن الطغيان يؤدي إلى الإذلال وبن عبيد حر والحر لا يقبل الذل والهوان فصمد في الساحة إلى آخر رمق في حياته لان المقاومة هي حل لابد منه لطرد الغاصب واسترجاع المسلوب. وهكذا هو الحال (الحر الكريم قصير العمر في الدنيا) , وصدق الشاعر الشريف الرضي حين قال: أما فتى نال العلى فاشتفى .................أو بطل ذاق الردى فاستراح لقد عرف الشهيد بين رفاقه وزملائه رجل مناضلا صلبا ومتعاونا يتحلى بنكران الذات يقدم مصلحة الشعب على مصلحته الشخصية لم تفارق وجهه الابتسامة, كان يرد الشعار الثوري ( اما استعدنا الكرامة .... او الموت وسط الميادين ولم يتردد في تلبية ندا الواجب وهو الاحتشاد في عدن للاحتفال بمناسبة 21 فبراير الذكرى السنوية لإفشال الانتخابات حيث وصل الشهيد الى ساحة الشهيد الدرويش في خور مكسر في عشية 21 فبراير وافترش الساحة لعدم وجود شخص قريب منه يمتلك بيت في عدن ليأويه وفي صباح يوم 21 فبراير كان الشهيد في مقدمة المناضلين السلميين الراجلين الذين حاولوا اقتحام ساحة الحرية بخور مكسر وسط اطلاق نار كثيف الا انه سقط شهيدا وانتقلت روحه الطاهرة الى بارئها, وعندما اسعف الى المستشفى وجدت في جيبه 150 ريال فقط بعد استشهاده في موقف حرك مشاعر الحاضرين من اصدقائه الذين تعهدوا بالسير على دربه وهنا نستلهم امر هام و هوا ان هذه الثورة هي ثورة جياع ومظلومين في طريقها الى النصر بإذن الله.
الجماهير الجنوبية دوما كانت وفيه للشهداء فشيعت الشهيد في موكب جنائزي مهيب انطلق من مستشفى الصداقة بعدن إلى مقبرة الشهداء بردفان وكان تشييع كبير ومتميز حضي باستقبال حاشد من جماهير لحج الأبية الرافعين لأعلام الجنوب وصور الرئيس علي سالم البيض . كذلك تم نصب مخيم للشهيد في مسقط رأسه وقد توافد أليه المشاركين والمتضامنين من مختلف مديريات ردفان الأربع وكان من بين المشاركين الدكتور ناصر الخبجي رئيس مجلس الحراك م\لحج و قيادات وناشطين في الحراك السلمي ومشايخ وأعضاء مجالس محلية ومدرسين وشخصيات اجتماعية وذلك وفاء للشهيد وتضامنا معه وأسرته وكافة شهداء الحراك وأسرهم ولهذا فإننا نعاهد الشهيد وأسرته إننا سنمضي قدما بنفس الطريق الذي سلكها الشهيد وجميع شهداء الحراك السلمي ونحن عل ثقة إن دمائهم سوف تحقق أهدافها في نيل الحرية الكاملة للشعب الجنوبي. الرحمة والمغفرة لشهيدنا البطل بن عبيد وأنا لله وأنا أليه راجعون