إني عاجزٌ عن الكِتابَة فيما يجري اليومَ على ارض الجنوب ( المحتل ) لأنه يجعلُ من عقلي البشري في حالةِ تعطلٍ و عجزٍ تام عن لملمة أفكارِه. . فكيفَ لِعَقلي أن يستَوعِبَ كُل ما مَرَّ على منطقتنا العربية مِنْ أحداثٍ ! منذُ سُقوط طاغية العراق إلى سقوط طاغية ليبيا !. سقط صدام عام 2003 و سارَ الطُغَاةَ في غَيهم ظناً منهُم أنهم بِمأمنٍ, و أن ما جرى لِصَدام ما هو إلا حدث عابر بعيد تمامَ البُعدِ عَنهُم . ها هو الربيعَ العربي يُزَلزل العُروش و يَسقُط من يَسقُط و يُهدد بالسقوط من يُهَدد.
مِنْ الصَعبِ جِداً أن أستوعِب بأنَ بن علي سقط , حُسني على سَريرٍ أبيض في قَفصِ المحكمة , معمر القذافي انتقل إلى جوار ربه بطريقة مهينة , أما صالح فقد تشوه شكله و أصبحَ كالمومياءِ التي عفى عليها الزمن .....
هكذا هي الثورات تعطينا المفاجآت واحِدةً تُلوى الأُخرى , وحراك شعب الجنوب هو أحد هذه الثَورات التي جَمَدت عقلي عن التَفكير أحياناً كَثيرة , فالمُتَأَمِلْ في هَذِهِ الْثَورَة يَجِد و بِما لا يدع مَجَالاً للشَك أنَها ثَورةً مُختَلِفَةً تَماماً عَنْ باقي الثورات , و فيها جَوانِبُ لَمْ نَسمَع عَنها وَ لَمْ نُشَاهِدها إلا في حراك الجنوبيين , هذا الحراك الذي اختط لنفسه الطريق السلمي للنضال لشعب كان في يوم من الأيام دولة ... وعندما نقول دولة فأننا نعني الكلمة بكل ما فيها من معاني ...
كيفَ لي استيعاب أن هُناكَ حُكومَةً يمنية مركزية مارست وتمارس جميع أنواع الإذلال في حق أبناء الجنوب العربي المضطهدين والمطالبين بحقوقهم وذلك باستعادة دولتهم التي اختطفت منهم بين ليلة وضحاها .
دولةٌ ترسل جنودها من محافظاتها خصيصا لِقَتلِ و قمع و تعذيب شَعب الجنوب الأعزل , أليس هذا إذلال !
عِنَدما يُفصَل الآلاف مِنْ أعمَالَهُم و يُقصى المُواطِن الجنوبي صَاحِبَ الكَفاءَة العَالِية و يُستَبدل بشخص غير مؤهل ولا يحمل شهادة علمية غير انه من القبيلة المقربة , أليس هذا إذلال !
عِندَما يُعتَقَل احد الناشطين الجنوبيين و يُعَذَب ويهان وتمنع عنه الزيارات ويتحمل الأذى , أليس هذا إذلال !
عِندَما يصبح الإعلامَ العربي ممثل بالقنوات الفضائية والتي تدعي إنها نصيرة المستضعفين والمظلومين في عالمنا العربي في صمت وتجاهل لقضية شعب الجنوب تحديدا وكأن شئ لا يحدث في الجنوب , أليس هذا إذلال !
عِندَما يُعطى لجنودهم الغِطَاءَ الشرعي ... إن دم وَ مال وَ عِرض شعب الجنوب هو حَلالٌ لهم وَ يُعطى الغِطَاءَ السياسي وَ يُسَلَح بِأنواعِ الأسلِحَةِ لِقَمعِ أبناء الجنوب وتفريق المتظاهرين سلميا بكل أنواع الأسلحة والغازات المسيلة للدموع والتي تسببت في قتل الكثير من أبناء شعب الجنوب ,أليس هذا إذلال !
أما هذه الأيام التي نسمع فيها لغة الشَحن الطائِفي وان المناضل علي سالم البيض حوَّل أبناء الجنوب إلى شيعه بتحالفه مع إيران وتقديمها الدعم المالي له , أليس هذا إذلال ؟
مما لا شَكَ فيه إن أساليب سلطة صنعاء و مُنذ الأيام الأولى لقيام الحراك الجنوبي
هي أساليب فاشِلة وستظل فاشلة تجاه إرادة الشعب الجنوبي الجبار الذي بدأت من عنده رياح الربيع العربي المزلزلة لعروش الطغاة , وقدم للعالم أجمع معنى الثورة السلمية التي تقود للحرية مالم يتم فك الارتباط عنهم واستعادة دولة الجنوب .
إنني أقف إجلال وإكبار لقوة وصبر وصمود أبناء الجنوب , هذا الشعب الذي رفض ويرفض وسيبقى يرفض الإذلال والمهانة إلى أن تستعاد دولته ,فالذين يتحدثون عن تعميد الوحدة بالدم نقول لهم دماء شبابنا هي معالم نحو طريق النصر القادم الذي يلوح في الأفق القريب بأذن الله وأرواحهم فجر غدنا الوضاء لأننا جميعاً من أجل الجنوب مشاريع شهادة التحرير ورفض الذل والمهانة وهذا ليس ببعيد والله من وراء القصد ....