span style=\"font-size: medium;\"عندما هرب «زين العابدين» فارا بجلده من شعبه الذي أسقاه الذلة والمهانة لأكثر من عقدين حزن عليه طاغية ليبيا المأفون وطالب التونسيين بإعادته لأنه أفضل رئيس يمكن أن يحكمهم، وانتقد بشدة ما جرى لزميله الطاغية من شعبه الذي لا يفهم أبجديات العدالة كما يفهمها القذافي. وسقط طاغية مصر «حسني مبارك» بعد أن حكم شعبه مستبدا بكل شيء لأكثر من 3 عقود، نهب خيرات مصر، وأذل شعبها وأفقرهم، وسلم مقدراتهم للأجانب، عجما وعربا، وكان عبدا ذليلا للصهاينة والأميركان ففقدت مصر في عهده معظم مكانتها التي كانت قبله. ومرة أخرى يحزن طاغية ليبيا، فالطغاة يسيرون على منهج واحد، وأظهر «القذافي» انتقاده لشعب مصر الذي لا يقدر الطغاة ولا يصبر على ضيمهم، وطالبهم كما فعل مع طاغية تونس بأن يصبروا على «حسني» حتى تنتهي فترته الرئاسية. ولم يكن طاغية ليبيا وحده من حزن على طاغيي مصر وتونس فهناك آخرون كان بعضهم مثله وبعضهم أشد منه حزنا، والكل عبر عن حزنه بحسب قراراته وإمكانيته. وأخيرا، سقط طاغية ليبيا بعد أن قتل من أبناء بلده أكثر من 30 ألفا، وبعضهم قال 50 هذا غير المصابين وغير تدمير البلد بأكمله محققا كثيرا من تهديداته بأنه لن يترك ليبيا إلا بعد إحراقها. أخرجه قومه من حفرة كان فيها كالجرذ، ينتفض خوفا من سوء أعماله، ويتسول إلى من وصفهم مرارا بالجرذان ألا يقتلوه فهم الآن أبناؤه وأحباؤه، وانطبق عليه كما الطغاة قبله وبعده قوله تعالى على لسان كبير الطواغيت «فرعون» (فلما أدركه الغرق قال: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل). وغرق طاغية ليبيا في سوء أعماله فبكاه بشار كثيرا، كما ذرف الدمع عليه «ابن صالح» طاغية اليمن وسفاحها، الآن اقترب الموت منهما، وبدأت مفاصلهما ترتعد خشية منهم ورهبة، وتساءلا: أين المفر؟ فأجابتهما شعوبهما بلسان الحال والمقال: سنة الله واحدة، ومصير الطغاة إلى مزبلة التاريخ، وسينالكما قريبا ما نال أمثالكما من الطغاة السابقين. الطغاة يحزن بعضهم على البعض الآخر ليس محبة فيهم ولكن خشية أن يصيبهم ما أصابهم، ولو أن هؤلاء الطغاة عقلوا وما أبعد ذلك عنهم لأنصفوا شعوبهم، ولكن الله يريد لهم نهاية تليق بهم، وهذه عدالة الله التي لا تخيب. طاغية اليمن لايزال سائرا في غيه ومثله طاغية سورية، وكنت أتمنى أن يتفهموا المثل العربي «العاقل من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه» لكن أمنيتي لن تتحقق لأنه ليس في الطغاة عقلاء. * صحافي وكاتب أكاديمي [email protected] span style=\"color: rgb(0, 0, 255);\"* جريدة الانباء