span style=\"font-size: medium; \"يعتذر كاتب هذه السطور لقرائه.. أنّها خواطر متتابعة تتدفق من تلقاء نفسها، ويحسب أنّها تتدفق هي ذاتها أو ما يشابهها لدى القراء.. إذ يشاركهم فيها قدر المستطاع، فما يجري من أحداث، في أقطارنا العربية والإسلامية، لا سيما في ليبيا واليمن وسورية، يجمع القلوب إلى القلوب، والأفكار إلى الأفكار، من وراء المسافات والحدود.. فيكتب، ويعترف وهو يكتب، بما يواجهه القلم من صعوبة في صياغة كل عبارة من العبارات، ليواكب ما يعنيه مقتل القذافي، ما يعنيه رحيل طاغية آخر من الطغاة، وتحقيق انتصار آخر من انتصار الشعوب الثائرة.. على طريق صناعة المستقبل وكتابة التاريخ. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"احتفال.. في لحظة الموت؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لا يسهل الوقوف عند حدث من قبيل ابتهاج شعب بمقتل حاكمه، أو الحديث عن حقبة زمنية لم تهدأ خلالها الألسنة التي تلهج بالدعاء للتخلّص منه.. إنّما هل يمكن أن يلام شعب ليبيا الأبيّ عندما يتحوّل يوم موت القذافي إلى عيد وطني، في طول البلاد وعرضها، يشارك فيه الصغار والكبار، النساء والرجال، المدنيون والمسلّحون؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لا شكّ أنّ للموت حرمته، وشعب ليبيا المسلم يعلم ذلك، وهو الشعب المتميّز بطيبته وأخلاقه وتديّنه، على وجه التعميم، ولكن.. هل ترك القذافي طوال فترة تسلّطه حرمة من الحرمات لم ينتهكها؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لا شكّ أنّ مقتل بعض أفراد أسرة وتشريد بعضهم واعتقال آخرين، مصير يثير الإشفاق في الحالات الاعتيادية، ولكن.. هل تركت أسرة القذافي عبر ما توزّعته فيما بينها من أسباب التسلّط والبطش والإجرام أسرة ليبية دون أن تذيقها مختلف صنوف الآلام على شهيد أو شريد أو معتقل أو محروم؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لا شكّ أنّ الشماتة برؤية جثمان "العقيد" في سيارة الإسعاف، ورؤية جثث مَن صُرع معه في آخر جولة من جولاته الحربية ضدّ الشعب الثائر، شماتة تستدعي التساؤل عمّا يثيرها في النفس الإنسانية، ولكن.. هل وجد شهيد من شهداء ثورة شعب ليبيا على الاستبداد والطغيان، ولو قدرا بسيطا من الندم، بل حتى من الرعاية الصحية ومحاولة الإنقاذ من الموت بعد إصابته، مثلما وجدت عصبة القتلة من الطغاة عند إصابتهم على أيدي الثوار؟ وهل يمكن للنفس الإنسانية أن تعلو فوق الشعور بالشماتة، ممّن كان يقتل النفس الإنسانية بلا حساب، ويغتصب الحرائر ويقتل الأحرار، ولا يأبه وهو يقصف بالقذائف الثقيلة المساكن على رؤوس الآمنين فيها، المرتاعين بانتظار الموت في كلّ لحظة؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"أين يُصنف مصرع القذافي؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"كلا.. إنّ الحاكم الذي يحتقر الشعب على النحو الذي عبّر عنه الحاكم المستكبر المتعجرف في ليبيا وأولاده وأعوانه أكثر من مرة وبأبشع صورة، لا يستحق من الشعب رثاء ولا شفقة. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"إنّ مقتل القذافي ورهطه، حدث لا يجد مكانا له في مثل تلك الرؤى التي يجمعها عنوان حق يراد به باطل، والتي يسارع إلى طرحها من يدافعون عن الطغيان ويطعنون بإنسانية الإنسان، ويدافعون عن الإجرام، ويغفلون عن ضحايا الإجرام، بل فيهم من يتمسّحون فجأة بعنوان شرعية الحكم، وهم يعلمون أنّه لم تكن له مشروعية في يوم من الأيام. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لا يجد هذا الحدث مكانه إلا حيث خصّص سجلّ التاريخ مكانا للنمرود وعاد وإرم وفرعون ونيرو وستالين وهتلر وتشاوسيسكو.. وأقرانهم من الأقطار العربية الثائرة، اللاحقين بهم على طريق السقوط.. وعلى طريق ميتة لا تجد من يأسف عليهم بسببها، سيّان كيف تكون. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لقد تحرّر شعب ليبيا بعد أن قضى ردحا من الزمن استغرق جيلا كاملا أو أكثر، وهو يعاني من وجود طاغية وأعوان طاغية، كان باستطاعتهم توظيف ما تسلّطوا عليه من الإمكانات والثروات والطاقات الكبيرة في ليبيا وفي شعبها، لتحقيق أهداف الحياة الكريمة العزيزة، للشعب.. ولو صنعوا ذلك فلربما غفر لهم الشعب وصولهم إلى السلطة تسلّطا، وتوزيعها فيما بينهم رغم إرادة شعبهم، كما لو كان ملك يمينهم، ولكنهم بدلا من ذلك اختاروا لأنفسهم عقب اغتصاب السلطة، ممارسة الإجرام بحق الشعب ووطنه واستغلال إمكاناته وثرواته وطاقاته. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"تحرّر شعب ليبيا واستطاع ثواره -رغم التدخل الأجنبي- أن ينتزعوا لأنفسهم زمام المبادرة أكثر من مرة، سواء في متابعتهم طريق الثورة البطولية بينما كانت القوى الدولية تتحدّث عن حتمية الحلّ السياسي واستحالة الحل العسكري، أو في حسمهم الأوّل لمعركة التحرّر بسيطرتهم على طرابلس رغم تحذير من حذر من ذلك بمختلف الأساليب، أو في مواقفهم الحالية عبر قياداتهم الشبابية الرافضة أن يتمّ ترسيخ مراكز قوى ترتبط بقوى أجنبية، وإصرارهم على بناء بلدهم بأنفسهم عبر إرادة شعبهم، ثم تكون العلاقات مع أي طرف خارجي علاقة تقرّرها المصلحة العليا لليبيا وشعبها.. وسينتصرون في هذه المعركة بإذن الله، كما انتصروا في معركة "الشعب يريد إسقاط النظام". span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"هل يوجد من الطغاة من يعتبر؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لم يأخذ القذافي العبرة من مصير جاريه في تونس ومصر، فليبيا -على حدّ زعمه ووفق إلهامات استكباره- ليست مثل تونس ولا مثل مصر، فهي في قبضته الهمجية "كانت" أكثر مما كانت تونس ومصر في قبضة قرينيه من قبل، وقد يصحّ ذلك أو لا يصحّ.. سيّان، فليس هذا هو الفارق الحاسم بشأن مصير الثورة ما بين بلد عربي وآخر، ولا قيمة له مقابل التطابق الكبير بين شعب وشعب، وإرادة وإرادة، وعزيمة وعزيمة، وتضحيات وتضحيات، فالسنة الربانية والتاريخية واحدة.. من انتصر لنفسه ضدّ الطاغوت، لا بد أن ينتصر ولا بد أن يسقط الطاغوت، فإما أن يرحل هاربا، أو يرحل مخلوعا، أو يرحل مقتولا... span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"ولم يأخذ الطغاة في اليمن وفي سورية العبرة من مصير أقرانهم في تونس ومصر، فسلكوا سلوك طغاة ليبيا، وظنّوا وقد طالت ثورة التحرّر من طغاة ليبيا، أنّ باستطاعتهم "معا.. كلّ منهم حيث يملك القدرة على استخدام التسلّط في التقتيل والتنكيل والتدمير" وقف المسيرة التاريخية المتدفقة، وها هو الحدث المفصلي في ليبيا يوم 20/ 10/ 2011م يصرخ في وجوه طغاة اليمن وسورية: لقد انتهى أمركم وعهد طغيانكم.. أنتم ساقطون، اليوم أو غدا، سيّان، أنتم ساقطون، فاختاروا لأنفسكم كيف تسقطون، وليس في إمكانكم أن تختاروا كيف تنجون، فحتى استسلامكم لا ينجيكم من العقاب الذي تستحقون، في الدنيا، وفي الآخرة. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"هل يشكّ أحد في انتصارات أخرى؟ span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"الشعوب العربية الموحّدة رغم حدود التجزئة الاستبدادية المستمرة على درب التجزئة الاستعمارية الموروثة، تتلاقى من وراء تلك الحدود، ولهذا كان إسقاط طاغية تونس مصدرا من مصادر الإلهام والعزيمة في ثورة شعب مصر، وكان إسقاط طغاة تونس ومصر، مصدرا من مصادر الإلهام والعزيمة في ثورات شعوب ليبيا واليمن وسورية، اندلعت في أوقات متقاربة، ولا حاجة للتنبّؤات من أجل استشراف التقارب الزمني المنتظر لوصولها إلى لحظة النصر الحاسمة. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"قبل فترة وجيزة.. عندما أحرز ثوار ليبيا نصرهم المؤزر في طرابلس، ظهرت أصداؤه في اليمن وفي سورية، في دفعة قوية إضافية لثورة الأحرار، في كل مدينة وقرية، واليوم أيضا، ستظهر أصداء مقتل الطغاة في ليبيا، في كل موقع من مواقع الثورة في اليمن وسورية.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"جوهر الطغيان واحد.. وجوهر الاستبداد واحد.. وجوهر القمع واحد.. ومصير القتلة واحد. وجوهر الثورة واحد.. وهدف الثورة واحد.. ودرب الثوار واحد.. وانتصار الشعوب واحد. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"يا أيها الثوار الأحرار في صنعاء ودمشق، في تعز وحمص، في عدن وحلب، في تعز والقامشلي، في صعدة واللاذقية، في أب ودرعا.. آن أوان النصر، آن أوان إسقاط الطغاة، آن أوان تلاقي تضحياتكم جميعا، وبطولاتكم جميعا، على الهدف الجليل العزيز، مع التضحيات والبطولات التي شهدتها طرابلس وبنغازي، وبني وليد وسرت، وأخواتها، في ليبيا ومن قبل في مصر وتونس. آن أوان النصر.. فهبّوا هبّة شعب واحد، وثورة شاملة، لتحقيق وانتصار وشيك. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"أعوان الطغاة.. والمتردّدون عن الثورة span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لا يزال أمام شعوب تونس ومصر وليبيا طريق الثورة مفتوحا.. إلى أن يتحقق الهدف الثاني، هدف البناء، لتستقر دعائم المجتمع والدولة على ما يضمن الكرامة والحرية والوحدة والعدالة وأسباب التقدم والرقي. ولن تكتمل احتفالات النصر في تونس ومصر وليبيا، دون أن تحتفل شعوبها مع شعب اليمن وشعب سورية، وسائر الشعوب العربية والإسلامية بتحقيق أهداف الكرامة والحرية والوحدة والعدالة والتقدّم والرقي. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وأنتم اليوم -أيها الثوار في اليمن وفي سورية- قاب قوسين أو أدنى من إسقاط الطغاة، ولا ينبغي أن يذوقوا لحظة واحدة طعم الراحة، فراحتهم تعني مزيدا من الضحايا ومزيدا من الأشلاء ومزيدا من المظالم والجرائم المتراكمة عبر عشرات السنين. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لقد أثبتت نهاية القذافي على وجه الخصوص، أنّ ما كان يصطنعه من مظاهرات التأييد، زبد يذهب جفاء، وتبقى الثورة.. وستثبت نهاية الطغاة في اليمن وفي سورية، أن ما يصطنعونه من مظاهرات التأييد، زبد يذهب جفاء، وتبقى الثورة. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"يرحل الطغاة ويرحل معهم ما صنعوه.. ليلقوا به ما يستحقون يوم الحساب الأكبر، على كل روح أُزهقت، وكل نفس قتلت، وكل آهة ألم انطلقت وكل صورة من صور التنكيل والحرمان شوّهت عهودهم.. فماذا عن أولئك الذين يستخدمونهم بيادق وأدوات، أو يستغلون تسلّطهم لسوقهم سوقا إلى دعم بقائهم.. ودعم استمرار ما يرتكبون من جرائم بحق الشعوب؟.. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"إنّ أعوان الطغاة والمنتفعين من الطغيان، والموالين للطغيان مقابل ثمن بخس في الحياة الدنيا سيجدون أنفسهم بين ليلة وضحاها، دون أسيادهم من الطغاة، في هذه الحياة الدنيا، ثمّ أمام ما لا يستطيعون دفعه عن أنفسهم من العقاب يوم القيامة. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"أمّا أولئك الذين ما يزالون يتردّدون عن سلوك طريق الثورة على الطغاة، ويستشعرون ثقل القيود والأغلال، وما يزالون يخشون أن ينالهم نصيب من القمع والتنكيل، كما يقال بشأن أهلنا في بعض أحياء مدننا، في سورية أو في اليمن، فليعلموا أنّ التردّد لا يحطّم القيود والأغلال، ولا يمنع القمع والتنكيل، كما أنّه لن يمنع انتصار ثورة الشعب على الطغاة.. فلا يكوننّ تأخير النصر وزرا تحملون أثقاله على عاتقكم، ولا يكوننّ تحقيق النصر -المحتم بإذن الله- دون مشاركتكم. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"آن الأوان أن تكونوا قطعة من ثورة صناعة المستقبل لا قطعة من عهد مظلم يوشك أن يرحل. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"واجب النصرة الشعبية.. الآن span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"آن الأوان أيضا أن تتلاقى شعوب الأقطار العربية والإسلامية جميعا، على طريق دعم أهداف التحرر والكرامة والعدالة في سورية واليمن، وفي كل مكان من الأرض. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"المعوّل على نصرة الشعوب.. ويجب أن تظهر للعيان في كل مكان، وليس المعوّل -أيها العرب والمسلمون- على أنظمة حكم تساوم على مصيرها هي، عبر المساومة تارة على بقاء الطغاة، وأخرى على دعم الثورات، فتقدّم خطوة وترجع خطوات، وتساهم في إعطاء المهلة بعد المهلة لطغيان الطغاة، وكأنّها تتمنّى -وما أبعد تلك التمنيات عن الواقع- أن ينتصر من يستحيل انتصاره من الطغاة، على شعوب ثائرة يستحيل تحطيم إرادتها بعد اندلاع ثوراتها. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"مقتل القذافي بعد 42 سنة إجرامية من سنوات تسلّطه على شعب ليبيا، حدث يؤكّد ما تعنيه إرادة الشعوب إذا أرادت الحياة.. ولن يبقى من بعده طاغية يوجّه السلاح لصدور الشعب، ويجنّد القتلة الهمجيين لقمع الشعب، دون أن يلقى عقابه العادل، سواء وجد الطغاة في سورية واليمن العبرة في قرينهم القتيل.. أم لم يجدوا، فالأهمّ منهم ومما يصنعون ويتوهّمون، أنّ كل انتصار يحققه شعب من الشعوب، يتحوّل ألى وقود انتصار شعب آخر من بعده.. وإن نصر الله قريب يا شعب اليمن فأبشر بالنصر، وإن نصر الله قريب يا شعب سورية فأبشر بالنصر.. وإن نصر الله قريب يا أيها المستضعفون والمظلومون في كل أرض فأبشروا بالنصر. span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" span style=\"color: rgb(0, 0, 255); \"span style=\"font-size: medium; \"*العرب أونلاين