يسيطر التلوث على سماء اليمن بشكل لافت بسبب مصانع الاسمنت المنتشرة في عدة من المحافظاتاليمنية وكما هو معروف يستخدم الأسمنت كمادة رابط هيدروليكية من مواد البناء و الخرسانة , وعادة ما تنشأ معامل الأسمنت بالقرب من مصادر المواد الأولية لتخفيض كلفة نقل هذه المواد . و تصنف صناعة الأسمنت من ضمن الصناعات الثقيلة و الخطرة التي تتخوف العديد من المنظومات الدولية البيئية من مخاطرها البيئية و الصحية و الناتجة عن تلوث الهواء خصوصا عند تواجدها بالقرب من المناطق السكنية وهو ما يحدث بصورة مخيفة في اليمن.
ويشتكي المواطنون في محافظات عدة من حالة الصمت واللامبالاة الذي تبديها كل الجهات الرسمية جراء الخطر الكبير الذي يهدد حياتهم، ويستمر مسلسل عدم إلتزام مصانع الإسمنت بمعايير الحماية البيئية، بسبب ضعف دور هيئة حماية البيئة في إجبارها على خفض التلوث وكذلك افتقارها لأجهزة قياس التلوث، وهو ما يحول دون إجراء الفحوص الفنية لكمية الإنبعاثات واثبات المخالفة، إلى جانب القصور القانوني في تحديد الجهة المناط بها منح التراخيص ومهام الرقابة على مصانع الإسمنت.
قصور رقابي، وحكومات غضت الطرف عن ظاهرة تداخل مصانع الأسمنت بالأحياء السكنية، وانعدام أجهزة الرصد والقياس، يجبر جيران المصانع على اعتبار الأمراض التي تصيبهم قضاء وقدر، والقبول بعجز الدولة عن علاجهم أو التخفيف من آلامهم.
مخاطر التلوث البيئي من صناعة الاسمنت.
و تنشر مصانع الأسمنت بعض الملوثات الغازية كأكاسيد النتروجين والكبريت وثاني أكسيد الكربون وأول اكسيد الكربون بالاضافة الى الدقائق المحمولة مع غازات الاحتراق على شكل غبار ذي أقطار صغيرة وهذه الغازات تسبب تلوثا كبيار للبيئة المحيطة بالاضافة الى الزئبق والكادميوم , ويعتبر ثاني اكسيد الكربون و أول اكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد الأزوت والغبار من الملوثات الرئيسية التي تسبب التلوث للبيئة المحيطة والواجب معالجتها والتخلص منها أما فيما يخص المخاطر الصحية الناجمة عن الغبار المتطاير من مصانع الأسمنت فقد ذكرت دراسات عدة ت عن التأثيرات الصحية والتنفسية المزمنة على القاطنين في محيط مصنع أسمنتي أو ضمن تجمعات سكنية تبعد (15 كم ) عن المصنع ، ويفترض أنها لا تتعرض نهائيا لأغبرة المصنع وما يحدث في اليمن للاسف يفوق ذلك حيث تتعرض منازل المواطنين لاغبره المصانع دون اكثراث لصحة المواطنين.
وتقدر بيانات السجلات الطبية التي تحدد منطقة سكن المريض أن 70 % من مرضى الجهاز التنفسي لا تبعد مساكنهم عن مصدر الغبار، أكثر من خمسة كيلو مترات، وهي ضمن المنطقة الخطرة، التي حددتها تقارير مكتب منظمة الصحة العالمية بالشرق الاوسط .
وفق لدراسة قديمة تم عرضها خلال مؤتمر في عدن في 2013، قدّر أستاذ الهندسة بجامعة عدن الدكتور أحمد حنشور بأن ثاني أكسيد الكربون يشكّل 40 % من كمية الغازات الناتجة عن صناعة الإسمنت، ويعد أكبر عامل مؤثر يسبب الأمراض للعاملين والسكان المجاورين.
ويعاني المواطنون الذين تقرب منازلهم لمصانع الاسمنت حيث يعجزون عن النوم بعمق بسبب الغبار الذي يتنفسونه طوال اليوم وتعالج المستشفيات المئات من مرضى الجهاز التنفسي الذي يشكون من أمراض تنفسية متنوعة، تبدأ اعراضهم بالسعال وتنتهي بالتهابات الرئة المزمن و أمراضاً تنفسية اخرى مثل الربو المزمن، التهابات الشعب، أمراض الرئة، السل، آلام الصدر والتصلب والتليف الرئويين. ولا تقتصر المخاطر على الجهاز التنفسي فقط، إذ تطال امراض العيون كالملتحمة حيث انه مع تقدم العمر للانسان فان المخاطر تزداد بسبب غبار الإسمنت على الأجهزة التنفسية وعيون السكان القاطنين في محيط مصانع إلاسمنت في اليمن حيث يتسبب لغبار إلى تهيّج في غشاء العين وتكوّن الملتحمة التي تؤثر على الرؤية مع مرور الوقت، وكلما كان السكن قريبًا من مصدر الغبار، كانت الإصابة أكبر.
وفي اماكن متفرقة ابرزها لحج مع مضي الوقت وتساقط الامطار التي مخلفات المصنع لوحظ تضرر كبير لاراضي المزارعين في المسيمير والمناطق المجاورة لها وظهور الكثير من الامراض التي تفشت بين الأهالي و تقلص ثرواتهم الحيوانية التي اصيبت بإمراض غريبة اضافة الى نفوق المراعي وتقلص مساحات الرعي التي اعتراها التصحر بالإضافة الى نفوق خلايا النحل، وزيادة حالات الاجهاض بالتزايد لدى الامهات الحوامل بصورة مخيفة مصحوبة بتشوه الاجنة.
ومطلع الاسبوع الجاري صرح الأمين العام لمؤسسة حماية البيئة والإنسان بمحافظة لحج "وحيد البكيلي" ان الأمراض القاتلة التي تفتك بأبناء مديرية المسيمير مصدرها مصنع الأسمنت.
واكد في تصريحه لوسائل الإعلام ان تلك الأوبئة هي حصيلة ما يحدث من تلوث بيئي ناتج بسبب الغازات والأدخنة السامة المنبعثة من موقع مصنع ألاسمنت.
موكدا ان ما يحصل من تدهور وإنهيار صحي كبير بمديرية المسيمير يرجع سببه للنفايات المنبعثة من مقر هذه المنشأة الصناعية وهناك دلائل تؤكد بأن هذا المصنع هو السبب وراء انتشار اوبئة وأمراض لم يعهدها الإنسان من قبل.
واكد البكيلي وجود قوانين دولية تحذر اي منشأة تجارية او صناعية او استثمارية من ان تمس اضرارها البيئة وهذه المنشأة لم ينحصر ضررها على البيئة فحسب وانما تعدى ذلك ليصل الى مستوى قتل الإنسان.