كل صراع خارج القيم الأخلاقية ويخترق سقف الوطن هو صراع يستفز العصبيات والأحقاد ويعمّر لأحقاد جديدة لمن استطاع تبديل علمه ولون وطنه وأيضاً بوصلة عدوه شخصنة الأحقاد وضيق الأفق السياسي لا يصنع ثورة بل يؤدي إلى انقلاب على الوطن وعلى ثوابت الوطن . حوصر اليمن ، في حرب أهلية خلّفت مئات الآلاف قتيل ودفعت الملايين منهم إلى حافة الموت جوعاً. ويعود جذور الصراع إلى انتفاضات ما يعرف بالربيع العربي عام 2011، عندما أجبرت انتفاضة شعبية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي كان في السلطة لفترة طويلة، على تسليمها إلى نائبه عبد ربه منصور هادي. وكان من المفترض أن يجلب ذلك الانتقال السياسي الاستقرار إلى اليمن الذي يعد من أفقر دول الشرق الأوسط، لكن الرئيس هادي واجه صعوبات مختلفة بما في ذلك هجمات المتشددين والفساد وانعدام الأمن الغذائي واستمرار ولاء العديد من الضباط العسكريين للرئيس السابق علي عبدالله صالح. واختلطت الأوراق في اليمن وأصبحت اليمن هي مجرد تطبيقات لمعادلات إقليمية، وبالتالي أصبح من المؤكد أن جميع الاتفاقيات التي رعتها الدول للوصول إلى حلول للمشكلة والأزمة اليمنية مجرد حلم نتيجة تباين القوى المتصارعة على اليمن وامتداداتها الجغرافية والديمغرافية أيضًا وفشل جميع المسارات السياسية من تعنت جميع الأطراف سواء من قبل الحكومة الشرعية أو من قبل الحوثيين وأدركت الأممالمتحدة أن جميع وساطاتها قد فشلت بين الشرعية والإنتقالي في حوار جدة وتمسك جميع الأطراف كل بشروطه. هذه القناعة التي أصبحت تراود القوى الإقليمية والقوى الدولية كانت من مسبباتها فشل زيارة المبعوث الأممي الأخيرة إلى صنعاء ولقاءه مع عبد الملك الحوثي زعيم حركة الحوثيين وتفجر الخلاف بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ودولة الإمارات وعدم مقدرة هادي لنقل حكومته لعدن وسيطرة المجلس الإنتقالي على عدن ومحاولة كل الأطراف المتصارعة على الأرض رسم جغرافيات جديدة حيث سيطرت قوات المجلس الإنتقالي على العاصمة عدن والمناطق المحيطة بها لحج ووصولًا إلى زنجبار وسيطرة قوات الشرعية على محافظة شبوة وصولًا إلى مدينة شقرة في محافظة إبين. لقد فشل حوار جدة نتيجة مطالبة الرئيس هادي بتحويل المجلس الإنتقالي لحزب سياسي كبند وشرط أساسي لقبول الحوار، أما الساحل الغربي فقد تولت أمره جبهة الساحل بقيادة طارق عفاش. أصبح الجميع مقتنعًا بضرورة إيقاف الحرب، سواء من دول التحالف أو من الحوثيين نفسهم أو عبدربه منصور هادي، ولأن الحرب لم تضع حلًا ولم ينتج عنها أي نضوج سياسي واليمن أصبحت على شفا مجاعة كاملة وكما وصفت الأممالمتحدة في تقاريرها أن اليمن يمر بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، ولذلك كانت كل تلك القناعات لدى دول الإقليم والأممالمتحدة، أقصد هنا المجتمع الدولي، بأن فكرة أن تقسم اليمن إلى ثلاث أقاليم ربما يصبح من النضوج مستقبلًا أن تربط تلك الأقاليم بالفدرالية أو الكونفدرالية، والإعتراف المتبادل بين الأطراف الثلاثة كلُ من إقليمه المسيطر عليه. القوى الثلاث التي تسيطر على اليمن: (قوات الشرعية بقيادة عبدربه منصور هادي، والحوثيين، والإنتقالي) ربما تفكر الأممالمتحدة بطرح انتخابات كل في اقليمه مستقلة وتهيأة المناخات الإقتصادية والإجتماعية والنفسية وتأسيس فكرة الشراكة تحت الفدرالية أو الكونفدرالية للأقاليم الثلاثة واختيار قواعد العيش المشترك والخروج بانفصال هادئ بديلًا عن الإنفصال الدموي والحروب.