ظننا في الأيام الماضية انه من حلم اليقظة أن يصل التعليم الإلكتروني إلى المناطق البعيدة التي تبعد عن المدن والعواصم بمئات الكيلومترات وكان وصوله أيضاً يُعد من الأحلام الوردية في نظر المتشائمين الذين ينظرون إلى الحياة بنظارةٍ سوداء . فلولا منظمات ومؤسسات تمويل الشراكة العالمية للتعليم لما عرفناه وأذقنا طعمه الحلو ولما شممنا رائحته العطرة الفواحة في ظل الدولة السابقة واللا دولة للأوضاع الراهنة للبلاد . عند وصول هذا الضيف المعروف الذي يعرفه طبقات المجتمع الواعية والمثقفة ، فرحوا به ايما فرح ، فرحة تغمر الدنيا بما فيها تغمر الجبال والسهول والصحاري والبحار من رجال ونساء وأطفال . بينما على الوجه الآخر لم يعرفه ويفرح به الطبقات الأخرى المتعلمة وغير المتعلمة التي تفرح وتستبشر بعلبة الزيت وقطمة الرز ولا تنظر إلا إلى أسفل أقدامها ونعالها ، شغلهم الشاغل تغذية بطونهم لا تغذية عقولهم وعقول ابنائهم . وكما نقرأ ونرى ونسمع ان الدول المتقدمة وخاصةً اليابان منها يعدون الرجل الأمي هو ذلك الرجل الذي لا يجيد التعامل مع الحاسوب وملحقاته . وقد يسخر منا قليلو التفكير وعديمو النظر إلى الأبعاد ويتحججون بهشاشة التعليم وضعفه في المدارس والمؤسسات التعليمية لكن لابد ان لا يلتفت ولايعبه بهم وسنرى ثماراً يانعة ولو بعد حين . أي ان لكل محافظة ومديرية من الإيجابيات والسلبيات ما هو كفيلٌ بها أما ان تُفعّل هذه النعمة وتستقبل ضيفها بكل كرم وجدية ونشاط ، واما ان تترك ضيفها يتخبط بين دهاليز الظلام وضيق الأزقة والممرات وبين يدي العابثين والفاسدين حتى يصل إلى التيه والضياع . وكما نحن على علم بان تسع وعشرين مدرسة في محافظة أبين وثلاث مديريات منها فقط بما فيها مديرية مودية قد حضيت بتمويل من الشراكة العالمية للتعليم وذلك بتركيب أجهزة التعليم الإلكتروني المطورة لتلك المدارس ، فهل تُفّعل هذه الأجهزة أم انها ستكون مهملة كالمختبرات العلمية والوسائل التعليمية وبعض الانشطة واستراتيجيات التعلم النشط التي قد عفى عليها الدهر وبنى عليها العنكبوت خيوط بيته الهينة . فيجب على المجالس المحلية والإدارات التعليمية والمدرسية والخطباء والمرشدين والوجهاء في المدارس وخارجها ان يعملوا جميعاً يداً واحدة قبل تدشين بداية التعليم الإلكتروني لعقد الندوات واللقاءات التوعوية حول أهمية التعليم الإلكتروني والتكاتف على الحفاظ على أجهزته وصيانتها من قبل المختصين ومن قبل الجميع وكذلك العمل على اختيار وانتقاء المقررات الجيدة وإعداد الخطط المسبقة . لذلك فالباب مفتوح على مصراعيه أمام المختصين ، اما ان تستغل هذه النعمة واما ان تهمل .