"وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" صدق الله العظيم.... الحراك هو المطر الذي سقى أرواح الجنوبيين العطشى؛الحراك هو كل الأشياء الجميلة؛الروح المشتعلة في الشباب؛رائحة الحرية المخلوطة بحماس البارود؛هو الكرامة وكل الباحثين عن معنى وجودهم؛هو شرارة الثورات المدفونة في الأعماق؛إنه الشرارة ذاتها التي أشعلت الربيع العربي الشهير؛الحراك هو المُطهر للإنسان من كل قذارات الذل والخنوع؛إنه بمثابة العودة إلى السلام الداخلي؛حيث يتحرر الإنسان من العبودية والاستبداد. جرت العادة أن يتم سرد التاريخ في هكذا تساؤل؛لكنني لن أذكر تاريخ الجنوب السياسي ولا الثقافي؛لسبب بسيط هو أنني لم أعش في تلك الأيام؛وبرغم ما قرأته وسمعته إلا أنني غضضتُ الطرف؛لأستلهم تاريخ جديد؛هذا التاريخ كتبناه سوية؛ومشينا في طريق الثورة سوية؛ وكنا نحن الشباب وقودها؛تركنا خلفنا الماضي الأليم؛وكلنا يتطلع إلى مستقبل مشرق؛يعيد رسم البهجة والفرحة على مُحيا الجنوب؛ففي الشمال اغتال "الكابوس المجرم" ثورة بأكملها هي "ثورة التغيير"؛لقد تسمم اهلها جميعا ،لماذا؟ لأنهم أكلوا الوعد الذي رُمي لهم؛وكان ملوثاَ بالغدر؛ وهكذا دفعوا ثمن عبثهم بالثورة واغتيالهم لها تحت ستار"لئلا ينجر البلد الى أتون حرب أهلية"؟؟
إنّ حراكنا السلمي يواجه مرضا خطيرا هو "تلوث الأفكار" هذا التلوث جعل من بعض الأشخاص مستنقعات من الموت الغامض؛لكننا في الجنوب نمتلك من الحضارة ما يجعلنا نعالج ذلك المرض؛ونعتني بالمرضى جيدا؛وقد استطاع شعبنا أن يتفوق بوعيه وسلميته على أكثر المستنقعات تلوثا؛"البلاطجة مثلا"؛والعلاج سوف يستمر ليشمل كل شبر في الجنوب؛ولا أخفيكم أن بعض الحالات مستعصية،هذه الحالات طغى عليها حب الجنوب؛فأصبحوا يلهجون صبح مساء بعبارات عنصرية لا تمت للجنوب ولا للإنسان الجنوبي بأي صلة؛وبرغم هذا الجو الملوث والضبابي إلا أن شعب الجنوب أثبت أنه الشعب الأكثر حضارة والأكثر رقياً؛وأن ذلك التلوث تحت السيطرة.
"إن كلّ عمل ثوري يُعبّر عن حنين إلى البراءة" هكذا قال الفيلسوف الفرنسي الشهير" ألبيرو كامو"....وهكذا هو الحراك السلمي؛مدهشٌ بشبابه؛قويٌ بسلميته؛عنيدٌ بصموده.....هل بينكم من لم يستوقفه ذلك المشهد الرهيب؛والجماهير الغفيرة؛وتلك المليونيات الأربع؟ هل بينكم من لم يستوقفه مشهد عامل كادح يبيع بعض أغنامه كي لا يفوته شرف المشاركة في فعاليات الحراك؟!سألت صديقاً:هل يحدث هذا في بلدان العالم كله؟هل يضطر الإنسان لمغازلة الموت ألف مرة ثمناً للعزة والكرامة؟ربما ينقبض القلب لثانية؛ثم نتابع حياتنا اليومية وننسى....أيها القادة المتفرقون؛ الحراك لنا وهو من يجمعنا؛ ولتذهب كل خلافاتكم إلى الجحيم.