لم يعد مفهوم المدرسة على أنها مكان يقتصر نشاطه داخل جدرانه على تربية التلاميذ وتعليمهم فحسب ، وإنما صار ينظر إليها من خلال إسهامها في تطور المجتمع ورسم مستقبله، وتزويده بالطاقات الحيوية المتمثلة بشباب وفكر مستنير يعرف كيف يستغل الموارد الاقتصادية وكيفية الاستفادة من الإمكانيات المتاحة في عمليتي البناء والإنتاج. فلابد من توجه السياسة التربوية في اليمن وربط التعليم في الإنتاج والتربية في الحياة والنظرية بالممارسة والتطبيق باعتبار ان مهمة المدرسة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمجتمع والتعليم، ولابد من ارتباط التعليم بحياة الناس وبيئاتهم فلا بد من الخطط التربوية ان توجه لتلبية حاجات المجتمع من الكوادر المؤهلة علميا وأكاديميا والأيدي العاملة الماهرة فنيا والتي ستنفذ الخطط الاجتماعية والاقتصادية لتطور المجتمع. لقد ظلت المدرسة ردحا من الزمن في معزل عن المجتمع وظلت السياسة التربوية في العهود التي مضت لا تخدم أهداف المجتمع ولا تحقق طموحاته، حيث كانت المدارس سابقا في معزل عن المجتمع ، لم يربطها به سواء استقبالها للتلاميذ الذين يأتون إليها في المجتمع بأوقات معينة لتقدم لهم المعارف النظرية في جملتها وغريبة عن بيئتهم في معظمها. لقد كانت المدرسة ولا زالت لا يعنيها ما يجري في البيئة من نشاط ولا يعنيها تصرفات تلاميذها وسلوكهم ونشاطهم خارج المدرسة، كما لا يهمها دراسة أحوال هؤلاء التلاميذ وظروفهم في بيئتهم الاجتماعية المختلفة، ان المدرسة بذلك قد أغفلت حقيقة كونها مؤسسة أنشأها المجتمع لتلقي النشئ من بيوتهم وتعدهم أعدادا صالحا للحياة فيه ، وعدم ارتباط المدرسة بالمنزل والمجتمع يفقدها فرصة التعرف على تلاميذها واكتمال تربيتهم لأنها حينما تتلقى أبناء المجتمع إنما تهيئهم لأن يحتلوا مكانهم في المجتمع كأعضاء ومواطنين صالحين مع غيرهم ويتكيفون مع بيئتهم وهذا لن يتم ولن تستطيع المدرسة تحقيقه إلا اذا خلقت منها جواً وبيئة منسجما مع جو المجتمع وعاداته وتقاليده ونظمه وقوانينه، لتعمل على تغيير المجتمع نحو الأفضل لأن المجتمع في تغيير مستمر بخاصة مجتمعنا اليمني الذي يشهد تحولات وتطورات جذرية في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والفكرية، فإن المدرسة ينبغي ان تساعد المجتمع على هذا التغيير ولا تتخلف عنه وإلا فقدت وظيفتها ، او ليس من المعقول ان تكون معارف المتعلم وتجاربه وأخلاقه تمثل عصر مضى فانقضى فمثلا هذا المتعلم حينما يخرج الى الحياة العملية يشعر بالنقص وعدم القدرة على تكيف سلوكه وتفكيره ويشعر بانه غريب وان المجتمع غني عنه، وهذا العمل يحتم على المدرسة ان تخرج عن حدود وظيفتها التقليدية في تعليم التلاميذ للمعلومات والمعارف فقط، بل عليها ان تنشط عن وعي والاتصال بالمجتمع والارتباط به لتسهم مساهمة فعاله في إعادة صياغة المجتمع وتربية أفرادها وتزويدهم بقدر ماتسمح به من إمكانياتها بالقيم والأفكار والمهارات الجديدة التي تجعلهم أكثر قدرة على مواجهة مطالب التغيير والإسهام في حدوده وهي حينما تقوم بهذا الدور لا تخدم البيئة فحسب وإنما تخدم نفسها كذلك ، فرفع مستوى البيئة لابد ان ينعكس على مستوى المدرسة الذي يتكون أعضائها من أبناء البيئة ذاتها، وخروج المدرسة الى المجتمع واجتذاب المجتمع إنها تجعل المدرسة اقدر على التعامل مع الآباء وعلى بحث مشكلاتها، وتستطيع المدرسة ان توثق صلتها بالمجتمع عن طريق ربط التعليم بالعمل المنتج وخلق وحدة بين النظرية والتطبيق في أثناء العملية التربوية والتعليمية بحيث تساعد طلبتها على القيم بالعمل المبدع وتمكنهم من زيادة معلوماتهم وقدراتهم ومهاراتهم حينما يطبقون ما درسوه نظريا. ان التأكيد على الوحدة المتينة بين التربية والتعليم وإيديولوجية المجتمع تساعد على إقامة قاعدة متكاملة من المعارف العملية الخبرات العملية،حيث يجد التلاميذ الإجابات الشافية عن الكثير من الاستفسارات التي يصعب الإجابة عنها عمليا، والتي تسهل عليهم فهمها واستيعابها من خلال إلمامهم بالواقع المادي والاندماج التام بالمجتمع بما يمكنهم من الاشتراك في العملية الإنتاجية، واستطاعت المدرسة ان تفيد المجتمع وتستفيد منه اذا وطدت علاقتها من خلال خلق الرغبة الذاتية لدى تلاميذها في التحصيل المستمر للمعلومات والتأهيل وربط التربية والتعليم بالحياة الاجتماعية ، وربط التعليم بالعمل المنتج ومن الممكن للمدرسة ان تؤدي وظائف أخرى وان تبحث مشكلة في المجتمع من خلال إرشاداتها لطلابها وتوجيهها لهم للحصول على المعلومات والخبرات والعادات م المجتمع مباشرة ، ومن البيئة المحلية المحيطة بالمدرسة مثل الزيارات الخارجية كالمرافق والمصانع والحدائق وغيرها ويمكن للمدرسين ان يجعلون كل مشاكل المجتمع كمحور لأعمالهم التربوية ، كالمشكلات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ...ألخ هذه كلها يمكن ان تدور حولها الكثير من الدروس ان المدرسة اذا وطدت علاقتها بالمجتمع ستكون مصدر إشعاع للمجتمع لأنها تستطيع ان تنمي المجتمع عن طريق ما تؤديه إليه من خدمات وإرشادات مثل تعليم الكبار، محو الأمية ودعوة أفراد المجتمع لسماع المحاضرات والندوات التي تعالج ابرز واهم مشاكل المجتمع وكذا دعوتهم لحضور معارضها والتردد على مكاتبها وعلى إيجاد مراكز تسلية ورياضية من خلال حسن استغلال قاعاتها وساحاتها وكذا إحياء الحفلات وتنظيم المباريات من مختلف الألعاب، ان المدرسة بذلك ستكون خلية حية تتفاعل مع المجتمع وسيكون المدرس لا محاله رائدا اجتماعيا . كلمة لابد منها: المدرسة والمجتمع والأسرة إحدى الركائز الرئيسية لاستقامة التعليم اذا اكتملت تلك الركائز سيشكل عامل مهم لنجاح العملية التعليمية وخلق جيل متسلح بالعلم يساعد على تنمية المجتمع وتطوره. من الأهمية بمكان الاهتمام بالمدرسة من قبل الدولة وإعطاء الأولوية من الاهتمام وحشد الطاقات المتعلمة لكي تكون المدرسة المسئول الأول على تنشئة التلاميذ تنشئة سليمة . المرجع : د. علوي طاهر