أنت الآن في جولة مزدحمة، أبواق السيارات تصر على إزعاجك ...سبّات ولعنات تقذف في وجهك، دراجتك الصغيرة تعطلت بينما تحاول التملص من طقم عسكري أتى مسرعا ليجتاح الجميع أمامه، تحاول مرة بعد أخرى تشغيلها لكن لا فائدة . تنزل من عليها سريعا تحملها على ظهرك وتهرب بعيدا وقد سمِعتَ قرقعة في إحدى فقرات عمودك الفقري، تتظاهر بالشعور باللاشيء، بعد خمسين خطوة ومائة ألف شهقة تقف بجانب فلة كبيرة طول سورها أضعاف طولك الذي لا يكاد يُرى ، وعرُضها بعرض قريتك التي كنت تسكنها قبل أن تأتي إلى هذه المدينة الموحشة، تحاول التقاط أنفاسك، تشعر بحرارة بين فخذيك تبا لقد تبولت على نفسك من هول ما حدث، تشمئز من ذلك ترى شجرة كبيرة تستظل تحتها وتحاول إعادة تشغيل دراجتك وبينما أن تُدوّر المفتاح، يصرخ في وجهك شخص ممتلئ يتبين لك فيما بعد أنه حارس هذه الفلة، توحي له بالإيجاب بلا مبالاة فينصرف ظناً منه أنك قد رحلت، ثم تتمدد قليلا . خمس دقائق ويعود ذو الكرش البارزة.. أما زلت هنا.. قالها بعد أن أشهر سلاحه وأطلق رصاصتين في الهواء بغية تخويفك؛ تبا لم يعد شيء في داخلي ليخرج، تفر بعيدا فتتذكر أنك نسيت دراجتك الصغيرة فتعود وقبل أن تصل ترى دراجتك الصغيرة تحترق، يقينا إحدى الرصاصات الراجعة اخترقت خزان البترول لتشعل فيها النار، وقبل أن تدور لتهرب تتطلق أبغض الشتائم التي لم يعرفها دين ولا ملة في وجه الحارس لكنه لا يجيب، لعله يرتشف كأس قهوة كنتَ قد شممت رائحتها قبل أن يأتيك موقظا، فتحسب أنك قد نلت منه رغم سذاجة موقفك الآن. برهة ويخرج غاضبا ويطلق وابلا من الرصاص، تنطلق خوف أن تصيبك إحدى شراراته المتطايرة لأنك لا تريد الموت فما زال عندك بصيص أمل في الحياة وبينما أن تقطع الشارع الذي يمتد بين فجيعتك الأولى وأملك الأخير ،حصل ما هربت منه أول مرة طقم عسكري مسرع- قيل أن سبب سرعتهم في هذه الأيام حملات يقومون بها من أجل ملاحقة الإرهابيون الذين يفترشون الأرض ويبيعون أشياء بسيطة لكسب رزقهم- فيدهسك ويفت أجزاءك بعد أن عمل تخميسة على جسدك المريض فتطلق صرخة النجاة لكن هيهات فقد تخلت عنك روحك عند الفجيعة الأولى فتلعن من دهسوك وروحك الجبانة، ثم تطلق الزفرة الأخيرة لعلك ترتاح في عالمك الآخر.