تتفاوت نسب الإصابة بفيروس كورونا من بلد إلى آخر ولا يعود هذا التفاوت إلى مناعة طبيعية وراثية أو مكتسبة لأهل هذا البلد أو ذاك وتحصينه الصحي أو دفاعه العسكري القادر على المواجهة, ولا إلى ضعف الفيروس الكروي الشكل المطرز بشوك الورد والزهور المحمي بالدبابيس, ولكن يعود التفاوت إلى عدد المصابين الناقلين له من بلد لآخر من مختلف الجنسيات بما حققه التطور الصناعي والتكنولوجي في مجال السفريات وسرعتها ساعدت في سرعة تفشي فيروس كورونا وانتشاره كوباء عالمي سالكا المنافذ لم تصده الحدود. فهل تعد هذه الظاهرة التي لم يتمكن العالم بما امتلك من حضارة وآلات حديثة من مواجهة مرض هبط على البشرية المترابطة ليجزي أوصالها؟! هل حلت بنا أولى مساوئ التقدم لم يتنبأ بها العلم والمزيد منها مازال مجهولا إلا من عين الخالق ترعى عباده؟! وباء أظهر ضعف الإنسان, وفي غمرة صخب الآلة والمكنة المعبر عن التطور الفكري والعلمي كشف الوباء عجز الإنسان عن صنع الأدوية واللقاحات كوسيلة لعلاج مرض كورونا حتى الآن بما امتلك من قدرات وإمكانات, ولأن الشفاء من عند الله مجيب الدعاء فقد تعافى ثلاثة أرباع الذين أصيبوا بالفيروس, بينما الذي توفوا بلغ عددهم حوالي الربع من إجمالي المصابين. قياس سرعة تفشي الوباء كانت فائقة جدا ساعد في ذلك حداثة المواصلات ووسائل النقل لم ير العالم ولا الحياة الدنيا عولمة حتى في انتشار الأوبئة سوى في عصرنا الراهن المسمى بعصر العولمة. فقد كانت أوبئة الطاعون وما شابهها في الماضي العصور القديمة والوسطى مقتصرة على المجتمع الذي تظهر فيه وعلى البلد المحدد يفتك بأهله دون الآخرين لأن وسائل النقل كانت الخيول والجمال والمصاب المسافر يموت في الطريق قبل أن يصل إلى البلد الذي يقصده, أما الآن فملايين المسافرين ينتقلون يوميا من بلد لآخر ربعهم مصابين والباقين من الطبيعي يكونوا حاملين طالما كانوا معهم على وسائل النقل المختلفة. لكن الاحتياطات الواجبة والاحترازات الوقائية والحجور الصحية المتخذة من كافة البلدان مع الوافدين والمغادرين لقضى الوباء على البشرية البالغ عددهم أكثر من سبعة مليارات خلال الأيام المنصرمة ولأصبحوا في خبر كان يا ما كان في قديم الزمان كائن حي اسمه إنسان, انقرض رغم رقيه وتطوره بفعل فيروس كورونا وعصره كان من أفضل العصور وأكثر ازدحاما بالمخلوقات يسمى عصر الفضاء والإنترنت. من البلدان التي لم يصل إليها فيروس كورونا من دون شك هي البعيدة جدا والفقيرة والأقل ازدحاما والتي لا تجذب إليها أجانب سياحا ولا تجارا ولا صنائعيين ولا حتى مهاجرين. وكذلك تلك الدول التي تمنع السفر والمنغلقة والمغلقة أمام حرية التنقل مثل كوريا الشمالية. أما اليمن شماله وجنوبه خالية من هذا الوباء والفضل يعود للتحالف العربي بقيادة السعودية, والذي أغلق المنافذ وفرض حصار على اليمن فلا أحد يسافر إلا بعلم التحالف ولا أي شيء يدخل صنعاءوعدن إلا بموافقة من التحالف والتشديد الكبير على المنافذ ساعد على الحد من كثير من الأخطار والتهديدات الإرهابية وفي مقدمتها إرهاب فيروس كورونا الذي كاد يحول حياتنا إلى دمار وجحيم ويصبح الناس في رعب كما الذي مر على مرضى مستشفى مصافي عدن جعل المرضى المرقدين فيه يفرون منه يتركون سررهم, سبحان الله كان كيف سيتعاملون مع الموتى حتى من مرض آخر كوليرا أو حمى الضنك أو المكرفش والملاريا وغيرها وهم يتخوفون من فيروس كورونا؟! هل سيصلون عليه ويحضرون جنازته ودفنه وهم يعتقدون أنه مات بسبب الوباء الذي بسببه أغلقت المساجد في البلدان العربية التي ظهر فيها الوباء من بينها السعودية والكويت والجزائر؟!