لقد أفرزت الحرب العبثية التي مرت عليها أكثر من خمس سنوات تداعيات قاسية وحصدت أرواح عشرات الآلاف ودمرت الأقتصاد، وتسببت في توقف كثير من الرحلات الجوية والبحرية، وعطلت بعض المرافق الهامة، كما حدث توقف موقت لمدارس وكليات، وكل ذلك أنهك البلاد والعباد، وما زالت الحرب ولسنوات خلت تدور في حلقة مفرغة، فلم تلوح في الافق بوادر لحسم هذه الحرب التي توقفت عند منتصف الطريق، دون إحراز أي إنجاز يذكر سوى ارتفاع عدد ضحاياها، وإستمرار بلاياها، ولا يزال الإعلام الحربي مستمر في تضليله طوال نهاره وليله، بينما ما يجري على الارض هو كر وفر وتقدم يلحقه تقهقر وتحرير مناطق سرعان ما يستولي عليها العدو أو ربما تسلم له، لذلك لم تبارح الحرب مكانها وحافظت لسنوات خلت على البقاء في منتصف الطريق!. وبالمقارنة بين تداعيات فيروس كورونا وتداعيات الحرب نجد أن هناك تقارب في تداعياتهما وبعض التشابه في كوارثهما، فقد أحدث تفشي فيروس كورونا السريع الإنتشار هلع عظيم في معظم دول العالم ، وقد أتخذت دول كبرى وصغرى تدابير صعبة وقاسية، للحد من إنتشاره، جعل شوارع مدن وعواصم دول كبرى خالية من المارة ودفع بعض الدول لفرض حظر التجول وعزل مدنها. كان أول ظهور لهذا لفيروس كورونا ومداهمته لآلاف الناس في مدينة ووهان، منذ ما يقارب من شهرين، وكما يبدو كان ذلك بمثابة صدمة قوية أربكت الصين فلم تتخذ إجراءات سريعة وصارمة لمحاصرته حينها ومنذ أيامه الأولى، فلم تفق من صدمتها إلا بعد أن هوت أرواح العشرات إلى حتفها، وبعد أن داهم ذلك العدو المئات من المواطنين والأجانب، وأيضا بعد أن تسربت عشرات الحالات المصابة إلى خارج حدود الصين في رحلتها المرعبة لدول عديدة لتنقل الفيروس وتنشره بين سكان تلك الدول، ومنها عاود إنتقاله إلى دول أخرى مجاورة وبعيدة أيضا، ليبلغ ويصل إلى دول وشعوب كثيرة في مختلف قارات العالم، ويحدث هزة قوية في جميع أرجاء البسيطة، حين هاجم أجساد عشرات الآلاف من البشر وقتل منهم أكثر من عشرة الف مصاب وأنهك أقتصاد دول غنية وأحدث أزمات مالية ثقيلة، وتسبب في إغلاق مطارت وهدد شركات عديدة بالإفلاس، منها شركات طيران ونقل بري وبحري وتسبب في اغلاق مدارس وكليات ودور عبادة، وأوقف الحركة السياحة في أكبر المدن السياحية في العالم، كما تسبب في إلغاء مباريات كرة القدم وفعاليات رياضية عديدة في مختلف دول العالم. مثلت الصين أكبر بؤرة لتفشي الفيروس، ولكن بفضل الإجراءات الصارمة والتدابير السليمة التي أتخذتها والتي تمثل ذخيرة يجدر إستخدامها في بقية دول العالم من أجل حصر وعزل هذا الوباء، والحد من إنتشاره، فقد أستطاعت الصين وقف إنتشار هذا الفيروس، حيث لم تعد تسجل حالات جديدة فيها، عدا ما تدخل من الخارج وتتمكن أيضا من رصدها، وذلك عكس ما حدث في دول أوربية عديدة وعلى رأسها ايطاليا التي تهاونت في تعاملها مع هذا الفيروس، فتعامل الصين في مكافحة هذا الوباء حمل في طياته قساوة كبيرة مع السكان، بل ربما حمل بعض ملامح الظلم، ولكن ذلك التعامل الظالم كان في حقيقته يمثل قمة الرحمة حيث أنقذ أرواح كثيرة من الهلاك، وتم عزل الفيروس السريع الإنتشار عن مئات الملايين في البلاد، وبذلك اثبتت الصين وبلا منازع نجاح حكمتها وحسن تدبيرها في مواجهة جائحة كورونا.