ما يشهده العالم من هلع شديد منذ شهور من شدة ما أصاب المجتمعات المتطورة من معدل وفيات عالية وانتقال سريع للعدوى من جائحة مرض كورونا، اصبحت كبرى هذه المجتمعات وذات الريادة في المجال الطبي عاجزة أمام هذا المرض الغادر والذي لايرحم. وهنا السؤال الذي يجب أن يطرح ! ما ستواجه بلادنا اذا ما ظهرت حالات خلال الايام القادمة في ضل حرب لم تبقي ولم تذر شيئآ ؟ وماهي ردة فعل نظام صحي مهترء أصلآ؟ فخلال اشهر وإلى يومنا هذا لم تستطع المنظومة الصحية من إقامة مركز عزل بشكله الصحيح مكون من خمسين سرير ومجهز بالاجهزة الطبية اللازمة وبكادر مدرب ومؤهل للتعامل مع هذه الحالات في حال ظهورها. خلال خمس سنوات تم تجاهل الجانب الطبي وبنيته التحتية والكوادر الطبية العاملة ولم يتم الاهتمام بتطوير المستشفيات الحكومية ورفدها بالإمكانات والموارد اللازمة فكانت الحصيلة قاعدة طبية ركيكة من الممكن انهيارها عند أول أزمه. ما يحاول عمله المجلس الانتقالي بتدخله وتوليه ملف محاصرة ومواجهة مرض كورونا هو ان يقبض بيديه كرة شديدة القابلية للاشتعال ونسأل الله ان لا تشتعل هذه الكرة بظهور حالات كورونا. فكان لابد قبل ذلك من اعادة تقييم للوضع بشكل متكامل فالنوايا الطيبة ليست كافية لمواجهة وباء بهذه الخطورة وهذه الحدة بل لابد ان يتم اعادة تقييم وتنظيم للمستشفيات والمرافق الصحية وتحديد جوانب القصور في ادائها وايجاد المعالجات والحلول السريعة لذلك، كما انه لابد ضبط الجوانب الامنية لتكون قادرة على منع التصرفات الشخصيه المخلة بصحة المجتمع وما اكثرها في بلادنا ولابد ايضا من رصد الموارد المالية اللازمة لسد كل ما امكن سده من قصور واحتياج للاجهزة الطبية الضرورية والمستلزمات الطبية فمن غير المعقول الحديث عن استعدادنا لتقديم المساعدة لدول الجوار والقرن الافريقي لمواجهة الوباء ولاتوجد بمستشفياتنا وسائل السلامة المهنية للطاقم الطبي العامل فيها من قفازات وكمامات طبية وملابس طبية خاصة كما ان عدد السبعين سرير عناية طبية مكثفة المتوفرة بمستشفياتنا الحكومية والتي لم تخلو يوما من مريض إلى وقتنا الحالي هي غير كافية ولو زدنا عليها المائة والخمسين سرير المتوفرة في المستشفيات الخاصة. خلاصة القول ان مواجهة وباء كورونا على صعوبته يتطلب اعادة صياغة السياسات الصحية والعمل على تطوير وتأهيل المستشفيات الحكومية بشكل صحيح من الان وصاعدا لانها اللبنة الاساسية للنظام الصحي فهي التي ستواجه المرض في حال ظهوره وتفشيه وهي التي تستقبل الحالات المصابة والحالات التي سيتم احالتها من مراكز الحجر الصحي بعد ان تستنفذ سعتها السريرة المحدودة وكذلك الحالات التي هي بحاجة لرعاية طبية مشددة كما يجب الابتعاد عن حلول الازمات والتي تنتهي بانتهاء الازمة التي دعت لانشائها والاعتماد على هذه المستشفيات في مواجهة الازمات واستغلال هذه الازمات لتنمية المستشفيات الحكومية وتوجيه جل الموارد المخصصة لمواجهة أي أزمة في سبيل دفعها لتكون خط الدفاع الاول في مواجهة الكوارث والأزمات الطبية وأن تكون المحاجر وأماكن العزل إلا خطوط دفاع ثانوية ومساعده ولا يجب ان تنفق عليها الاموال بشكل كبير. د.طارق مزيدة استشاري الجراحه العامه وجراحة الاوعيه الدمويه نائب مدير مستشفى الجمهوريه التعليمي.عدن