أحمد سيف حاشد اتصل زميل من ولاية أخرى بعد دقائق من نشري لصرخة وجعي.. صرخة موت ذابح.. ألم صارخ.. صاعقة قسمتني نصفين. أخذني زميلي بحيلة مترعة بالحب.. بذوق جم.. لطف وأناقة.. حس مرهف.. ريشة رسام لا تخدش ولا تجرح.. ريش نعام.. قال بنبرة تهطل غيث ومحبة: أريدك أن تأتيني يومين تغير جو.. ارسل بيانات جوازك احجز لك تذكرة طيران.. ترتاح كم يوم من هم ونكد.. تحتاج فسحة للنفس وترويح للبال.. الحقيقة كانت حيلة منه لإنقاذي من عوز يبلعني وتوفير لقمة عيش لأعيش، وعلى نحو لا يترك جرح كرامة أو وجع يحز في النفس. صوته أنعش جسدي.. سباق مع لحظة تقبض روحي.. العالم ضجيج صاخب دون ضمير.. العالم فاقد إحساسه بالمقهورين.. لا يرى ولا يسمع..! من يسمع صوتي..؟! إحتجاجي على عالم يسحقنا.. صوت زميلي في التلفون كان مدد احتاجه.. انتعش بصوته قلبي المضنك والمترنح خيبة. زميلي يدرك خجلي وحيائي.. يرفق بي من إحساس يترك في الروح ندبه تبقى وتدوم.. يدرك حساسية إنسان جارت عليه الأيام بلؤم باذخ.. صاحب نجده.. يتعامل بتهذيب ورقي.. مروءة ووقار وشهامة.. لم يتوان عني دقيقة حالما قرأ وجعي وأنا أنزف.. أحس بقلبي المثقل هما.. سمع نشيجي الآتي من أعماقي.. كان أكثر نجدة من ألف زميل كناز المال. "في العطاء كمال".. كناز المال لدينا يعترشون جماجم موتانا.. أطفال ونساء وشيوخ.. شباب بعمر الزهرات، وورود مازالت تتبرعم.. محاطب حرب وضحايا واقع لا يرحم.. الأوغاد يقتاتون على الحرب ومآسي الجوع.. يعتاشون على دم ودمار وخراب. أحلام طارت.. يمن كانت.. مآتم ومقابر وزحام.. أطفال سحقتهم دكاكات الموت.. موت باذخ وبقايا وطن يتلاشى.. ساسة بلا ضمير أو وجدان.. "لا تهتز لهم قصبه" إن مات الشعب من أوله إلى آخره.. لا يرف لهم جفن أو رمش إن متنا جميعا بدل المرة ألف. ساستنا تجار حروب.. منهمكون في جمع المال.. تشغلهم عنا سبل الراحة.. نعمة ورخاء ورفاه.. ساستنا صاروا تجارا ورجال أعمال.. تجار دماء وممنوعات، فيما الشعب يموت وهو يتسول لقمة.. يبحث عن شربة ماء.. هذا العار عظيم.. الخزي والعار لهم. تبا لمن غل يده ويرى الفلس ألف جمل.. تسقط أقنعة الزيف وتسيح مساحيق تجميل القبح.. تبا لضمير مات وفقدان مروءة.. لا لفاسد ومخاتل وقاتل غيلة.. ألف تحية لمن ينصف مظلوم أو يجبر خاطر.. التافه يتورم مالا وعزيز النفس معوز محتاج.. ألف تحية لمن يرمم روح من خذلان مهول. كل التحايا لحضور في زمن غياب، ووجود في وجه الفقدان والعدم القاتل.. ألف تحية لمن يترك في نفس عزيز لمسة إنسان، أو عزاء ما أحوجنا إليه وقت الشدة.. سنظل نبحث عن وطن نرجوه، وحياة أقل قسوة و وحشية مما نعيش.. نريد عالم بهي مشرق في وجه العتمة، وعدالة في وجه الظلم تقتص من الظالم.. لا لقوي يلتهم الضعفاء وغني يلتهم الفقراء.. نريد عالم لا تسرق فيه أحلام البسطاء.. عالم يسود فيه السؤودد وعدالة لكل الناس. ***