تناقلت وكالات الأنباء العالمية الإحتفال الذي أقيم في مدينة ووهان الصينية بمناسبة رفع الحظر عنها، وعودة سبل الحياة إليها، بعد أن خيم شبح الموت عليها، وسادها رعب حقيقي من جراء تفشي وباء فيروس كورونا في هذه المدينة التي كانت أكبر بؤرة لذلك الفيروس بل هي المنبع الأول والوحيد لإنبعاثه على كوكب الأرض. بينما يشهد العالم صور مختلفة للفشل والرعب الذي واجه أكبر دول أوروبا وكذلك الولاياتالمتحدةالامريكية، فقد خنقهم الإحباط وهم يذرفون الدموع كل يوم على ضحايا هذا العدو الخفي الذي قتل الآلاف ومستمر في حصد الأرواح، لكن لابد أن يكون هناك تفسير للفرق بين حال الصين ودول أوروبا وأمريكا، فالمتابع لطريقة معالجة الصين لهذه الكارثة يمكنه أن يستشف منها حكمة وهي إستخدامها للقوة والصرامة في المصلحة العامة، فالسلطات الصينية في بداية ظهور فيروس كورونا واجهتها صدمة، ولكن إنفعالها كان مؤقت ولفترة وجيزة، ومع ذلك كان للإنفعال أثر بالغ في أنتشار الفيروس بشكل مخيف، وسريعا فاقت السلطة وبعقل هادئ وفكر منطقي عرفت أهمية الوقت وحددت الوسيلة الأمثل للنصر على هذا الفيروس، فأختارت الطريقة العلمية لحصاره وعزله، والطريقة العلمية تعني تتبع خطوات عند التطرق منطقيا لاية مشكلة، وفي سباق مع الزمن بدأت باتخاذ إجراءات صارمة ومدروسة بدقة لعزل الفيروس ومنع إنتشاره، وكلفت فرق عديدة لتنفيذ مهام الرصد والتحري والحصر وحولت شوارع وأسواق وطرقات مدينة ووهان الضخمة إلى مساحات خالية من البشر وفارغة من جميع مظاهر الحياة، فسجنت الملايين في المنازل، وقد سهل عليها تنفيذ تلك الإجراءات المتشددة طبيعة نظام حكم الحزب الشيوعي الصيني، الذي فُطر الشعب على طاعته، رغم تجاوزه لبعض القوانين وتخطيه لمبادئ حقوق الانسان، فكانت بعض صور تعامل السلطة مع مواطنيها قاسية جدا وتبدو في ظاهرها غير إنسانية بالمرة، ولكن في واقعها تصب في خدمة الإنسانية، وحملت في طياتها أثر طيب في تقويض إنتشار جائحة كورونا وعزلها عن الملايين من البشر في بلد تعداد سكانه مليار ونصف المليار نسمة. وبالنظر لحال بلادنا اليوم والذي يكتنفها الضعف في مختلف الجوانب، فعلى سبيل المثال محافظة عدن قبل أيام قليلة عبثت بها نعمة من نعم ربنا وهي مطر وتقاس شدته وقوته الجارفة في جميع مدن العالم بالمعدل الطبيعي والبسيط والذي يفترض أن لا يحدث أي أضرار، ولكن نتيجة تخلف البنية التحتية والبناء العشوائي وفي ظل تراخي وإهمال السلطة تحولت تلك النعمة إلى كارثة!، فكيف لو حل وباء وباء كوفيد 19 في عدن الغارقة في انقطاعات التيار الكهربائي، ذلك الوباء الذي أربك وأرعب دول كبرى، ولكن ولحسن الحظ لمّا يتسرب إلى بلادنا هذا الوباء حتى الأن، بينما جميع الدول المجاورة سجلت فيها حالات إصابة به، فهذا الأمر الجيد والوحيد الذي صادفه شعبنا منذ سنوات عديدة خلت، وهذه رحمة من ربنا أكان في صرف الوباء عنا أو في تاخير وصوله، فالشعب يعيش في معاناة مستمرة وقد واجه، ولا زال يواجه أمور صادمة وأليمة وحرب ظالمة وطويلة، وعراقيل مانعة لطعم الإستقرار ورائحة الأمان. لقد طالب أمين عام الأممالمتحدة غوتيرش بوقف الحرب في اليمن، لتكريس الجهود وتظافرها في مواجهة جائحة كورونا، ولكن وكما يبدو أن المليشيات الحوثية لن تقبل هذا العرض، حتى إذا أجتاحت الأمواج الخطيرة والجارفة لهذا الوباء البلاد طولا وعرضا، ستصر على بقاء الشعب بين مطرقة الحرب وسندان الوباء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.