قال سبحانه وتعالى : (وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا )
انه القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى . أنزله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم إلى صراط مستقيم . كتاب مبارك .. مصدر بركته إنه خلق من الهباء أمة ضخمة ,أمة عظيمة , أمة فريدة..ما كانت ستدخل التاريخ لولا انها اختطت طريقها وبدأت مشوارها , واستمدت تعاليمها من هذا الكتاب العظيم . وبركته وفضله لم تقتصر على الأمة الاسلامية فحسب بل تعدى ذلك ليصل خيره ونفعه وبركته ليشمل كل العوالم وكل المخلوقات (وما ارسلناك الا رحمه للعاملين ). فلولا نور الاسلام الذي دعا الى العلم واعمال النظر الثاقب في الكون وأعلى من شأن العقل لظل العالم يترنح مع خرافات الرومان وهرطقات الفرس . ومما لاشك فيه أن المسلمين يشعرون بهذا الشعور ولكن ذلك الشعور ينحو منحنى ساذجا يجعل صلتهم بالقرآن لا تتعدى التعبد بالفاظه المجردة دونما الغوص في اعماق النصوص.. فينظرون إلى الرحمة في القرآن وكأنها شيء يفيض على القلوب والأرواح من مجرد التلاوة كأنما هي حرارة تنبعث من موقد ستعمل عملها بطريقة سحرية لاسعاد البائسين , وإزالة هموم المهمومين , وتنفيس كروب المكروبين . كما ينظرون إلى شفاء القرآن وكأنه وصفة طبية تقرأ على راس المريض أو في إبريق ماء يشرب منه ويغتسل وستسري العافية في جسده كسريان العقاقير الطبية . وهذا في الحقيقة تصور ساذج ,وفهم مغلوط , وشعور خاطىء عن حقيقة القرآن الكريم . فالقرآن لاتؤتى ثماره ولايجدي نفعه ولايسري شفاؤهِ.. بمجرد تلاوة آياته أو سماعها أو تعليقها على الارفف والجدران .. وإنما يتأتى ذلك من خلال معرفة المسلم لحقيقة معانيه, وإدراك مقاصده , وفهم مضمونه , والتعرض لنفحاته وتجلياته ..بقلب سليم وعقل متقد ونفس زكية وفؤاد نقي.. والوقوف كذلك عند حدوده , والانتهاء عند نواهيه , والعمل بمقتضى حكمه ,وصوغ النفس من خلال آياته على معرفة عظمة وهيبة الله سبحانه وتعالى والتهيؤ للقائه . ذلك هو القرآن الذي نزل إلى الدنيا وصاغ من تلك الامة الصفر أمة عظيمة غيرت مجرى التاريخ البشري ..يوم أن تلقته بقلوب نقية وعقول متفتحة ندية ونفوس زكية أبية . إنه نور الله يقذف في القلب ...فيشرق. ويسري في النفس ...فتزكو ويسير في الارض ...فيهدي . إنه القرآن الكريم نادي المتفائلين د. سعيد سالم الحرباجي