لا ريب في أن حكومة الاغتراب لم تعد تخجل من تقصيرها المستمر والمزري، فلقد أضحت فاقدةً لأدنى شعور بالمسؤولية، لا سيما عند شنها حرب على مواطنيها، وهذه الحرب أستخدمت فيها أسلحة مختلفة، منها، سلاح إنهيار العملة وذخيرته هي الغلاء الفاحش، وضرره هو عجز المواطن عن الإيفاء بمتطلبات معيشته الضرورية، وأيضا سلاح الكهرباء وذخيرته هي القطع المتكرر والطويل للتيار الكهربائي، والذي حول نعمة هذا الابتكار العظيم إلى مصدر سخط كبير وإزعاج شديد للمواطن، كما استخدمت الحكومة سلاحا آخر ضد بعض مواطنيها، وهو موضوع مقالنا هذا، فذلك السلاح موجع، إنه سلاح الرواتب وذخيرته هي تأخير الصرف أو الحرمان من بعض الرواتب، فقد عكس ضرر هذا السلاح إستياء شعبي شديد، فالرواتب هي أهم الواجبات المناطة بالحكومة، ويستوجب عليها صرفها بإنتظام وفي وقتها المحدد، ولكنها وللأسف تجاهلت ذلك، فعجزت عن تحديد مواعيد شهرية ثابته لمعاشات المتقاعدين الضئيلة، كما أنها استهدفت بشكل خاص فئة العسكريين من منتسبي القوات المسلحة والأمن، حيث تسببت لهم في معاناة معيشية ونفسية قاسية، حين حرمتهم من بعض رواتبهم الشهرية المستحقة خلال السنوات القليلة الماضية، ومارست معهم وبشكل مستمر أسلوب عدم انتظام صرف الرواتب، وفي عامنا الحالي ومؤخرا تم صرف راتب شهر واحد فقط للقوات المسلحة، وذلك يوم الخميس الفارط، بعد انقطاع رواتب ثلاثة أشهر من بداية العام، والذي يفترض أن تكون قد سلمت كاملةً، وفي وقتها المحدد شهريا، وبالمثل منتسبي الداخلية والأمن لم يستلموا سوى راتب شهر واحد فقط هذا العام، مما يعني إنهم لم يستلموا راتب شهرين مضت، وكل ذلك ليس بالأمر اليسير على غالبيتهم العظمى، حيث يمثل الراتب مصدر دخلهم الوحيد، وإضافة إلى ذلك، فهم يواجهون ظروف معيشية صعبة في ظل موجة الغلاء التي تعصف بالبلاد في هذه الأيام. من الواضح أن بند المرتبات، ومنذ عقود طويلة مضت، لم يشكل عقبة أمام أي حكومة، ولم يكن هم يثير قلق المواطن ويشغل باله ويعكر صفو حياته، فكان في العادة أن يتم رصد المخصص المالي للرواتب ضمن الميزانية العامة للدولة والتي تقترحها الحكومة سنويا ويتم الموافقة عليها وإقرارها، وبند الرواتب أو الأجور هو بند ثابت في تلك الميزانية، ولا يمكن لأحد أن يمس المخصص المالي لذلك البند، بأي حال من الأحوال، لذا تسير عجلة صرف الرواتب دائما بنسق ثابت ومنتظم شهريا وعلى مدار السنة. ولكن، لا ندري ما هي العجينة التي صنعتها الحكومة الحالية والسابقة ايضا، والتي أدت إلى عرقلة إنتظام وسلاسة صرف الرواتب، بل وفتحت ثغرة للعبث بمخصصاتها، وكيف تسنى لهما إستسهال التلاعب بقضية حساسة تمس لقمة العيش الكريم لأسر كثيرة، بينما كل فرد في الحكومة ينعم باستلام راتبه أول بأول وبالعملة الصعبة وبمبلغ خيالي. واليوم ومع إعلان التحالف هدنة ووقفا للحرب لمدة اسبوعين، ألم تفكر الحكومة بإعلان هدنة جادة ودائمة، وتطرح سلاح الرواتب جانبا، وتمضي في الوجهة الصحيحة، فتقوم بصرف جميع الرواتب المتعثرة منذ بداية عامنا الحالي ؟!.