ضبابية المستقبل الدولي لا يزال تحت المنافسة في اطار الدول الصناعية الكبرى التي لم يكن في الحسبان بأن تواجه العدو الغير مرئي أو على استعداد بأن تحتوي الجائحة. المستقبل الدولي والامبراطورية الجديد، والتربع على الادارة العالمية ومتغيرات ما بعد كورونا. خمسة أشهر منذ انفجار كوفيد-19 في مدينة ووهان الصينية واحدة من الدول الصناعية الكبرى والغنيه والتي عملت حكومة الصين بكل جهد منضم على احتواء الوباء وحجر الكثافة الصينية بشكل اولي وبكل صمت. في حين الدول الصناعية الكبرى الآخرى كانت تتابع بكل جهد وضجه دون حراك أو استعداد احترازي من تجاوز الصين للخطر، كانت الحرب قد خرجت من نطاق الدولة وبدأت بالزحف نحو العالم. بعد ان اجتاحت حرب الفيروسات بقية العالم، بدأ الوباء في إيقاف العجلة الاقتصادية العالمية، في الوقت نفسه أثبتت الأنظمة الصحية القائمة في الدول الغنية على عدم قدرتها على التعامل الفوري والاحتوائي لجوائح مماثلة لكورونا. رغم ما واجهه العالم من أوبئة وجوائح عبر التاريخ استمرت القوى العظمى في الاستعداد للتعامل مع العدو المرئي تطبيقا لنظرية السيطرة فقط ولم تتمكن من تطوير قناعة بضرورة تكريس موارد ضخمة لمواجهة عدو غير مرئي كالفيروسات وغيرها. لن يتمكن العالم من فهم حجم التغيير الذي ستتركه الجائحة على تاريخ البشرية إلا بعد نهاية الجائحة واحصائيات الخسائر ومُدتها. في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 أكد على اعتراف متزايد بالحاجة الى مقاربة أقوى ومتماسكة للأمن الصحي. ودعا الإدارة الأمريكية إلى استبدال المقاربة القائمة للأزمات بعقيدة قائمة على سياسة وقائية ضد الأوبئة والحماية منها والصمود والمرونة. فالسياسات المتبعة الآن قائمة على رد الفعل فقط وليس للوقاية منها. ماذا سيغيره كورونا؟ الجوائح التي مرت على مر التاريخ كانت نتائجها جذرية على المجتمعات جائت على متغيرات سياسية وثقافية وثورات صناعية. في ظل العولمه اليوم ستكون المتغيرات على مستوايات كبيرة تبدأ على الدول الصناعية الكبرى والغنيه، وستكون المطالبات بوضع الأمن الصحي على رأس أولويات استراتيجيات الدول العظمى، وتحديات صعبة أمام تغيرات للأنظمة السياسية في المستقبل.