أيام قليلة ويهل علينا هلال شهر رمضان المبارك الذي يستقبلة المسلمون في جميع بقاع الأرض ببهجة وسعادة، فشهر رمضان يختلف عن بقية شهور السنة، حيث تفتح فيه ابواب السماء وتغلق فيه ابواب الجحيم، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. كما خص الله سبحانه وتعالى هذا الشهر بصيام جميع أيامه، وتزكية النفوس وترويضها على الإبتعاد عن الأثام، وكبح جموح الشهوات. ولشهر رمضان مكانة عظيمة في نفوس جميع المسلمين، تلك النفوس التي تحلّق في آفاق التقوى والتقرب من الرحمن وتسعى لتقديم الطاعات بالصيام، والقيام، وتلاوة القرآن، وتقديم الصدقات. ولكن ما يحز في النفس ويثير الأسى أن يحل شهر رمضان المبارك هذا العام على الشعوب العربية والإسلامية، في ظل أجواء ملبدة بغيوم مشحونة بخطر وباء فيروس كوفيد 19، فتلك الجائحة التي سبق وأن لبدت سماء دول غير مسلمة ولا تزال غيومها المخيفة تسبح في سماء معظم دول العالم وتثير الرعب في قلوب جميع شعوب المعمورة، فهذا الفيروس الشرس أثبت بالتجربة العملية أنه عدو خبيث، لم يشهد العالم له مثيل، فسرعة انتشاره وانتقاله من المصابين إلى الأصحاء جديدةً وغريبة بل مرعبة، ومدى توسع رقعته وإكتساحه السريع لمعظم دول العالم أمر غير مسبوق، فتلك العوامل الخطيرة لذلك الوباء أربكت دول كبرى، فكان لا بد أن تتخذ حكومات جميع الدول التي تفشى فيها ذلك الوباء خطوات قوية وحازمة، وإجراءات وقائية عديدة من بينها العزل الإجتماعي، والذي أستوجب على كثير من دول العالم، فرض إجراء حظر تجوال في بعض أو كل مدنها، واغلاق جميع أماكن التجمعات البشرية ومن ضمنها دور العبادة، لمختلف الديانات، فلذلك نجد أن كثير من الدول في عالمنا العربي والإسلامي، والتي رصدت فيها حالات إصابة بهذا الفيروس، أضطرت مجبرة إلى السير وسلوك تلك الخطوات الاحترازية، فاغلقت أبواب مساجدها، كما أعلنت المملكة العربية السعودية عن غلقها أبواب البيت الحرام وتوقف أداء جميع العبادات فيه من صلاة وطواف وعمرة وذلك، لمنع تفشي هذا الوباء، وكما أعلن مفتي السعودية واجب أداء صلاة التراويح في رمضان وصلاة العيد في المنازل، ومنع فرش موائد الرحمن خلال شهر رمضان هذا العام. ويتسم شهر رمضان المبارك في كل عام بطقوس رمضانية مختلفة، وعبادات إضافية، كصلاة التراويح، والتهجد، والاعتكاف في المساجد في العشر الأيام الاخيرة من هذا الشهر الفضيل، فتلك الطقوس والعبادات تضفي أجواء روحانية على هذا الشهر وتعكس صفاء الروح ونقاء التقوى عند المسلم، ولكن وبفعل هذا الوباء الخبيث الذي يقف عقبة خطيرة تعرقل السير في الاجواء الروحانية وممارسة الطقوس التي اعتادتها الشعوب المسلمة، مثل موائد الإفطار الجماعي، والبقاء في المساجد لتلاوة القرآن، ستحرم الشعوب الاسلامية من تلك النعم، كما كان تفشي هذا الفيروس في المملكة العردية السعودية وفي معظم الدول الإسلامية حدث صادم لجميع المسلمين، فتسبب ايضا في منع أداء مناسك العمرة في شهر رمضان والذي يعادل أجرها عند الله أجر حجة، فمن المتوقع أن شهر رمضان الفضيل هذا العام سيكون مختلف عن جميع الاعوام التي مرت في حياتنا، وندعو الله أن يحمي امتنا الإسلامية من شر هذا الوباء ويخلص العالم أجمع من خطره، بإذنه تعالى، وشهر مبارك، وكل عام والجميع بخير.