يعيش المتقاعدون العسكريون والأمنيون ظروفاً معيشية صعبة لا يمكن تخيلها أو وصفها وسبر أغوارها بسطور ، فمعاناتهم تتفاقم وظروفهم تتدهور باستمرار جراء التجاهل الحكومي لهذه الشريحة التي أفنت حياتها في خدمة الوطن وبذلت دماءها ومهجها رخيصة من أجل عزته ومنعته وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه ؛ ولا يزال الكثير منهم منخرطاً في عدة جبهات للمشاركة في التصدي لمليشيات الحوثي ، ولا ينكر أدوارهم البطولية المشرفة وتضحياتهم الجسيمة سوى جاحد أو ناكر للجميل ، ويكفيهم شرفاً وفخراً أنهم أول من كسر حاجز الخوف وهيبة نظام عفاش الديكتاتوري القمعي وصدع بمطالب التحرير والاستقلال ، ولا يخفى على أحد دور جمعيات المتقاعدين العسكريين منذ الانطلاقة الأولى للحراك الجنوبي الذي تعاظم ككرة الثلج حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم ، وانتزع للجنوبيين الكثير من الحقوق ، وحقق لهم العديد من المكاسب لاسيما في الجانب العسكري . وحقيقة الظلم الواقع عليهم لا يمكن تبريره أو التغاضي عليه ، فقد تم حرمانهم من أبسط حقوقهم بصورة متعمدة ومع سبق الإصرار والترصد ، بدليل أن الزيادة التي أقرتها الحكومة منذ سبتمبر 2018م بقرار مجلس الوزراء رقم 79 لسنة 2018م وبنسبة 15% للمتقاعدين المدنيين ، و30% لكافة موظفي القطاعات المدنية وصرفت ابتداء من سبتمبر 2018م ، لم تشملهم حتى اليوم ولا تزال معاشاتهم زهيدة ولا تفي بمتطلبات الحياة ولو في حدها الأدنى في ظل الغلاء الفاحش بسبب تدهور سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية وبالأخص الدولار المرتبط بكافة المعاملات التجارية .
والمضحك المبكي أن المسؤولين في وزارتي الدفاع والداخلية يتحدثون دوماً بأن تأخر معاشات متقاعديهم بين الفينة والأخرى وعدم منحهم الزيادة أسوة بالمتقاعدين المدنيين وموظفي القطاع المدني ، يكمن بأن مليشيات الحوثي قد نهبت أموال صناديق التقاعد الخاصة بالدفاع والداخلية ، وبالطبع هذا عذر أقبح من ذنب كما يقال ، وسبب غير مقنع البتة ، فالمليشيات قد نهبت البنك المركزي وكل ما فيه من أموال الدولة ، وصفرت حسابات كافة الجهات ، ومما نهبته خمسة مليار دولار الاحتياطي النقدي بالعملة الصعبة ، ونهبت حتى أموال التأمينات والمعاشات ، ومن ضمنها 200 مليون دولار أرصدة نقدية كانت في حسابات الهيئة بفرع البنك المركزي اليمني في صنعاء قبل تحويل البنك إلى عدن ، أي أن الأمر لم يقتصر على أموال صندوقي تقاعد الدفاع والداخلية فحسب ..!.
وحقيقة ليست الحكومة وحدها من خذل هؤلاء المتقاعدين ، بل أن الجميع مشارك في ذلكم الخذلان وبالذات الهيئة العسكرية وقيادات جمعيات المتقاعدين العكسريين البارزين الذين تناسوا معاناة زملائهم تماماً بعد أن وصلوا اليوم إلى السلطة وأصحبت لديهم مداخيل أخرى أكثر بكثير من ذلك الراتب التقاعدي الحقير .. وللأسف حتى وسائل الإعلام لم تكلف نفسها عناء نقل معاناة المتقاعدين العسكريين وتؤازرهم وهي التي تعمل من الحبة قبة وتجيد استغلال اتفه حدث وتحوره إلى قضية رأي عام وضجيج إعلامي صاخب .
أخيراً : ولأن الحقوق تنتزع ولا توهب ؛ فعلى المتقاعدين العسكريين والأمنيين سرعة إعادة توحيد صفوفهم وتنظيمها وتشكيل كيان نقابي جديد ضاغط يطالب بحقوقهم ، وألا يسمحوا لأي طرف كان بتسيس قضيتهم أو استغلالها والمتاجرة بها لتحقيق مصالح شخصية ضيقة لقيادات نرجسية . زكريا محمد محسن