تشهد مواقع التواصل الاجتماعي الفيس والجامعات أحياناً استفتاءات من هذا النوع: من هو أفضل وأحسن رئيس حكم اليمن ؟ وينسى هؤلاء أن طرح السؤال بهذه الطريقة لا يفضي إلى قراءات صحيحة في نتائجه لأن المفاضلة بالمحاسن تضع المرء أمام حيرة وهي مفاضلة تنطلق من معيار الحب, ولأننا شعوب تبالغ في الحب كثيراً, لهذا أعتقد إذا أردنا قراءة صحيحة للمسألة نحتاج إلى تصويب السؤال على الصورة التالية: " من أسوأ رئيس حكم اليمن الشمالي, رتب المشمولين بالاستفتاء تصاعديا من حيث درجة السوء؟ ومن أسوأ رئيس حكم اليمن الجنوبي, رتب المشمولين بالاستفتاء تصاعدياً من حيث درجة السوء؟, ووضع السؤال بهذه الصورة له اعتبارات منهجية بحتة, وتتلخص هذه الاعتبارات إلى عدم جواز جمع رؤساء الشطرين ونحكم عليهم بمعاير واحدة تتعلق بالاختلافات السياسية والثقافية, ولأننا شعوب تبالغ في الحب, لكن أعتقد أننا لن نبالغ في الكراهية في مثل هذه الحالة..وكلنا يعرف المبالغة في الحب والكره من خلال القصتين أدناه: حيث عمدت كتب التراث مثلاً أن تمدح في سيرة حكم أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز في فترة خلافة بني أمية, نتيجة حبهم له ذهب الناس في مجتمعاتنا إلى نسج حكايات حوله وأسماه البعض بالخليفة الخامس تعظيماً لما قيل عنه من قول متواتر, وكما هو معروف أن عمر حكم عامين وعشرة اشهر تقريباً, وقالت عنه كتب التراث والسير مدائح حيث وصف عهده بعهد رخاء الناس في الخلافة الاسلامية وأنه ملأ الدنيا عدلاً وسادت في عهده مرحلة رفاهية لم تشهدها الخلافة الإسلامية لا من قبل ولا من بعد أبداً.
والحكاية الأخرى هي حكاية علي بن الفضل" الحركة القرمطية" وما شابها من تشويه أيضاً, ونقلت حكايات حول دخوله واستباحته لصنعاء, وقيل فيها أقاويل يشيب له شعر الولدان, كما أن ما قيل عنه لا يمكن أن يستقيم مع العقل والمنطق( يمكن الرجوع إلى كتاب د. عبدالعزيز المقالح قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة في اليمن).
ونسى مداحي عمر بن عبدالعزيز, أن سنين حكمه القصيرة وبالنظر إلى وسائل وأدوات العصر كانت لا تكفي أن يرسل رسالة إلى والي خرسان وعودة الرد إليه منها... كما نسى قادحي علي أبن الفضل, إنه ولو توافرت " الحبة الزرقاء حينها" لما استطاع أن يفتض 5 نساء لوحده في ليلة واحدة فما بالك ب 7000 إمرأة.
نحن شعوب دائماً تبالغ في الحب, كما إنها تبالغ في الكراهية, وعليه الاستفتاء يحتاج إلى قراءة للحالة فإذا كان عرضة للمبالغة بالحب, حينها نحتاج إلى وضع السؤال بحثاً عن الأسوأ والعكس صحيح,نحن شعوب عاطفية في أحكامها!!