دفع أحمد الحيمي ما يزيد على 10 آلاف ريال لإدخال الكهرباء الحكومية إلى منزله، على الرغم من استعماله العداد القديم والشبكة السابقة، في خطوة مشابهة وسعر مقارب للاشتراك في المولدات التجارية التي تكلف ما بين 10 – 15 ألف ريال، يتضمن سعر العداد والشبكة وأعمال التركيب، وتحدد سعر الكيلووات ب 205 ريال، وألف ريال كاشتراك شهري. وبعد سنوات من الانقطاع عادت الكهرباء الحكومية إلى صنعاء من محطة ذهبان التي تنتج حوالي 21 ميجاوات، ومحطة حزيز التي تبلغ قدرتها الحالية 7.5 ميجاوات لكن بصفة تجارية، وللفئات السكانية القادرة على تحمل سعر الفاتورة الجديدة، وليس كخدمة لجميع الناس. وفرضت وزارة الكهرباء التابعة لجماعة الحوثي على الراغبين بالاشتراك خمسة آلاف ريال كرسوم إدخال الخدمة، وثلاثة آلاف ريال لنقل العداد من داخل البيت إلى خارجه، بالإضافة إلى مبلغ غير محتسب كمكافأة للمهندس الذي سيعمل على إعادة ربط الشبكة لا يقل عن 2000 ريال، بحسب إفادة الحيمي لقناة بلقيس اليمنية
البحث عن بدائل
لم يتجاوز سعر الكيلووات 7 ريالات للكهرباء الحكومية المنتجة من محطات الديزل ومحطة مأرب الغازية التي دخلت الخدمة في عام 2009 بقدرة توليدية 340 ميجاوات، وغطت معظم محافظات الجمهورية، وارتفعت التعرفة لتصل إلى 17 ريال قبيل انقلاب جماعة الحوثي واندلاع الحرب الذي تسبب بتوقف المحطة عن العمل، وما سبقه حملات واسعة من الاعتداءات التي زادت حدتها منذ منتصف 2011. وعلى الرغم من أعمال الفساد في إدارة وتنفيذ مشاريع الكهرباء، فقد أنشأت الحكومات السابقة محطات التوليد، وشبكات نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، ليزيد حجم الطاقة من 714ميجا وات في عام 1990م إلى 1568.36ميجاوات في عام 2010م، وبمعدل نمو 119.65%، وزاد عدد المشتركين بمعدل 294.16% خلال الفترة ذاتها.
إلا أن الكهرباء الحكومية لم تكن تغطي سوى 49% فقط من حاجة السكان الذين يزيد عددهم عن 26 مليون نسمة، وبمتوسط استهلاك يقدر ب 190 كيلووات للفرد، مقابل متوسط عالمي قدره 2751 كيلووات. ومع توقف الخدمة، وما سبقها من إنطفاءات متكررة ناتجة عن الاعتداءات التخريبية، اضطر الناس للبحث عن حلول بديلة، بدأت بشراء مولدات منزلية صغيرة، ثم تحولوا لشراء منظومات الطاقة الشمسية التي كان له دور بارز في توفير الإضاءة في عموم المحافظات، ومؤخراً دخلت المولدات الخاصة إلى المنافسة. وصارت المولدات، ثاني أكبر مصدر للكهرباء باليمن، بعد الطاقة الشمسية، إلا أن نحو 10% من 55% من المنازل التي تستخدم الطاقة الشمسية تعاني من نقص الطاقة، مقارنة مع 10% من 23.7% من الأسر تعتمد على المولدات، وفق تقرير للبنك الدولي.
التجارة بالطاقة
استغل الحوثيون أزمة الكهرباء، وحاجة الناس الملحة إليها، وقام عدد من قيادات الجماعة بالاستثمار بالمولدات الخاصة عبر وكلاء ميدانيين، ونهب مولدات كهربائية من مؤسسات الدولة، ومنازل القيادات الحكومية السابقة لاسيما منازل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وأبنائه وأقاربه لاستثمارها تجاريا، ومارست التضييق، وفرض الجبايات على المستثمرين الآخرين.
وقامت وزارة الكهرباء التابعة للجماعة بتأجير الشبكة الكهربائية لمالكي المولدات الخاصة، وتأجير محطة حزيز الكهربائية حيث كانت المنطقتين الأولى والثانية من نصيب "مجموعة المترب"، والمنطقتين الثالثة والرابعة ل"مجموعة اللوزي التجارية"، بحسب مصدر بوزارة الكهرباء ل"بلقيس".
وتواصلا لسلسلة الاتجار والنهب لموارد ومقدرات الدولة، أعادت جماعة الحوثي تشغيل الكهرباء الحكومية في يونيو 2016 لأشهر، بعد توقف يقارب العام والنصف، ورفعت جماعة الحوثي سعر الكيلوات من 17 ريال إلى 80 ريال للمواطنين وللقطاع التجاري من 30 إلى 120 ريالاً، وأعلنت مؤخراً إعادة تشغيل الكهرباء الحكومية لكن بأسعار تجارية وصل سعر الكيلووات إلى 170 ريال للمواطنين و180 ريال للقطاع التجاري، و300 ريال كاشتراك شهري للخدمة.
وأمام الاشتراطات والتسعيرة الأخيرة، لم يعد بمقدور الناس البسطاء الاشتراك في كهرباء الدولة التي أضافت فارقاً وتميزا طبقيا جديدا بين الناس، بحسب عبدالولي النمري، الذي عجز عن توصيل الشبكة لمنزله كما فعل بعض جيرانه.