انتشرت في صنعاء ظاهرة (المولدات التجارية) والتي حلت محل شبكة الكهرباء العامة منذ آخر ظهور لها في العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بعيد انقلابهم على السلطة قبل حوالي خمس سنوات، وهي عبارة عن مولدات عملاقة كان بعضها بالأصل مملوكاً للدولة، تقوم بتوليد الكهرباء لسكان الحي عبر عدادات يتم تركيبها في المنازل. ويرجع السبب في انتشارها واقبال الناس عليها الى ضعف الطاقة التي توفرها الالواح الشمسية، وارتفاع سعر البطاريات بالإضافة الى سرعة تلفها، وهو ما أجبر غالبية المواطنين على الاشتراك في هذه الخدمة، غير ان اقبال الناس عليها بكثافة، فتح شهية اصحاب هذه المولدات لرفع سعر التعرفة وجني المزيد من الارباح، ولو على حساب الفقراء قليلي الحيلة.
حاجة ملحة يشكو مواطنون في العاصمة صنعاء من ارتفاع مفاجئ في سعر الخدمة وفرض إضافات غير قانونية على الفواتير الخاصة بالكهرباء التجارية، منها على سبيل المثال ما يسمى "الاشتراك الشهري". يقول "للصحوة نت" عبدالقادر، والذي يسكن في "ظهر حمير": "كل عشرة ايام نفتح الباب في الصباح لنجد فاتورة بخمسة الاف ريال، نحن لا نملك في البيت الا اربع لمبات وشاشة تلفزيون 24 بوصة، ليس لدينا سخان ولا كاوية ملابس، كما ننا لا نستعمل الدينامو لجلب الماء". ويضيف: "لقد أصبح المواطن فريسة لطمع تجار الكهرباء المتعطشين لما تبقى من دماء المواطن المغلوب على أمره". ويؤكد عبد القادر أن الحوثيين يعرقلون تشغيل الكهرباء الحكومية للمواطنين من محطة (حزيز)، والتي علمنا لاحقاً انها قد تحولت هي نفسها الى مولد تجاري، ويتهمهم بالتواطؤ مع اصحاب المولدات مقابل مبالغ مالية كبيرة يحصلون عليها منهم. يقول "سلطان القباطي" وهو صاحب محل للآيسكريم في منطقة "التحرير" : "كنت من أوائل الذين اقتنوا منظومة طاقة شمسية بداية الحرب، لكنها تتلف بسرعة كما ان طاقتها ضعيفة ولا استطيع تشغيل المكائن والثلاجات التي تصنع الآيسكريم فهي تتطلب طاقة اكبر من التي توفرها لي الواح الطاقة الشمسية، لذلك قمت بالاشتراك مجبراً في خدمة الكهرباء التجارية وفرحت اول الأمر، لكن الفواتير كانت تتصاعد كل عشرة ايام، بسبب ما قيل لي انها رسوم اضافية فرضت على اصحاب المولدات من قبل الحوثي، وانا اليوم اسدد ضعف المبلغ تقريبا الذي كنت اسدده اول اشتراكي في الخدمة رغم ان الطاقة التي استهلكها لا زالت كما هي ولم تتغير، فاصبح حالي كالمستجير من الرمضاء بالنار".
موت معلق.. ومع انتشار الاسلاك التي تربط المنازل بالمولدات، تبدو مدينة صنعاء مثل شبكة العنكبوت من كثرة الأسلاك المتشابكة والمربوطة بشكل عشوائي، وهو ما يتسبب في تشويه المنظر العام للأحياء والشوارع، وفي نفس الوقت يمثل خطراً على سلامة المواطنين. يؤكد "محمد العيدي" سائق دراجة نارية "للصحوة نت" انه كان شاهداً على احتراق طفل في الخامسة من عمره يوم أمس في حي الحصبة، بعد ان سقط كابل كهربائي من العمود على رأسه مباشرة، في مشهد مرعب ومأساوي.
رسوم غير قانونية.. واصدرت مليشيات الحوثي في صنعاء مؤخراً تعميما جديدا لملاك المولدات الكهربائية، قضى بتحديد سعر الكيلو وات الواحد بنحو 250 ريال والاشتراك الشهري بقيمة 1000 ريال، وفرضت وزارة الكهرباء التابعة للحوثيين رسوماً اضافية على اصحاب المولدات التجارية، كما ألزمت اصحاب المولدات بتركيب وحدات قياس لكل محطة كهرباء خاصة، بما يضمن تسديد نسبة عشرة بالمئة من اجمالي الطاقة التوريدية لكل محطة، وهو ما ادى الى رفع أسعار تعرفة الاستهلاك وأضاف عبئاً آخر على المواطن المثقل بالأعباء ويرجع اصحاب المولدات "سبب الارتفاع المتزايد في اسعار الكهرباء، الى الرسوم الكبيرة التي تفرضها عليهم ميليشيات الحوثي مقابل الاشتراك، اضافة الى ارتفاع سعر الديزل المستخدم في تشغيل هذه المولدات، وأزمات المشتقات النفطية التي تفتعلها المليشيات للنهب بأساليب اخري ويقول "ه.ص" صاحب أحد المولدات: "يفرض الحوثيون علينا مبالغ طائلة ندفعها على هيئة ضرائب، وإذا رفضنا دفعها سينتهي كل شيء وسنتعفن في السجن". ويضيف "للصحوة نت": "كنت من قبل استعين بشخص واحد او شخصين، اما الان فأعداد المشتركين اصبحت كبيرة، وصرت بحاجة الى المزيد من العمال والموظفين والمهندسين، وعلي ان ادفع رواتب كل هؤلاء". يذكر ان المليشيات الحوثية قد انشأت مؤخرا جمعية باسم "جمعية مالكين الكهرباء التجارية" وهو ما يراه مراقبون سعياً من الجماعة لخصخصة خدمة الكهرباء بشكل كامل، بالإضافة الى تأجير كافة محطات توليد الكهرباء بالعاصمة صنعاء لمستثمرين تابعين او موالين لهم.