استطلاع / عبداللطيف سالمين كانت العادة في عدن تقضي الازدحام الشديد في الاسواق، فور دخول الايام الاولى من شهر ذو الحجة، رغبة لشراء المواطنين احتياجاتهم لكسوة العيد.
وفي الاعوام الاخيرة تغير المشهد تدريجيا ليبلغ مداه هذا العام الذي يلاحظ فيه بصورة واضحة انخفاض في معدل اسعار الشراء والبيع، ومع الأوضاع الاقتصادية الاخيرة التي شهدتها مدينة عدن أصبح الأمر في هذه السنة يشكل عبئاً مضاعف، جراء غلاء اسعار ثياب العيد ومستلزماته مما ادى الى قول البعض ان شراء ثياب العيد لهذه السنة لمن استطاع اليه سبيلا.
هذا ما وصل اليه حالة غالبية سكان مدينة عدن البسطاء. عملة نقدية منهارة، واباء ما بين مقصلة انقطاع رواتبهم وسندان شحة فرص العمل. مدينة لا يُرحم فيها احد. غلاء مبالغ فيه لأسعار الشراء اكبر بكثير من فارق هبوط العملة المحلية امام الدولار.
وتجولت (عدن الغد) في اسواق مدينة عدن لتلقي الضوء على اسعار الملابس ومتابعةً الحركة التجارية.
البسة الاطفال في المقدمة.. اسعار الملابس جنونية
شهدت مديريتي الشيخ عثمان وكريتر والتي تعرف بأسواقها الشعبية ارتفاعا جنونيا في الاسعار حيث لم تعد تكفي العشرون الف ريال لشراء بدلة واحدة للشباب بينما من تمتلك هذا المبلغ من النساء فهو كفيل بتغطية سعر عباءة واحدة فقط! ومن يمتلك اطفال فإن العبئ يكون مضاعف كون ملابس الاطفال باتت تعرف انها الاغلى نظرا لكثرة التهافت عليها وكونها الاكثر طلبا.
ارتفاع الأسعار يكاد يكون عاماً وشاملاً لجميع السلع، ولكن أسعار الملبوسات، لاسيما ألبسة الأطفال، قصتها مختلفة، حيث أن أسعارها أقرب إلى الخيال، والمؤكد أن لا أحد يشتري سوى المضطر هذا العام، حيث أكد جميع من استطلعنا رأيهم أن عملية الشراء لا تتم في حال وجود إمكانية للتأجيل أو الإلغاء، لكن في حال كان لا بد منه يضطرون للشراء متناسين ما كان يعرف بملابس العيد الجديدة مستلزماتهم، وقد أكد بعضهم أنهم لجؤوا إلى اقتراض المال بهدف شراء ملابس العيد لأبنائهم الذين ليس لديهم ملابس لهذا الموسم وليس لهذا العيد.
وكذلك الحال بالنسبة لمكملات اللبس حيث تشهد الاحذية كذلك ارتفاع عالياً في الاسعار و تبلغ متوسط اسعارها مايزيد عن 10 الف ريال وبالنسبة لاسعار الحقائب النسائية لا يختلف الأمر كل شيء بات سعره جنوني في عدن وهو ما تسبب بعزوف كبير للمواطنين عن الشراء وركود في الحركة الشرائية تنعكس سلبا على الاسعار وتزيد من جشع الباعة الذين يزيدون في رفع الاسعار كي يعوضوا قلة الربح الناتجة عن هذا الركود.
المواطنون يشكون غلاء الاسعار
واضافة الى رصد سير حركة البيع والشراء قامت عدن الغد من خلال هذا التقرير بمتابعة شكاوي المواطنين والتجار في موسم عيد الاضحى.
حتى كتابة هذا التقرير لم تشهد الاسواق الازدحام المعتاد في غالبية الاسواق بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار.
ومع دخول الموسم، اشتكى المواطنون بعدن من غلاء أسعار الملابس، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تثقل كاهلهم وما يتبعه من بطالةٍ وفقر مدقع.
يقول الحاج ابراهيم ، إنه اصطدم بحائط الغلاء حين ذهب رفقة زوجته وأبنائه الخمسة لشراء ملابس العيد من سوق كريتر ، إذ فاقت الأسعار حساباته وتوقعاته لأكثر من ضعف المبلغ الذي بحوزته.
ويضيف ابراهيم في حديث "لعدن الغد"، أن "ثمن الكسوة الذي بحوزته لا يغطي ثمن الحذاء والاكسسورات ما أجبره على تأجيل عملية الشراء لوقت لاحق".
ويتمنى ابراهيم ، أن تشهد الأسعار تحسنًا خلال الأيام المقبلة ليتمكن من شراء ملابس العيد بالأسعار المعتادة، معتقدًا أن يخفض التجار ثمن البضائع مع اقتراب العيد حتى يتمكنوا من بيع أكبر كمية منها خاصة مع التراجع الملحوظ في عملية البيع والشراء.
وفي جولة في اسواق الشيخ عثمان ، التقيت بعدد من المواطنين الذين ابدوا امتعاضهم من ارتفاع أسعار الملابس بشكلٍ ملحوظ.
تقول احدى المواطنات ،إنها "اضطرت لشراء ملابس لطفلتها بثمن 30 الف ، بينما توقعت ألا يتجاوز ثمنها النصف نتيجة ارتفاع الأسعار داخل المحال التجارية"، مؤكدة أن هناك مبالغة في قيمة ملابس الأطفال.
وبينت، أن معظم المحال التي تعرض الملابس المميزة، ترفع أسعارها دون استثناء، وهذه الأسعار لم تكن مرتفعة بهذه الصورة قبل بداية موسم عيد الاضحى، متهمةً التجار برفع الأسعار بصورة متعمدة، بهدف تحقيق أكبر هوامش من الربح.
أما بائع الملابس، محمد الشرماني فيقول إن الأسعار تتناسب مع جودة الملابس التي تم استيرادها لموسم عيد الاضحى، ولكن نظرًا للظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها المواطنين في عدن ، تجعلهم يشعرون بارتفاعها.
واضاف:" نشتري بضاعتنا بأضعاف السعر الذي كنا نشتريه بها قبل اقل من عام ويأتي المواطن معتقدا انه بامكانه الشراء بأسعار لا تصل حتى لقيمة الشراء"
وشكا الشرماني بدوره من انخفاض نسبة الشراء عن الاعوام السابقة مؤكدا ان كثير من عملائه السابقين الذين يقومون بالشراء مبكرا كل عام لم يخطو عتبة محله حتى هذه اللحظة!
واكد الشرماني ، أن الفترة الحالية تعد من أسواء فترات الأسواق في عدنغزة، بعد هبوط العملة المحلية امام الدولار بالإضافة الى أزمة كورونا مشيراً إلى أن السوق قد فقد عددا من التجار بعد أن ألحقت بهم الديون وتخلوا عن مهنتهم.
وأكد الشرماني أن مشكلة تباين الأسعار بين محل وآخر ترتبط بملكية بعض تجار الجملة والمستوردين لمحلات البيع بالمفرق حيث يقومون أحياناً بالبيع بأسعار أقل من سعر السوق إضافة إلى اختلاف نوعية البضاعة وجودتها، كما أن توفر كميات كبيرة من البضاعة له دور كبير في فرق السعر مشيراً إلى توفر بضائع من أسواق عربية وأجنبية مختلفة إلى جانب البضاعة المحلية.
-غياب الرقابة والغش في الماركات
ودعا أحد التجار - فضل عدم الافصاح عن اسمه - الجهات المختصة إلى مراقبة أساليب الغش التي يتبعها عدد من أصحاب المحلات والتي تمس المستهلك، مبيناً أن من بين تلك الأساليب تقليد صناعات بعض الدول الأجنبية سواء كان ذلك داخل بعض المشاغل المحلية أو الأجنبية وبمواصفات معينة وحسب الطلب وقيامهم بوضع ماركات معروفة عليها لإيهام المواطن بأنها صناعة أصلية حيث أن أعداداً قليلة من المواطنين تستطيع تمييز تلك البضاعة وأغلبهم يقع ضحية تلك الممارسات بعد أن يدفع فرق السعر كبيراً لتلك البضاعة، خصوصاً في موسم الأعياد.
وأكد بعض المواطنين -الذين تحدثوا لعدن الغد -ما ذكره أحد التجار وقالت إنه نتيجة لخبرتهم في تمييز نوع البضاعة وجودتها الذي اكتسبتوه من خلال الشراء المستمر من بعض المحلات المتخصصة ببيع البضاعة الأصلية اكتشفوا أن عدداً من المحلات تقوم ببيع البسة مقلدة على أنها صناعة أصلية لا سيما الألبسة والأحذية الرياضية، وعليها ما يدل أنها من صنع تلك الدولة، وأحياناً لا يوجد ما يدل على مكان صناعتها وتباع بذات الأسعار للبضاعة الأصلية.
وطالب مواطنون تفعيل اجهزة الرقابة وتحديد الأسعار لحمايتهم من الاستغلال والحد من الارتفاع المستمر لها والذي يصل بحسب بعض التجار إلى أكثر من خمسة أضعاف الربح الطبيعي، وأكد بعض التجار أن استغلال عدد من أصحاب المحلات لمواطنين أدى إلى تراجع مبيعات سوق الألبسة بشكل عام مشيرين إلى أن المواطن يساعد في رفع الأسعار وخصوصاً خلال فترة الأعياد بسبب تأجيل الشراء إلى وقت محدد غالباً ما يتركز خلال الأسبوع الذي يسبق العيد ما يجعلهم مضطرين للشراء وبأسعار مرتفعة.