عند الخامسة فجرا هاجر منزل والدته ليتجه نحو من طلبوه ليعمل لديهم. ماكان يعلم أن السباع تنتظره وقد فغرت نيوبها لتنال من جسده المثقل بالمعاناة والهموم. أيام قضاها في العمل، وربما كان العمل قضاه الأخير للقضاء عليه. اجمعوا أمرهم ككفار قريش، ولعل قريش وأهلها كانوا أقل خبثا من كيدهم. حتى أن إبليس نفسه لم يسبق وأن فكر بأن يغوي البشر لارتكاب جريمة كهذه..!! في غرفة لا تتجاوز عدة مترات "مسرح الجريمة" تناوبوا في سلخ جسد الضحية...تماما كما يفعل بائعو اللحمة في مسالخهم عند تقطيع وسلخ المواشي بعد ذبحها. يبقى بائع اللحمة أكثر شفقة منهم، إنه يقوم بذبح الشاة قبل سلخها لكن هؤلاء قطعوا وريده ليدعوه ينزف على قيد الحياة.. تناوبوا عليه بالتعذيب كالكلاب الشرسة حين تنقض على الضحية.. كل واحد كان يفعل ما يطيب لنفسه وكأنهم أمام دمية لا حياة بها، فيفرغون جم غضبهم دون مبالاة..!! يتناوبون كعمال في قطاع خاص قُسم الوقت بينهم بالدقائق، كالماجنين في الحانات ينتشون بسكرهم وكلما وصلت النشوة ذروتها قاموا للرقص. كانوا خمسة والخبث يقبع صدرهم، وكان عبدالله الهدف الوحيد. انهالوا عليه ضربا حتى تعبوا من الضرب والتعنيف، ليقوم أخبثهم طريقة بقطع وريده لتقشعر ملائكة السماء أمام هذا الاجرام وتسجد تحت عرش ربها أن أقم الساعة. تركوه لا يقوى على شيء، وتركونا نتمنى أننا متنا قبل هذه المشاهد وكنا نسيا منسيا. كان يستغيث، فيقدم من استغاث به حين يناديه لينهال عليه ضربا فوق ضربهم حتى يفقده وعيه ويميته ألف ميتة. يستنجد ويستغيث بمن لا قلوب لهم، ثم يحتضن وسادة ملقاة على الأرض...ربما هي الوحيدة التي لم تعامله بقسوة ...يحتضنها بشدة ويحكي لها ما يلقاه وبضمة أخرى يئن لها جراحاته والعذاب يحكي لها مواجع كل سفاح من حوله يحكي لها، ويحتضنها ...فلا حضن احتواه من بعد أن فارق والدته سوى تلك الوسادة المثقلة بما حكى لها حتى اللحظة. قتلوه نعم قتلوه وظنوا أنهم بذلك قد انتصروا بتغطية جريمتهم التي اهتز لها عرش الرحمن، وأنهم سيتدبرون أمر نهايته بأن انتحر من تلقاء نفسه لكن الله اظهر أمره رغم خبث السباع. نم قرير العين يا عبدالله فأما نحن فقد أخذت الوسادة تختضنها وتنتزعها من تحت رؤوسنا ومن تحت رأس كل مسؤول في هذا البلد كي لا ننام ومن قتلوك تجري في عروقهم الدماء والأنفاس.. لقد انتزعت الوسادة ليصحو الضمير النائم، وما أراك إلا طوفان القيامة الذي سيجرفنا جميعا إن سكتنا وخناك في صمتنا والكلام. مطلبنا_القصاص_تعزيرا الأغبري