ظهر علينا في الفترة الاخيرة ناشطون يزعمون انهم يكشفون اسرار الفساد وثراء المسؤولين في الشرعية ، من بينهم الصحفي فتحي بن لزرق والاخ ياسر اليماني وغيرهم ، لكنهم يحومون حول حمىً غير الحمى الذي وعدوا باقتحامه ، فلا رأينا فساد الشرعية ولا قرأنا في منشوراتهم شيئاً عن أولئك الهوامير الذين ينهبون خيرات اليمن من نفط وجمارك وضرائب واتاوات . وعدنا فتحي بن لزرق واخلف في وعده ثم وعدنا ياسر اليماني فأخلف مثله ، ثم ذهب الاثنان الى شخص آخر ليس له صلة بالشرعية ولا بمواردها ولا نفطها ولا ضرائبها ولا مرتباتها ، شخص مستبعد ومقصي منذ عام النكبة 2011م وهو المحافظ السابق لتعز حمود خالد الصوفي. قال عنه فتحي بن لزرق ان لديه مصنعاً للأدوية في اثيوبيا وقال ياسر اليماني في اليوم التالي ان الصوفي يستعد لانشاء مصنع للادوية في اثيوبيا له ولابنه البرلماني صهيب الصوفي . وبين ماقاله بن لزرق وماذكره اليماني ترابط في الفكرة وتناقض في التعبير عنها مما يوحي بوجود مطبخ لهذا التسريب وهذا المطبخ هو بيت الفساد في العملية، على أن الاشارة مهمة الى الهفوات التي يقع بها ضحايا التسريبات اذا يأخذها بعض الناقلين على عواهنها دون تفحص المحتوى ومدى قدرة عقل المتلقي على تقبله . كتب مرة فتحي بن لزرق أن قادة جنوبيين يستثمرون اكثر من خمسمئة مليون دولار في مصنع للسجائر بالقاهرة ، علماً أن اكبر مصنع لهذه السلعة لاتتعدى قيمته عشرون مليون دولار ، وذات المطبخ هو الذي تغذى منه بن لزرق في تسريبات عن مصنع ادوية . بوصفي خبيراً في الإتصال الجماهيري وادارة الأزمات أقدم لكم هذه القاعدة العلمية : اذا كنت بحاجة الى المال ولديك قاعدة جماهيرية فمبقدروك ان تستثمرها للضغط على جهة تمنحك المال الذي تحتاجه ، أولى الخطوات .. إعلن عبر صفحتك ان لديك معلومات حول فساد الشرعية وقططها السمينة ، وسوف يتصل بك مدير مكتب علي محسن او احمد العيسي وسوف يحولون بوصلتك نحو هدف لاعلاقة له بما لديك من معلومات ، واذا كنت فاسداً في ضميرك سوف تنجذب لاغراءاتهم وتكتب عن شخص لم يكن أصلا في بالك ولا هو الذي هممت بالكتابة عنه . اعرف شخصياً حمود خالد الصوفي واعرف ان ابنه صهيب البرلماني بلا مرتب ويقيم في اثيوبيا منذ العام 2014 مثلما اثق ان إقامته هناك ليست دليلاً على ثرائه وامتلاكه لمصنع ادوية واثق ان افتراض امتلاكه اي شيئ هناك او في مكان اخر ليس دليلاً على فساد لأنه ليس مسؤلا في الحكومة وليس من موظفي الشرعية ولا من حملة مباخرها وليس من "ندامى" جلال والعيسي ومحسن وبن مبارك وعليمي الرئاسة ، واعلم ان الأثرياء يقيمون في اسطنبول وقطر ويستثمرون اموالهم فيها ويشترون عقاراتهم داخلها. لكن التحول الى حمود الصوفي بدلاً عن هوامير الفساد في الشرعية يستحق الف سؤال حول السبب .. ولدي هذا الجواب المفترض ؛ عندما تتلقى اتصالاً من أولئك السالف ذكرهم - حسب خبرتي الكبيرة في مجريات هذه الأمور - ستسأل المتصل : انا موافق على عرضك ولكني أعلنت ووعدت بكشف عن فساد .. ماذا أفعل ؟ . يرد عليك المتصل : اكتب ان فلاناً من الناس لديه مصنعاً في أثيوبيا ، وفي هذه الحالة التي تكون فيها بحاجة الى مخرج طوارئ والى مال في نفس الوقت لن تساعدك البديهية على استدعاء السؤال الطبيعي : ولكن ما علاقة هذا الشخص وهو ليس مسؤولاً ، ومع افتراض أن لديه أموالاً فهي ليست من موارد الدولة وبالتالي ليست من حصتي ؟ . حسناً لن تسأل هذا السؤال لأنك تكون تحت ضغط الحاجة الى كبش فداء فقد أعلنت لجمهورك ان لديك مفاجأة . بن لزرق واليماني وقعا تحت هذا الضغط النفسي فكتبا عن حمود الصوفي بدلا عن جلال هادي واحمد العيسي وبدلاً عن علي محسن والرئيس ورئيس الحكومة والوزراء وقادة (الجيش الوطني) وغيرهم ممن اذا قال قائل ان لدى أحدهم مصنعاً في جزر القمر قال آخر : لقد حصل عليه نتيجة منصبه في الشرعية . ولا زلت لا أشك في أن لدى بن لزرق واليماني وثائق عن فساد في الشرعية ولكنهما باعا تلك الوثائق ثم أعطوا متابعيهم الهراء . هذا بحد ذاته إهانة لنا كمتابعين لهم واستخفاف بعقولنا وفهم قاصر عن تقنية ادارة القطيع.
