من المعلوم أن الكادر الأكاديمي للجامعات اليمنية كان يحظى إلى جانب الكادر القضائي بالاهتمام والرعاية الخاصة والعالية. ويعد المنتسب إلى أحد هذين المجالين من اصحاب المكانات العالية والمستويات الراقية والميسورة الحال مادياً واجتماعياً ومن أصحاب الشخصيات المرموقة والمحصنة بقوة القانون والمحمية بمكانتها الإعتبارية. هذه الطبقة الوظيفة التي تعد خير ما أنتجته العملية التعليمة وأبرز ما أفرزته المؤسسات التربوية والفنية والمهنية وأفضل الطبقات المجتمعية التى تكونت من المتفوقين والمميزين دراسياً في كل مستويات ومراحل التعليم لقت الرعاية والدعم الكافي منذ بداية مشوار التأهيل وعبر قرارات التعيين بالأقسام والمعاهد والكليات الجامعية وعبر عمليات الإبتعاث الي مختلف دول العالم للتخصص والدراسات العليا وعبر رصد وصرف المخصصات المالية والكافية لرسوم المقاعد الدراسية ومصاريف الدارسين الشخصية وعبر تذاكر السفر للخارج والعودة الي أرض الوطن وإلى رحاب الجامعات الحكومية وعبر توفير السكن الملائم والراتب المناسب للحياة المعيشية. هذا الوضع عهدناه وظل سائداً ومعمولاً به في زمن الإهتمام بالعلم وبالمتعلم وفي عهد النهوض والإزدهار الجامعي والمعرفي والتكنولوجي وتغير في زمن التغير السلبي وزمن العبث العلمي والتعليمي وتدهور في زمن التدهور الاخلاقي والانساني وأنحرف في عهد الجهلة والأميين والمنحرفين....فأصبح المتفوق دراسياً بدون تأهيل ولا تعين ولا وظيفة وتوقفت عمليات الابتعاث للتأهيل والتخصص والدراسة وأنقطعت مرتبات الكادر الاكاديمي وتشرد غالبية منتسبي هذا الكادر ومورست أبشع الأساليب الهمجية والإمتهان للكرامة لمن تبقى منهم تحت رحمة سلطات الأمر الواقعية والقمعية. في هذه الأوضاع الكارثي أصبحت الجامعات الحكومية الا من رحم الله وكراً للتطرف والإرهاب الحزبي والمذهبي والطائفي واصبحت القيادة لأصحاب الخبرة والكفاءة في الفشل والتجهيل والولاية والولاء والبراء والاقصى والسفاهة.... في هذه الظروف المأساوية أهملت الجامعات الحكومية وفتحت الجامعات الخاصة والأهلية واصبحت العملية التعليمة سلعة تجارية تديرها مافيا وعصابات متخصصة يرتكز هدفها على المكاسب المالية ومحاربة الكوادر الوطنية والشريفة وعلى تنمية وتشغيل وتطوير الجامعات الخاصة على حساب إضعاف وتدمير الجامعات الحكومية. إن ما يحصل لهذا الكادر الذي يعد أحد أركان الدولة والطريق السليم للبناء والتقدم والإزدهار والتنمية يعني القضاء على التعليم وإعادة الأمية وتوقيف مشوار الإنتاج وقطار العمل والحياة الحضرية.