في الرابع عشر من أكتوبر هناك من يحتفلون ويشعلون الشموع والشعلة ويمدون أيديهم لقطع التورتة ، جميل هو الإحتفال وأجمل مافيه الشعور بالسعادة والمرح بعيدا عن الواقع المشؤوم ، ولكن في مكان آخر وبعيدا عن الأضواء هناك من يمد يده لتعود اليه بما يجود به أهل الخير . في هذا اليوم المجيد الاكتوبري العنيد حصل لي موقف مؤلم ومخيف ومحزن للغاية ، عندما كنت متواجد بالقرب من إحدى شواطئ عدن في جلسة قات مع أحد الأصدقاء وفي نشوة التخزينة وعلى أنغام أغنية برع ي استعمار برع من أرض الأحرار برع وإذا بشاب عشريني أقبل علينآ يصتحب طفلة في العاشرة من العمر ، شاب مرتب ويبدو من عائلة محترمة وعائلة ذات أصول جنوبية عريقة وهذا ماظهر لي من هيئة الشاب وملامحه ، إلقاء علينآ السلام وضننت بأنه تائه أو أنه يسأل عن أمر ما ، وإذا به يمد يده على استحياء.. ممكن مساعدة ، نظرت الى صديقي في حالة ذهول واستغراب واذا بصديقي هو الآخر لم يصدق ما تراه ، أدرت وجهي إلى الشاب وقلت له ماذا تقول أخي، قال ممكن مساعدة !! ولكن في حالة ذهول وعدم استيعاب قلت له ايش مشكلتك ممكن اعرف ؟ قال ي اخي لاتتفلسف وتسأل كثير عندكم شي ساعدوني ماعندكم اتركوني وشاني ...! لا يزال محافظ على كبريائه ما يعني أنه لأول مرة ينزل الشارع ، تفهمت ردت فعله وقرأت مايدور برأسه ، وكأنه يقول لي والله لولا حاجتي لما وقفت أمام وجهك بهذا الانكسار ، "وهل هناك ماهو أمر من الحاجة الى الناس ...!! غادرنا الشاب وأنا في صدمة غير مستوعب ماحدث ، تتبعته بنظرات حزينة ورأيته يمشي بخطوات متثاقلة ممسك بيدالملاك الصغيرة وكأنه يجر وراه أثقال آلدنيآ بكلها ، أما أنا في حالة شعور متضارب وأنا أنظر لذلك الشاب أتخيل وأنا اصتحب أحد أطفالي في موقف كهذا ، وأرجع اعاتب نفسي لأنه وحتى مجرد التفكير يعتبر أمر صعب ومحزن ، ومن ثم أرجع وأفكر كيف وصل هذا الشاب وعائلته الى هذا الحال وهل نحن جميعا نمشي في نفس الاتجاه ؟ لحظات خرجت فيها عن عالمي ومحيطي الى عالم مرعب ومخيف وللعلم هذا العالم لسنا بعيدين عنه أذا لم نتدارك الأمر وننفض الغبار ونشد الهمم ونواجه العالم أجمع في سبيل عزتنا وشموخنا وكبريائنا ومستقبل أجيالنا ، وما هذا الشاب الا واحد من العشرات إن لم نقل المئات من الناس الذين أصبحوا على رصيف الفقر ويعتبرون عنوان لمرحلة قادمة شديدة الظلام تقود خلفها سنوات عجاف نوفمبرية اكتوبرية في وطن لم ينعم بالحرية .