إصابة قيادي حوثي جراء اعتداء من قبل عناصر تابعة لقيادي آخر في إب    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    توجيهات بالاستعداد القتالي في حضرموت وتحركات لعضو مجلس القيادة الرئاسي    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    إصابة ثلاثة أطفال جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات بالضالع    ضبط 54 متهمًا في قضايا جرائم جنائية    ترتيبات سعودية عمانية جديدة بشأن اليمن.. وجولة مفاوضات مرتقبة بين السعودية والحوثيين    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أول قيادي مؤتمري موالي للحوثيين بصنعاء يعزي عائلة الشيخ "الزنداني" في وفاته    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    فلنذكر محاسن "حسين بدرالدين الحوثي" كذكرنا لمحاسن الزنداني    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    الحوثيون يراهنون على الزمن: هل ينجحون في فرض حلولهم على اليمن؟ كاتب صحفي يجيب    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدروس والعبر من ثورة 14 أكتوبر
نشر في عدن الغد يوم 14 - 10 - 2020

مثل الرابع عشر من أكتوبر من عام 1963 ، انطلاق الشرارة الأولى للثورة في جنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني، والتي دامت أربع سنوات، خاض خلالها المناضلون مواجهات عسكرية مع القوات البريطانية في جميع جبهات القتال زلزلت مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني، حتى نال جنوب اليمن استقلاله من الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر 1967 ، بعد احتلال دام 129 عام اً.
ونرصد في هذا الإطار أهم الإرهاصات الأولى لثورة ال 14 من أكتوبر:
1963
24فبراير: عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر"القوى الوطنية اليمنية" حضره أكرمن (1000 ) شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة، إلى جانب عدد من الضباط الأحرار وقادة من فرع حركة القوميين العرب. وقد توصل المجتمعون خلال أعمال المؤتمر إلى اتفاق لتوحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة. وجرى في المؤتمر استحداث مكتب تكون مهمته وضع مشروع ميثاق مؤقت للتنظيم الجاري تشكيله، وذلك على هيئة نداء إلى جميع القوى التي تؤمن بوحدة الحركة الوطنية اليمنية في النضال لحماية النظام الجمهوري والدفاع عن ثورة سبتمبر الخالدة، وتحرير الجنوب اليمني من الاحتلال الأجنبي، حيث استقر الرأي على تسمية هذه الجبهة باسم "جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل" أخذت في أغسطس من نفس العام تسميتها النهائية "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل" على أساس الاعتراف بالثورة المسلحة أسلوبا وحيدا وفعالا لطرد المستعمر. وقد تمخض عن هذا المؤتمر تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة فيه كان على رأسها قحطان محمد الشعبي، وبعد اجتماعات عدة عقدتها اللجنة التحضيرية، أقرت ف
8 مارس نص الميثاق القومي الذي كان يتألف من مذكرة والميثاق نفسه، وبرز في صدر الميثاق شعار الجبهة "من أجل التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعية" وفي مايو 1964 نشرت الوثيقة الموضحة للخط السياسي لهذا التنظيم.
19أغسطس: إعلان تأسيس "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل". وتم تشكيل قيادة الجبهة من 12 شخصاً. وقد تكونت الجبهة من خلال اندماج سبعة تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح، وهي: حركة القوميين العرب، الجبهة الناصرية في الجنوب المحتل، المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، الجبهة الوطنية، التشكيل السري للضباط والجنود والأحرار، وجبهة الإصلاح اليافعية (تشكيل القبائل)، ثم التحقت ثلاثة تنظيمات أخرى بالجبهة القومية، وهي: منظمة الطلائع الثورية بعدن، منظمة شباب المهرة، والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل.
14أكتوبر: انطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م في جنوب الوطن ضد الاستعمار البريطاني 10ديسمبر: خليفة عبد الله خليفة ينفذ عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني، وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن، كما أصيب أيضاً بإصابات مختلفة 35 من المسؤولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد الذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري الذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لها في عدن. وكانت هذه العملية الفدائية التي أعاقت هذا المؤتمر هي البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة
11 ديسمبر: صد ور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره
والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني. وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
1964
7 فبراير: أول معركة للثوار اليمنيين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في (ردفان (لحج.
3 ابريل: شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب، في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية، لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها.
28 ابريل: مجموعة من فدائيي حرب التحرير يشنون هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان)
14 مايو: قامت طائرات بريطانية بغارات ضد الثوار في قرى وسهول ردفان، أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة، كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار الذين أسمتهم ب"الذئاب الحمر".
1965
19 يونيو: سلطات الاحتلال البريطاني تصدر قانون الطوارئ، إثر اشتداد الأعمال الفدائية على قواتها، وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، واعتبرتها حركة إرهابية، وقامت بأبعاد 245 مواطناً من شمال اليمن
22 يونيو: الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل تعقد مؤتمرها الأول في تعز، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن. واعتبرت نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب اليمني المحتل. وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية والميثاق الوطني.
25 أغسطس: الجبهة القومية ترفض نتائج مؤتمر جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، ونعتته ب"مؤتمر الخيانة"، ورفضت أي حلول أو تسوية مع الملكيين باعتبار ذلك تهديدا للنظام الجمهوري وإضعافا للثورة في الجنوب.
2 أكتوبر: بريطانيا تعلن عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968، وانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة تسفر عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.
18 أكتوبر: قيادة جبهة الضالع تتلقى دعما ماليا من المغتربين اليمنيين في المملكة المتحدة بلغ ثمانمائة وعشرين ريالا "ماريا تريزا" مساهمة منهم في دعم الكفاح المسلح ضد المستعمر الأجنبي.
1966
22 فبراير: أصدرت الخارجية البريطانية "الكتاب الأبيض" الذي أعلن رسمياً قرار بريطانيا القاضي بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968.
5 ابريل: الجبهة القومية، تشكل لجنة للعمل على جمع التبرعات من إخوانهم في المناطق الشمالية، استهلت اللجنة عملها من لواء إب، حيث بادر المسؤولون والمشايخ والمواطنون بالتبرع بالمال والحبوب بأنواعها وأسهموا بنقلها إلى قعطبة.
28 يوليو: نفذ الفدائيون في حضرموت عملية قتل الكولونيل البريطاني جراي، قائد جيش البادية. وكان هذا الضابط هو الذي نفذ عملية اغتيال المناضلة الفلسطينية رجاء أبوعماشة عند محاولتها رفع العلم الفلسطيني مكان العلم البريطاني أثناء فترة الانتداب البريطاني لفلسطين.
.. أغسطس: الحكومة البريطانية تعلن اعترافها بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره.
10 سبتمبر: نظم نادي اتحاد الطلبة في مدينة سيئون مسيرة طلابية للتنديد بزيارة المندوب السامي البريطاني لحضرموت.
1967
15 8 مارس: الجامعة العربية تصدر قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن.
2 ابريل: بدون تنسيق مسبق، حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.
3 ابريل: فدائيو حرب التحرير ينفذون عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين.
20 يونيو: تمكن الفدائيون من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.
12 أغسطس: الجبهة القومية تسيطر على مشيخة المفلحي بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.
28 سبتمبر: تأسيس إذاعة المكلا التي انطلقت باسم "صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل".
5 نوفمبر: قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن المحتل تعلن وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرتها.
14 نوفمبر: وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) يعلن أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
21 نوفمبر: بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن. وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي، ووفد المملكة المتحدة(بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
26 نوفمبر: بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن، ومغادرة الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
29 نوفمبر: جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن.
30 نوفمبر: إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم.
30 نوفمبر: صدر في عدن قرار القيادة العامة للجبهة القومية، بتعيين قحطان محمد الشعبي، أمين عام الجبهة، رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة سنتين، كما تم تشكيل أول حكومة برئاسة قحطان الشعبي
وبعد.. فإن ما سبق ايرادة من أفكار وأراء وسط حصار المخاوف والمحاذير في محاولة للتغريد خارج السرب ليس حباً في الخروج على المألوف كهدف في حد ذاته.. وٕإنما هي محاولة لطرق أبواب وفتحها على مساحات أخرى مهملة بفعل هيمنة المسلمات، وزوايا معتمة غمرها النسيان بفرض المحرمات بمعنى إن انقضاءاكثرمن خمسون عام من عمر ثورة 14 أكتوبر 1963 م يكفي لوضعها موضع المساءلة ومحاسبتها ولو حتى بأسلوب الربح والخسارة ناهيك عن أسس شرعيتها وقيمة مشروعها السياسي والدور الذي مارسته لتنفيذه وجدوى هذا المشروع، ما كان منه وما بقى منه إذا بقى منه شيء باستثناء رحيل الاستعمار البريطاني الذي كان مفروغاً منه وبالاختصار المفيد لابد من أن نسأل ما الذي قدمته الثورة 14 أكتوبر للشعب وما الذي سلبته إياه؟. وهل أعطت أكثر مما أخذت؟.
وقبل إقرار السؤال ومحاولة البحث عن إجابة له فإن سؤالاً أخر ينبغي أن يسبقه لتسهيل المهمة هو ما هي هذه الثورة؟هل هي هبة جماعية قامت بها مختلف القوى الاجتماعية؟ هل هي ثورة خاضها الشعب بسائر طبقاته أم هي ثورة للقوى السياسية المنظمة التي تمثل ما يسمونه هذه الأيام جميع ألوان الطيف السياسي؟ هل مثلت الثورة وحدة وطنية تلتف حول هدف أو أهداف عامة أو محددة مرغوب فيها ومطلوب تحقيقها وتكون هذه الرغبة وهذا الطلب مفتوحاً لمشاركة مختلف ا لإطراف السياسية وموضع إجماع أو أغلبية وطنية مقتنعة به وعلى استعداد للعمل من أجله والبذل في سبيله؟ للأسف أن جميع الأجوبة على هذه الأسئلة هي كلمة "لا" بصوت عال وبخط كبير أسود.. والحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن الثورة أحتكرها تنظيم سياسي واحد ولا جدال في أنه كان التنظيم المسلح الرائد وصاحب السبق هو "الجبهة القومية" الذي كان فرعاً محلياً لما كان يعرف بحركة القوميين العرب،، وقد أخذ هذا التنظيم على عاتقه محاربة الاحتلال البريطاني في فترة الكفاح المسلح وفي نفس الوقت مقاتلة الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى المناوئة للاحتلال إلى إن أوقع بها الهزيمة وطردها وانفرد لوحده بانتزاع الاستقلال من بريطانيا.. وبعد ما خلت له الساحة لم يجد أمامه سوى نفسه ليحاربها فحاربها ببسالة حتى النفس الأخير. ولم ينجح هذا التنظيم في شيء مثلما نجح في ربط ثورة 14 أكتوبر باسمه.. وفي تدمير نفسه بنفسه.
إن ثورةالرابع عشر من أكتوبر المجيدة جاءت دون شك كتتويج للانتفاضات الشعبية ضد الاحتلال البريطاني آنذاك وكانت امتداداً طبيعياً لثورة السادس والعشرين من سبتمبر - الثورة الأم- حيث تحملت عدن الباسلة ثقل الثورة لأهميتها الإستراتيجية والسياسية التي كانت تتمتع بها. وللإنصاف أقولها بأمانة إن عدن تحملت العبء الأكبر لثورة14 أكتوبر حيث قدم أبناؤها التضحيات الكبيرة وكانوا سنداً للقطاع الفدائي من حيث تسهيل مهمتهم ومساعدتهم على الاختباء أثناء شن الهجمات الفدائية على القوات البريطانية.. علماً أنه كانت هناك الشرطة المسلحة وكان تواجدها في قلب عدن وكان ينتشر التنظيم بين صفوفها وكذلك في كافة المعسكرات التي يتواجد بها الجنود اليمنيون وكان يربطهم التنسيق الجيد بين قيادات القطاع الفدائي وبين المسئولين العسكريين المنخرطين في التنظيم وكان للشرطة المسلحة دورٍ كبير في المساهمة وبفعالية في القطاع الفدائي وتغطية كثير من العمليات وكان التنسيق قائماً بين المعسكر والفدائيين لكافة العمليات التي يقومون بها .
ركزت الجبهة القومية منذ بداية انطلاق الكفاح المسلح على تشكيل خلايا ثورية داخل صفوف الجيش والأمن وداخل مؤسسات وأجهزة الحكم الاستعمارية على طول الساحة مما سهل ووسع النشاط الثوري الوطني بمختلف أشكاله من بعد إخفاق توحيد فصائل الثورة المسلحة في 13 يناير 1967 م(الدمج ألقسري( وتمثلها في فصيليين هما الجبهة القومية وجبهة التحرير.
،يشير الأستاذ المناضل محمد سالم با سندوه في كتابه) قضية الجنوب اليمني المحتل في الأمم المتحدة) )بقوله: (إن الجبهة القومية ورثت أكثرية تنظيم خلايا القوات المسلحة ولم يبق مع جبهة التحرير إلا النسبة الأقل منال خلايا والعناصر...) ...الخ كما أن استياء العلاقة بين قيادات الجبهة القومية، والمخابرات المصرية والتي أدت إلى قطع الإمدادات والدعم عن الجبهة القومية مما جعل الجبهة القومية تركز نشاطها على الجيش والأمن والمناطق الريفية للحصول على الدعم والتأييد، مما ساعدها على الاستمرار بالنضال بل وانتشارها والاتساع في الساحة النضالية وسيطرتها على الجيش والأمن، وبالتالي وقوفهما إلى جانبها في اللحظات الحاسمة، برغم تأسيس هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل) في نهاية 1962 م لكن هذه إلهيئة لم تحظَ بدعم القيادات العربية المصرية ما أضعف دورها رغم أنّها حصلت على دعم بعض القيادات اليمنية، فكان لابد من إيجاد إطار سياسي جديد، وبناءً على دعوة من المجاميع الجنوبية الموجودة في صنعاء والتي كانت غير منضمة إلى هيئة تحريرا لجنوب اليمني المحتل) عقد اجتماع في 24 فبراير 1963 م في دار السعادة بصنعاء (مؤتمر القوى الوطنية) حضره أكثر من ( 1000 ) ممثل للوطنيين المستقلين و الضباط الأحرار وقادة حركة القوميين العرب، وتمّ التوصل إلى اتفاق حول توحيد جميع القوى الوطنية في جبهة موحدة أطلق عليها (جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل .( وانتخب لها مكتب سياسي مكوّن من 11شخصاً .
وعقد المكتب السياسي عدة اجتماعات توصل بعدها إلى إعداد مشروع ميثاق قومي تمت المصادقة عليه في 8 مارس 1963 م وأقره الحاضرون من رجال القبائل والجنود والضباط الأحرار ومثلوا القوميين العرب.
إلا أ ن هذه الجبهة، التي حظيت بدعم القيادة المصرية وحركة القوميين العرب، لم تحظَ بدعم بعض القيادات اليمنية في صنعاء وحزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي، مما جعلها لم تحقق نجاحات كبيرة في نشاطاتها ولم يفتح لها مكتب، بينما حصل حزب الشعب الاشتراكي الذي يقوده عبد لله الأصنج على مكتب لممارسة نشاطه في قاع ألعلفي حالي اً.وفي 29 مايو 1963 م كانت تزور صنعاء لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن لجنة تصفية الاستعمار بالأمم المتحدة، فقام أبناء الجنوب بتنظيم مسيرة في ذلك اليوم تحركت من( العرضي (باب اليمن) إلى دار الضيافة (المتحف الحربي حاليا سلموا فيها مذكرة إلى اللجنة الدولية تشرح أوضاع أبناء الجنوب تحت الحكم البريطاني وحددوا مطالبهم التي تؤدي إلى الاستقلال. وأمام دار الضيافة خرجت اللجنة الدولية لاستقبال المتظاهرين تستمع إلى مطالبهم. فقام عبد لله علي عبيد، الذي كان يمثل أحد طرفي الحركة السياسية الجنوبية وهوحزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي بعدن، فطلب من اللجنة الدولية إجبار المستعمر على الرحيل من الجنوب وأنّ شعب الجنوب ليس لديه إمكانية لمجابهة بريطانيا العظمى، بينما الطرف الآخر الذي كان يمثل جبهة التحرير أو بالأصح حركة القوميين العرب كان يرفض الحلول السلمية مع المستعمر، فحدث خلاف حاد أمام اللجنة الدولية بين الطرفين.
ليس بخافٍ أنّ جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل التي تمّ الإعلان عنها في 24 فبراير 1963 مكانت التشكيلات الرئيسية المكوّنة لها ثلاثة : الضباط والجنود الأحرار وتشكيل القبائل وحركة القوميين العرب وبعض عناصر قيل إنّها مستقلة، لكن حركة القوميين العرب التي كانت تعتبر في تلك الأيام حركة اشتراكية أو شيوعية كان أعضاءها يمارسون نشاطهم بصورةٍ سرية كانت هي وراء تأسيس هذه الجبهة بدعمٍ من القيادة المصرية، لكن هذه الجبهة لم يسر نشاطها على النحو المطلوب، لهذا أصدر بيان إلى الشعب العربي في جنوب اليمني المحتل بتاريخ 5 يونيو 1963 م باسم تشكيل القبائل انتقد الجبهات التي كانت وراء فشل جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل واتهمها بالتآمر، وأعلن عزمه على تفجير الثورة المسلحة في القريب العاجل.
وأهم ما جاء في البيان أنّه أول بيان تبنى كلمة الجبهة القومية حيث جاء فيه:
: (يا شعبنا العربي في الجنوب..( ارفع شعار الجبهة القومية بين القوى المناضلة وطالب بتحقيقها فالجبهة
القومية هي طريق الشعب لتوحيد صفوفه وتحقيق أهدافه,.وقد وقع البيان من قبل تشكيلين هما: تشكيل القبائل وضباط وصف ضباط الجيش. وكل البيانات التي صدرت عن التنظيمات السياسية في الجنوب، كانت تعتبر اليمن إقليماً واحداًشمالاً وجنوباً وجزءاً من الوطن العربي الموحد، ولا تعترف بالتجزئة.
في منتصف عام 1963 م بدأ ضغط القوى الملكية المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية وبريطانيا والدول الغربية الأخرى، يزداد على الثورة في الشمال بينما القوى السياسية الجنوبية لم تستطع التوصل إلى إيجاد إطار سياسي جبهوي قادر على تخفيف الضغط على الثورة عندما يتطلب الأمر ذلك، فعقد في منتصف شهر يونيو 1963 م اجتماع بين أبناء الجنوب والشمال في منزل القاضي عبدا لرحمن الإرياني “الكائن أمام القصر الجمهوري”، ضم من الجانب الشمالي : عبدا لرحمن الإرياني ومحمد محمود الزبيري ومن الجانب الجنوبي ناصر علوي السقاف وعبد لله محمد المجعلي وبخيت مليط الحميد وأحمد بن نمير العولقي.
لمحة سريعة عن أحداث عدن الملحمة البطولية 20يونيو67م
اليمن سباق إلى صنع الأحداث العظيمة والتي لها أعظم الأثر في صنع التاريخ العربي إلا أنها لم تحظ بالاهتمام ولم يعط لها حقها من البحث والدراسة للاستفادة من دروسها وعبرها لتربية الأجيال صانعة المستقبل وما مثل هذا الحدث العظيم ألا واحد منها وهذا ما لفت نظر بعض المهتمين فكتبوا عن هذا الحدث نتفاً هنا وهناك ومع ذلك لم تفها حقها وهذا ما دعا
الكاتب العقيد الركن محمد عباس ناجي إلى تأليف كتاب بعنوان (عدن، أحداث عظيمة أدت إلى الاستقلال).قدم له المناضل الفريق الركن/عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية مقدمة ضافية نقتبس منها وهو يصف الحدث قائلا: ( هذا الحدث ملحمة يونيو 1967 م البطولية التي قام بها رجال الأمن والجيش وفدائيو الجبهة القومية وجبهة التحرير ضد المستعمر البريطاني في مدينة عدن على وجه التحديد هذه المرحلة التي لم تأت نتيجة لظرف آن وٕإنما سبقتها مقدمات محلية وعربية ودولية )ويقول :(كانت هذه الملحمة كالقنديل المضيء في سماء الأمة العربية التي خيم عليها ظلام داكن نتيجة نكسة حزيران .
كانت العناصر القيادية المكلفة بقيادة نشاط الثورة في الجيش والأمن هي التي كانت تشرف وتنظم العلاقة وأعمال الكفاح المسلح بين فصائل التنظيمات المدنية والعسكرية وهذا كان أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى وقوف الجيش والأمن إلى دعم الثوار والثورة في صنع ملحمة(20)يونيو بل كانتا القوتين الرئيسيتين إلى جانب فصائل الثورة المتمثلة في فدائيي الجبهة القومية والتنظيم الشعبي الجناح المسلح لجبهة التحرير،ولا يمكن للمنصف أن يغفل عمداً عناصر صناعة المواقف التاريخية لعنصر هام مثل وقوف الجيش والأمن (كمؤسسات استعمارية) إلى جانب الثورة مثل القول بأن مواقفها التاريخية تلك جاءت بفعل تأثير تلك الخلايا فقط- بل إن الحقيقة تؤكد أن هناك عوامل وعناصر أخرى كان لها أهمية في صنع تلك المواقف التاريخية الهامة.
من الضرورة الاشارة إلى وجود تناقضات وتباينات في صفوف الجيش والامن وبينهما استغلت قيادات الثورة تلك التناقضات الكثيرة داخل تلك المؤسسات وبينها بحنكة ودهاء كبيرين لتوجهها ضد المستعمر ولا شك كانت تلك الخلايا من أهم آليات تنفيذ تلك السياسة فائقة الحبكه عالية الحنكة دقيقة الصنعة والتنفيذ.
من التناقضات تندلع الشرارة:
- من أهم وأول تلك التناقضات عامل توقيف مجموعة من الضباط اذ قبل أيام قليلة من بدء الملحمة أقدمت سلطات الاستعمار البريطاني بتوقيف مجموعة من الضباط وإحالة البعض إلى التقاعد....الخ.
- في صباح( 20) يونيو بدأ طلاب مدرسة الموسيقى ومدرسة أبناء الجيش بتجمعات في معسكر (ليك لاين) -حي الشهيد عبد القوي حالياً- تعبيراً عن رفض تلك القرارات، تطورت إلى أعمال عنف حيث تم إحراق بعض المباني في المعسكر, انتشر خبر الانتفاضة من داخل المعسكر "بطريقة متعمدة" إلى مدينة الشيخ عثمان, عندها خرجت الجماهير في مسيرة منظمة وحاشدة تتنافس في قيادتها فصائل المقاومة في كل من الجبهة القومية وجبهة التحرير مما دفع القوات البريطانية إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى لوحداتها العسكرية وبقية أجهزة حكمها وفي حوالى الساعة التاسعة من ذلك اليوم الميمون وبينما كانت القوات البريطانية آتية من معسكر سنغافورة (معسكر طارق حاليا)باتجاه معسكر (ليك لاين) في مدينة الشيخ عثمان اعترضها جنود الحرس لاتحادي المتمركزين في معسكر (تشامبيونلاين)(معسكر النصر حاليا)وأطلقت عليها النيران مما أدى إلى مصرع (9)جنود بريطانيين وجرح (11) وإعطاب عدد من الآليات وبالمقابل استشهد اثنان من رجال المقاومة (الأمن).
على إثر ذلك دفعت القوات البريطانية بتعزيزات جديدة وقامت بهجوم على معسكر النصر من كافة الاتجاهات فدارت معركة كبيرة تكبد فيها المحتل خسائر فادحة في الأرواح والمعدات والأنكى من ذلك خسارته الكبيرة المتمثلة بمن كان يعتمد عليهم ليس بانضمامهم إلى جانب الثوار بل قيامهم في مواجهته المباشرة وبانحيازهم التام إلى جانب الوطن.
توقف القتال ظهر ذلك اليوم، إلا أن التوتر انتقل الى معظم مراكز ومعسكرات الجيش وأشدها توتراً معسكر (أرمد بوليس) (الشرطة المسلحة) في كريتر -معسكر 20يونيو حالياً حيث قام الجنود والضباط بالاستيلاء على مخازن الأسلحة والذخائر رغم الاحتياطات الكبيرة التي اتخذها المستعمر للحول دون ذلك.
جرى حوار بين الطرفين هدفه عدم دخول القوات البريطانية المدينة, وأصرت القوات البريطانية على اقتحام المدينة وبدأت طائراتها بالتحليق في سماء المدينة وعلى ارتفاعات منخفضة مصحوباً بتقدم القوات على الأرض من محاور مختلفة واحتدمت المعركة. تم إسقاط طائرة بريطانية وقتل أكثر من (12) جندياً بريطانياً وأضعافهم من الجرحى وتدمير عدد من الآليات مما رفع من معنويات الثوار والمواطنين الذين قاموا باقتحام السجن المركزي وإطلاق سراح السجناء وتسليحهم والذين كان معظمهم من الفدائيين ومناصري الثورة .
في هذا اليوم "20"يونيو استشهد الشاب البطل علي سالم يافعي وجرح ثلاثة من المقاومين, جرى تشييع جثمانه الطاهر باشتراك جماهيري كبير تحت القصف البريطاني.
رغم ذلك التفوق الكبير للجيش البريطاني إلا أن الثوار أحكموا سيطرتهم على المدينة بشكل تام رغم استمرار القوات المحتلة بالقصف من كل الاتجاهات البرية والبحرية والجوية لمدينة الصمود كريتر عدن .
في هذا اليوم أصدرت كل من الجبهة القومية وجبهة التحرير بيانات تناشد فيها المنظمات الدولية والمجتمع الدولي التدخل لحماية المدنيين وطالبت عناصرها الاشتراك في الدفاع عن المدينة والصمود كما أهابت بصمود الجماهير ووقوفهم إلى جانب الثورة في هذه الملحمة البطولية وتلبية لذلك أعلنت المكاتب والمحلات التجارية والمصارف والبنوك الإضراب العام ليتعزز بذلك التلاحم الشعبي.
وواجهت القوات البريطانية الآن خيارا حيويا فبإمكانها إما أن تتوجه للقضاء على التمرد بالقوة أو أن تراقب الأحداث لترى ما يتلوها من نتائج ولاعتقاد الرؤساء العسكريين والمندوب السامي أن إي إجراء متهور يمكن أن يثير تمردا شاملا بين القوات المسلحة للجنوب العربي ولعدم تأكدهم من مدى تورط الشرطة المسلحة اختاروا الطريق الأخير وعلى الرغم من أن القرار قد انتقد انتقادا شديد ا في ذلك الوقت إلا أن الأحداث برهنت على أنهم على حق لقد توفى الاثنا عشر جنديا وكان سيقتل المزيد منهم في محاولة انتشال الجثث كما أن الشرطة المسلحة برمتها كانت تضطر إلى الالتفاف حول المتمردين لو أن البريطانيين الذين كانوا عازمين على الأخذ بالثأر قد نزلوا إلى كريتر بقوة. ولفترة وجيزة ساد الذعر كافة ثكنات الشرطة المسلحة إذ كان العقاب متوقعا في كل لحظة وتخلى المتمردون عن مواقعهم واندفعوا لكي يحثوا زملاءهم المذهولين على الانضمام إليهم وأوضحوا انه لدى عودة البريطانيين لن يميز غضبهم بين الأقلية من المتمردين والأغلبية من المشاهدين وفازوا بوجهة نظرة ووافق الآخرون على الرغم من أنفسهم على اتخاذ مواقع دفاعية ولحسن الحظ لم توضع هذه التجربة موضع التنفيذ بتاتا فالسلوك الانفصامي الواضح الذي سلكته الشرطة المسلحة التي واصلت من ناحية تنفيذ واجباتها بحراسة البنوك والمباني الحكومية وبالاعتناء بجندي بريطاني جريح ومن ناحية أخرى بإطلاق النار على زملائه البريطانيين قد حير البريطانيين لعدة أيام.وفي حوالى الساعة الواحدة بعد الظهر وقعت حادثة أخرى عندما أصيبت طائرة عمودية من طراز (سيو) كانت تقل فريقا من قوات نور ثمبر الند فوز يليرز الملكية من أنقاض كريتر بنيران البنادق وجرح الطيار وهو الضابط فورد في ركبته لكنه تمكن مع ذلك من إنزال طائرته التي كانت تشتعل إلى الأرض وتم إنزال جنديي فوز يلرز لكن أحدهما كسر ساقه أما الثاني واسمه ديفي فعاد إلى داخل الطائرة المشتعلة لكي يخرج الطيار المجروح وبعد أخراجه عاد ثانية إلى الطائرة لإنقاذ جهاز اللاسلكي الذي تمكن بواسطته من طلب المساعدة وتقديرا له على هذا العمل منح ديفي وسام السلوك الرفيع.
إنهيار النظام
ولعدم ظهور البريطانيين كما كان متوقعا تشجع المتمردون وبدأوا بأعمال القنص ضد القوات المارة بيد أن معظم أهالي حي كريتر قد قبعوا في بيوتهم وتربسوا أبوابها منتظرين بخوف حمام الدم الذي لم يحدث بتاتا وعند غروب الشمس كان النظام في المدينة قد انهار تماما وانتشرت أعمال السلب والنهب وحطم حوالى 130 سجينا كانوا بداخل السجن المدني القيود ولاذوا بالفرار وفي المساء أصيبت طائرة عموديه تابعة للجيش كانت تحلق فوق المدينة املاً في العثور على بعض المعلومات الرئيسية عما كان يحدث بنيران القناصة وسقطت على سفح أحد الجبال وبأعجوبة نجا ملاحوها الثلاثة وأصيبوا بجروح فقط.
وبعد ذلك أصبحت كريتر في أيدي الرعاع وشهد الليل تسلل مشعلي الحرائق إلى الشوارع وإحراقهم السيارات والأكشاك والدكاكين في عربدة تدميرية مفرطة وكان أول أهدافهم هو الجمعية التشريعية العدنية التي كانت تستقر بمفردها فوق الصخر والتي كانت مهملة منذ عهد مكاوي ولكونها كنيسة سابقة ومصدر تذكير دائم بالمحاولات البريطانية لفرض النظام الديمقراطي البريطاني على شعب أجنبي فقد كانت موضع إغراء لا يقاوم لمثيري الشغب والثوريين على السواء وفي الساعة الثامنة مساء كانت القوات التي تحرس الحاجز على طريق الشاطئ تراقب التلال الغربية فوق الجبل مضاءة بالنيران المشتعلة وبعد ساعات سقط السقف مطلقا سيلا من الشرارات النارية وعند الصباح كان كل ما بقي من المبنى هو قطعتان محروقتان من جزئه الأعلى ترمزان بشكل رهيب لما سيحدث في المستقبل.
وفي تلك الليلة اجتمعت الإدارة البريطانية داخل غرفة الاجتماعات الهادئة في دار الحكومة لمواجهة الواقع البغيض وهو أن حي كريتر قلب حركة التجارية لمستعمرة عدن قد كان في أيدي المتمردين لقد شلت حركتهم لانعدام المخابرات فبدونه كانوا غير قادرين على متابعة مجرى الأحداث والتمييز بين الصديق والعدو وقد كان موقف قوات الجنوب العربي ذا أهمية خاصة بالنسبة لكل من عدن والمناطق التي تقع وراءها في الاتحاد.
ولم تتضح الصورة عن الفشل في التنبؤ بموقف جيش الجنوب العربي في أي مكان بشكل أفضل من مخيم (العند) الواقع عند مقطع طرق اليمن الرئيسية بين لحج وردفان وفي الصباح كلفت وحدة عسكرية بالتحرك إلى عدن في حال وجود أية ضرورة لإعادة النظام
في لايك لاينز أدرت الوحدة دون تذمر أو أية إشارة توحي بالقلق والضيق وفي وقت متأخر من النهار بعد أن تسربت أنباء غريبة هربت الوحدة فجأة وتوجهت نحو الطريق بسيارتها الثلاث للانضمام إلى أعمال الشغب.
إن العلاقة بين الشطرين اليمنيين الشمالي والجنوبي تشبه العمل في الأواني المستطرقة، فما يحدث في أي شطر يؤثر بالضرورة على الشطر الآخر، ومن هنا كان لثورة 26 سبتمبر التي جاءت كضرورة تاريخية وٕإنسانية في تمهيد الطريق لإحداث التغيير الذي أدى إلى قيام ثورة 14 أكتوبر وطرد الاحتلال البريطاني بتكاتف ونضال سائر القوى السياسية التي خاضت الكفاح المسلح ضد الاحتلال ليكون ذلك هو الإنجاز الأكبر- ولا أريد أن أقول الوحيد لثورة 14 أكتوبر وٕإلا وجب القول أيضاً أن الاستعمار البريطاني أعلن قراره بالانسحاب من تلقاء نفسه حالما يجد القوة السياسية التي يقبل بها لتستلم منه الحكم وبالتالي لا مفر من أن نسأل "هل كانت ثورة 14 أكتوبر سنداً لثورة 26سبتمبر أم كانت وزرا عليها؟" ومادمنا قد سألنا فلا بد أن نورد الإجابة التي ردت بها علينا الأيام والسنين "لقد انفجرت ثورة
26 سبتمبر لتتحول إلى طاقة إيجابية تصارع اليأس بالأمل بينما تطورت ثورة 14أكتوبر لتصرع الأمل باليأس".
ان العبروالدروس واضحة وجلية جلي الشمس فلا ينبغي ان نصرع الامل بليأس ولاينبغي ان يشبه اليوم البارحة ويجب ان لانعبرالنهرمرتين ان المشهد اليوم هوذلك المشهد الذي كان بالامس يجب الا نصل الئ الدمج القسري بين مكونات وفئات وعناصرصناعة الغد المشرق ونعيد تلك المشاهد التراجيدية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.