ربما لا يدرك الكثير منا أن يكون بينه وبين ربه سر . وما أكثر الأسرار التي يمكن للمسلم أن يسر بها إلى خالقه سبحانه . ومنها ما أشار إليه الرسول(ص) بقوله : (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله ...فذكر منهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ) وهذا سر من الأسرار العجيبة بين العبد وخالقه سبحانه . والمعنى أنه تصدق بصدقة سراً حتى لا يعلم بها أقرب الناس إليه . فما أجمل أن يكون بينك وبين ربك أعمال تعملها في وجوه الخير ولا يطلع عليها إلا خالقك سبحانه . تلك العلاقة الدافئة بينك وبين ربك هي من سيقربك إليه, ويحببك له ويدنيك منه ,فيسدل عليك حفظه وتأييده وستره ونصره وعونه ومعيته . سافر رجل بسيارته من داخل عدن إلى أن وصل السعودية فقطع مسافة آلاف الكيلوهات وحيدا وما أن وصل إلى مدينة جدة وقرع باب منزله ففتح له أهله الباب إلا وشعر بإرهاق فاضجع على الفراش ففارق الحياة . هذه قصة حقيقية من الواقع وليست من نسج الخيال وهذا الرجل معروف لدينا وليس بطلا أسطورياً . ما إن سمعت بالخبر إلا وأيقنت أن الرجل بينه وبين الله سر مع معرفتنا نحن بأياديه البيضاء في وجوه الخير ...لكن هذا الحدث بدون أدنى شك يدل على سر العلاقة بينه وبين ربه سبحانه .. ولك أن تتأمل هذه الحادثة.. ماهي إلا دقائق معدودة بينه وبين الأجل ربما تأخره إشارة المرور أو زحمة السير لأقل من خمس دقائق ... ومع هذا تجلى حفظ الله له بأن يموت في منزله وبين أولاده . فكم يحتاج الواحد منا إلى أن يعزز علاقته بربه بأسرار لا يعلمها إلا هو ... فإنه سيجد أثرها في الدنيا فضلا عن ثوابها في الآخرة . كأن يقوم أحدنا الليل فيصلي ما شاء الله والناس رقود فهذا من الأسرار العظيمة. في تلك الدقائق وفي تلك الظلمة الحالكة التي لا يراك فيها إلا مولاك... في تلك اللحظات تختلي برب الأرض والسماوات.. تبث همومك وشكواك ونجواك وأحلامك وآمالك وحاضرك ومستقبلك... وياحبذا أن تصبغ تلك المناجاة... بدمعة حارة . وقلب واجف. ونفس كسيرة . وفؤاد يرتجف.. وأكف ترتعش.. ذلك لعمري من أعظم الأسرار التي تسر بها إلى ربك سبحانه وتعالى . ومن تلك الأسرار أيضاً أن تعيل فقيراً وهو لا يدري من يعيله ... أو أن تتصدق بصدقة لا يعلم بها أقرب الناس إليك ... وغير ذلك الكثير والكثير ذلك السلوك الرباني الراقي هو دليل على متانة العلاقة بين العبد وبين خالقه وعلى عمق المحبة لله سبحانه وعلى صدق المشاعر الايمانية الفياضة تجاه المولىجل شأنه. تلك الأسرار تتجلى عليك بحفظ الله وتأييده ومعيته لك في الدنيا وفي الآخرة يظلك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .