أن تكتب هذا يعني أنك تتيح مجالاً للفضولي الذي يقرأ بالحكم عليك أنك زنديق، كافر،إرهابي،عميل، خائن، بليد، غبي، تنثر قصة حبك ليراها الآخرين ويسخروا منك. تكتب حياتك الخاصة ليراك الآخرين تعيش تفاصيلك اليومية بحضرة أعينهم التي تصافح نصك بين الفينه والآخرى، ليس كذلك عزيزي *القارئ* وليس كذلك عزيزتي *القارئة*. أن تكتب هو أن تعاني، أن تحترق ،أن تنطفأ ، أن تشعر ، وإن تحس وهل غاب في زمن كهذا غير الشعور والإحساس.؟! الشعور بالمسئولية ، الشعور بالحب، الشعور بالحياة وبالموت . أن تكتب هذا يعني أنك تشعر بالفقد والحنين والحب والشوق واللهفة والغربة واللجؤ والنزوح والهجرة والحرب . أن تشعر بالحنين لحبيبتك التي هجرتك منذ سبعة وعشرين عاماً والتي هي ليست في الحقيقة حبيبتك بل حبيبة شخص آخر، أن تشعر بالإشتياق لزوجتك التي طلقتها كل يوم ثلاث مرات من بعد صلاة العشاء وقبل الفجر وحين تضع ثيابك من الظهيرة وأن تشعر أنك لم تتزوج بعد. أن تشعر بطفلتك التي فارقتك بقذيفة وأنت لم تنجب بعد، أن تكتب هذا يعني أن تشعر بمأساة الوطن ، وفاجعة الفقد والرحيل ، وأن تشعر بالناس دون استثناء. أن تشعر هذا يعني أنك تملك القدرة على الكتابة ولكنك لاتملك القدرة على الحياة ، كم يلزم الإنسان من الشجاعة ليواجه نفسه...؟ وكم يلزم الإنسان من القوة ليكتب مأساة شعب بل أمة بأكملها .ِِ؟ وكم يحتاج المرء من عمر ليكتب...؟ وعما يكتب ...؟ ما الذي يستحق أن يُكتب..؟ الحب المفقود على رقعة الأرض التي يقال لها الوطن أم الموت الذي ينتظر كل حي على متن هذا الكوكب. لكني لن أكتب سواكِ دعيهم يقولون عاشق متمرد ، دعيهم يقولون عاشق، فاسق، مفارق،و مراهق، دعيهم يلقون القبض عليّ بتهمة العشق البواح،دعيهم يودعوني السجن ويقيدوني بالسلاسل والأصفاد، ودعيهم يحددون متى أكل ومتى أصلي ومتى أنام ومتى أسهر تحت جلد السوط لأعترف كم قبلة قبلتك، وكيف كانت آخر قبلة وكيف تمت أول قُبلة..؟ دعيني أخبرهم أني رسمة على شفتيك مالايعد ولايحصى من القُبل، ودعيني أعترف مجبراً ومكره أني احتضنتك وانحللتي حتى حللتِ في دمي ، وأنكِ تعيشين في مقلتي ، دعيهم يسفكون دمي بحثاً عنكِ وعن بقايا حبٍ خبئته هنا بعيداً عن الأنظار، دعيني أخبرهم بلا خجل أنّا تعانقنا هنا ، وأخبريهم أنكِ.تعيشين في رئتاي وشرياني وأوردتي، دعيهم يمزقون جسدي ويفتتوا عظامي أو ليس العظام تعود خلق آخر ...؟ إذاً قولي حبيبي سوف يعود في يوم ترونه بعيدا ونراه قريباً ، قولي سيعود حبيبي في يوم الفصل ، وما هو بالهزل لاتصدقي حين يقال لكِ مات عاشقك تحت مقصلة الشرف والعادات والتقاليد. لاتأبهي وقولي قد مات شهيداً من مات فداء للمحبوب ، لاتجزعي لاتفزعي وقولي لعل لقائنا يكون قريب، ودعيني.أخبركِ أن بلادنا تعاقب العشاق ولا يعاقب فيها المجرمون ، إذا كانوا لايخجلون من سفك الدماء فأخبريني لما نخجل من القُبل..؟ وهيا عانقيني بحرارة..!