اليوم أكملتُ التاسعة و الأربعين من عمري عشتُ فيها حياةً كغيري من الناس مليئة بالأحداث، فيها الغرائب و العجائب، عرفتُ فيها الناس وخبرتُ معادنهم فوجدت الماس والذهب، و ورأيت الذهب المغشوش ، و وجدت الحديد الصدَي الذي لا يُطرق و لا يُسحب فلا تنفع معه كيرٌ و لا نار. حافظ على الذهب و تمسك به، وحاول في المغشوش لعلك تنقيه، و لا تتعب نفسك بالصدَي فالطبع يغلب التطبع. اليوم وبالذات هذه السنة وافق مولدي مولد تاج البشرية ونجمها وقمة الكمال الانساني محمد صلى الله عليه وسلم و يا لله كم تملكني شعور بالرهبة والضعف أمام هذا الحدَث الذي أخرج للدنيا السراج المنير الذي اهتدت الأمة المتخلفة بهداه، وعزت الأمة الهزيلة بثباته وشجاعته، فأسأل الله كما وافق مولدي مولده أن يجعلني من الموافقين له قولاً وعملاً. ومن واقع خبرة الحياة أني وجدت السعادة الحقيقية هي في داخل النفس، في مبادئك، في قناعاتك، في حريتك، في كرامتك، في أن تعيش كما تريد لا كما يُراد لك. لقد عشتُ سنين عمري و أنا في عمق الحياة، مختلط بكل فئات المجتمع، لا أحب الإنزواء أو حياة الأبراج العاجية، أو حياة الفلاسفة الذين ينظرون لحياة الناس أنها جزء من ترفهم الفكري، بل عشت مع الناس فقرهم ومعانتهم بكيتُ معهم وفرحتُ لفرحهم، كنت و لازلت مقتنعاً أن مساعدة الناس في همومهم ومشاكلهم ليس بالتنظير وكثرة الخطب و المواعظ بل بالملامسة والتأثير المباشر للمشكلة و إزاحتها. في ظل حياتي لم أجد أفضل من التسامح والعفو عند المقدرة كعلاج لأي مشكلة عويصة، و لم أجد أنفع علاج مع الحمقى و أهل الدناءة مثل التجاهل وعدم إعطائهم فرصة للتسلق على ظهرك. أنا لا أُحبُّ البكاء على الأطلال و أراه شكل من أشكال التأنّث للرجال، ولكن أحب المبادرة والمباغتة وتغييرالأسلوب عند الفشل في العلاقات أو في معركة خسرتها. أُحبُّ الحياة ببساطتها وجمالها لا لتعقيد الأمور، أكره التطرف والتشدد باسم الدين أو باسم الوطن أو تعظيم الأشخاص، وكذلك أنزعج من الجهلة و السطحيين السذج الذي يتكلمون في كل شيء بلا علم. أريد أن أعيش بقية عمري حياةً مليئةً بالخير والنفع لديني و وطني و الانسانية جميعاً. هذه خواطر حدثتني نفسي رأيت من حق الصداقة التي بيننا أن أحدثكم بها. أخوكم/ حكيم الحسني. 2020/10/29. . الخميس.