من بعد الإطاحة إنتخابياً بدونلد ترامب عن رئاسة البيت الأبيض ولم يتمكن من إكمال دورة ثانية، تبرز كثيراً من الأسئلة وبخصوص التحديات القادمة في سير العلاقات العربية الامريكية من جهةٍ وبما ينعكس على العلاقات العربية الأسرئيليةِ من جهةٍ ثانية؟. وبالنسبة للأخيرة فعلى خلفية تقدمها اخيراً في مسار مختلف عما يتبناه ويرددهُ العرب من ممانعة، وكان للولايات المتحدة دوراً كبير بالدفع قدما لكسر ذلك الحاجز، وتسجيلها إختراقاً في عهد الرئيس دونلد ترامب وتكلل جهدها بإبرام اتفاقيات بينها ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتبعتها البحرين، والسودان تجاوزا للخطوط الحمراء العربية واحدة منها اللاءات الثلاث بإجماع القادة العرب عليها على هامش قمة الخرطوم في عام 1967وتنص لا تفاوض لاصلح لا اعتراف. والمبادرة الأخرى التي أطلقت في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية رحمة الله عليه واجمع عليها ايضا كل القادة العرب وأطلقَ عليها انذاك بمبادرة الأرض مقابل السلام.
ومن البديهي أنّ يفكرَ العرب عن طريق قادتهم وسط ما يتعرضون له من تهديد مستمر يطالهم من دول اخرى في المنطقة، والأقليم، بتطوير أساليبهم والتكيف مع الأحداث، والأوضاع الراهنة، والماثلة على الساحة داخلياً، وخارجياً إعتقاداً منهم أن سلوك طريقا مغايراً ومختلفاً عن ما ظلوا وعلى الدوام متمسكين به تجاه إسرائيل سيجنبهم مزيدا من التدهور، والتراجع وسيجعلهم اكثر تماسكاً، وقوة في وجه المخاطر المحدقة بهم، ويقع التعويل كله في هذا الشأن على الولاياتالمتحدةالأمريكية الحليف الأكبر لأسرائيل وبما يربطهم بها من علاقات استراتيجية في مساندتهم، وبالوقوف إلى جانبهم حيال ما تقوم به تلك الدول، وليس هذا إلا من بعد تفهمت وأدركت انه لاخير لها في هذه المرحلة من الأبقاء على عداءها التقليدي مع اسرائيل، ولا بد من إبتداع اساليب جديدة تمكنها من المقاومة، والصمود في وجه التحديات، وليس من عملٍ كفيلٍ بتحفيز امريكا إلا التطبيع مع ذلك الكيان، ليجعلها اكثر قرباً منهم وجدية، ويرقى بها من إطار المناورة إلى عمل يثني إيران ومن بعدها تركيا عن مساريها العدائي تجاه شعوباً عربية بعينها او التعديل فيه.
ولكن ما لم تضعه في الحسبان هو ماذا لوصعد الديمقراطيون من جديد إلى البيت الأبيص كيف سيكون الحال؟. فمن المعورف أنّ عهد الرئيس اوباما كان حافل ومليئ بالإنتكاسات للعرب، وحققت فيه إيران تقدم كبير على صعيد ملفات سياسية مستغلة التطورات الجديدة التي عصفت وأربكت الشارع العربي، ومن ظمن ما كسبته فك الحصار عليها متجاوزة سنين من الإطباق كلفتها الكثير من المتاعب، لينتهي ومن بعد حوار تكلل بإتفاقٍ مبرم مع الامريكان والإروبين بدعم الرئيس ميشيل اوباما، أفضئ إلى تجميد العمل في مفاعلاتها النووية مقابل منحها كثير من التسهيلات والامتيازات الاقتصادية والتي بموجبه هي الآخرى تمكنت وأبرمت العديد من البرتكولات مع شركات عالمية كبرى.
ولكن ومن بعد صعود ترامب عمل على الإنسحاب الفوري من جانب واحد من هذا الاتفاق ملقي باللائمة كلها على سلفه محملاً إياه كامل المسؤولية، ومعللاً ذلك انهُ رُئي فيه خطر على أمن امريكا ومصالحها في العالم، وليسرّع من حينها بإصدار قوانين جديدة تشدد الخناق على إيران مرة اخرى ليجعلها في موقعٍ لا تحسد عليه. وبدوره لقي هذا العمل إستحساناً كبير من قبل الدول العربية المتضررة بشكل مباشر من سياسة وتصرفات الديمقراطين حيال ملفات عدة منها انيٌة ومنها قديمة وبرزت على السطح من بعد صعود اوباما 2008م، بل وأحيت الثقةِ القديمة المتبادلةِ مع الامريكان.
وعلى الفور كسراً للجمود بدأء يشرع الجانبين في التحاور على ملافات منها عسكرية ومنها وتنموية، وليذهبوا إلى ابعد ذلك قبيل الإنتخابات الامريكية، وبتطبيع بعض الدول العربية العلاقات مع إسرائيل كواحدة ينظر اليها وبمزامنتها في هذا التوقيت بالذات أنها تندرج من ضمن اللألاعيب السياسة ولا اكثر من ذلك، وهُدف من خلالها مساندة الرئيس ترامب وتقوية فرصه للفوز بدورة رئاسية ثانية.
لكن الآن قد تبدو المسألة اكثر تعقيداً وبصعود الديمقراطين وهم يحملون معهم عدم الشعور بالرضاء تجاه الدول التي ساندت دونلد ترامب، ناتجا لتصرفاته العفوية والتي اضرت بالديمقرطية، وبالسمعة الأمريكية كثيراً، وبخروجها عن آطارها المتعارف عليه في السياق ذاته بشكلٍ لافت لما يعهده الشعب الأمريكي وعلى مراحل انطلاق التنافس الحر، لما قد يصبّون غضبهم على تلك الشعوب التي وقفت في هذا الجانب، وإن لم يكن بأسلوبً مباشر هو في العمل على تبني سياسات مناهضة لسياسات خصومهم الجمهورين في المنطفة، وهذا ما قد يعزز موقف اعداء لهم ومن ضمنها وأهمها إيرانوتركيا.