في الوقت الذي هدأت فية المعارك بجهبات الشمال، المعارك في الجنوب مازالت مستعرة وتحديداً في أبين، وحدهم الأهل فقط من يضعوت أيديهم على قلوبهم خوفاً على أرواح أبنائهم الذين ذهبوا للقتال في معارك إستنزاف، لا رابح فيها ولا خاسر إلا هم. وفي الوقت الذي مازال أطراف النزاع يتفاوضون فيه بالرياض للحصول على المناصب وتحقيق المكاسب، هناك شباب في عمر الزهور استقبلهم أهلهم في الأمس جتثاً هامدةٌ، جنوبي يقتل آخاه الجنوبي في محرقة لم تشهد أي تقدم حاسم على الأرض من الجانبين، الموت وحده فقط من يتقدم على الجميع، وبالمقابل المسؤولين يآمرون من الخارج ويعيشون في رخاء ونعيم هم وأبنائهم متنقلين بين عواصم البلدان، أبناء البسطاء وحدهم هم من يدفع الثمن غالياً.
استعراض القوى والمناورات العسكرية الطائشة التي تحدث في أبين وقودها شباب من خيرة أبناء الوطن، كان حلمهم العيش في سلام، بعضهم ذهب للحصول على مرتب يسد به رمقه وأهله، وبعضهم ذهب حباً لأرضه وبلده، ولكن أطراف النزاع خذلتهم وخذلتنا جميعاً في التساوم والتماطل بتنفيذ إتفاق الرياض وتحقيق السلام الذي نرجوه جميعاً، ولا نعلم إلى متى سيستمر حمام الدم هذا، بينما الحشود والآليات العسكرية مازالت مستمرة على تخوم المدينة.
كل الدماء حرام، ودم المسلم على المسلم حرام، وكل الحروب والدمار حرام، ارحموا دموع الأمهات التكالى والأطفال اليتامي، فدموعهم ستكون لعناتٌ يوم القيامة، متى سيحكم أطراف النزاع العقل ومتى ستقف تلك المعارك، لنبدأ في بناء الوطن المنكوب، ماذا ستقولوا للأجيال القادمة عندما تسلموهم بقايا وطن دُمر فيه كل شيىءٌ جميل، فالتاريخ سيكتب كل شيء.