أنا الآتي من ريف الله البعيد، أتيت أبحث عن أسرار المعنى، في صباح المدن الصاخب، أنا ابن البلاد السمراء، بلدة الله المعتقة بالرحيق والضوء، أنا الفتى الشقي جئت أفتش عن هدايا الله في يوم العطلة، أنا الحائر في مجاهل الكون، وبحور الخلد الأكبر. أتيت وهاهو الليل -بكل وقاحة- يخمش وجه البلاد، وبلا خجل- يبسط حكمه، يلطخ شوارع الفقراء بالظلام من يا ترى يقوى على محاربة هذا الليل الحقير؟! الأيام تهرب نحو القدر المجهول الأحلام تتناثر على عتبات العمر الرخيص الساعات تتوارى، تهذي، وتفر نحو الأبد الممتد الزمن الخائف خلف الباب، مرتجف، ويرقب آت أسود غبش الصبح المذبوح، يموت في رصيف العمر، بلا وداع أخير ومع هذا مازلت أنتظر _ بلا يأس_ قريبي الأبعد..! أتيت، وآهات تتصعد من صدر الوقت، دموع حرى تنساح من أجفان الريح، أنفاس حيرى تخنق حلق الظلام لليل تصرفات همجية، للظلام وحوش حمقى تمده بالغياب، وزمان حائر بلا معنى يسكت! كون واسع مشغول، يخنقه الزمن وهذا ليل سوداوي المزاج، طويييييل، لا ينسى أن يسهر هذا ليل أحقر، لا يضجر، لا يحلو، لا يخجل، فلماذا نحن بلا ماوى، أو حتى معنى يذكر..!