أصدر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن اليوم الثلاثاء بيانًا جديدًا، بدأه بالإشادة بدعوة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لدعم البنك المركزي المعترف به دوليًا ومساندته للحفاظ على استقرار العملة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. كما أكد البنك مواصلة ما وصفها ب"جهود الإصلاحات" وفق خطط واضحة وخطوات ثابتة، مستنداً إلى دعم مجلس القيادة الرئاسي ومختلف فئات الشعب، إضافة إلى مساندة الأشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية. حتى هذه النقطة بدا البيان طبيعيًّا في صياغته، لكن سرعان ما كشف عن لهجة دفاعية وهجومية في آن واحد؛ حيث أشار البنك إلى ما وصفها ب"حملات تحريضية مشبوهة" لا تستهدفه فقط كمؤسسة سيادية، بل أيضاً ما تحقق من استقرار نسبي للعملة الوطنية. واتهم البيان بعض "المحسوبين على الأجهزة الرسمية" بالوقوف وراء هذه الحملات، وسط "صمت تام من السلطات المعنية" – دون أن يحدد من يقصد تحديدًا، أو يوضح الجهة التي يتحمل مسؤولية هذا الصمت.
وختم البنك بيانه بتجديد تحذيره من "الآثار الخطيرة" لمثل هذه الممارسات الخارجة عن القانون، محذرًا من محاولات الانتقاص من صلاحياته واستقلاليته كجهة حاكمة للقطاع المالي والمصرفي، ومعتبراً أن ما حدث خلال اليومين الماضيين دليل على نتائج هذه التدخلات والتشويهات.
لكن المثير للانتباه أن البيان لم يأتِ على ذكر رئيس الوزراء سالم بن بريك، الذي يُجمع المراقبون على أنه كان المحرك الأساسي للإصلاحات الأخيرة التي ساعدت العملة الوطنية على التعافي النسبي. هذا التجاهل اعتبره محللون مؤشرًا على وجود خلاف واضح بين قيادة البنك ورئاسة الحكومة، خاصة بعد فضيحة التلاعب بسوق الصرف التي شهدتها عدن خلال الأيام الماضية.
ويرى مراقبون أن البيان لم يتضمن أي تعهدات عملية لوقف التلاعب، أو إجراءات صارمة لإعادة الثقة للمواطنين والقطاع المصرفي، بل جاء أقرب إلى تبرير الموقف والهروب من المسؤولية عبر توجيه الاتهامات وفتح جبهات خلاف جديدة، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد بدلًا من معالجته.
في الوقت الذي ينتظر فيه المواطنون إجراءات ملموسة تضبط السوق وتمنع تكرار ما حدث، اكتفى البنك المركزي ببيان إنشائي وتحذيرات عامة. الأمر الذي يطرح تساؤلات جادة: هل فقد البنك المركزي دوره كجهة ضابطة للسوق، ليصبح مجرد طرف في صراعات وتصريحات إعلامية؟