تهريب ملك قتبان الى باريس    سقوط أخلاقي لناشطي المرتزقة مع الكيان    أرامكو هيوستن تجمع نجمات الجولف العالمي وتكرّس ريادة سلسلة PIF بدعم جولف السعودية    ضربات أمريكية محتملة على فنزويلا    700 يوم من الإبادة: أكثر من 73 ألف شهيد ومفقود ودمار شبه كامل لغزة    سفير اليمن في واشنطن: حكمنا الجنوب بالعسكر وغدا سنحكمه بالمتعلمين    فرصتك التاريخية يا سعادة اللواء عيدروس فلا تضيعها    المناطقية طريقاً إلى الوطنية، والانانية جسراً إلى الانتماء    من (همفر) الى البترودولار بريطانيا والوهابية وصناعة الانقسام    واشنطن ترسل 10 طائرات مقاتلة إلى بورتوريكو وسط تصاعد التوتر مع فنزويلا    صحيفة امريكية تكشف عملية سرية فاشلة لواشنطن في كوريا الشمالية    الأمم المتحدة تعلن ارتفاع عدد موظفيها المحتجزين لدى سلطات صنعاء    ابين.. استهداف دورية لقوات الانتقالي في مودية    أمسية للجانب العسكري بمحافظة إب بذكرى المولد النبوي الشريف    اسعار الذهب ترتفع لمستوى قياسي جديد اليوم الجمعة    هيئة الآثار تطلق موقعها الإلكتروني الرسمي (goam.gov.ye)    بالالاف .. صنعاء تكشف عدد المفرج عنهم خلال اسبوع .. (قائمة)    اللواء المهدي يبارك نجاح الاحتفال بذكرى المولد النبوي في محافظة إب    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    من عدن إلى أبوظبي.. منحة إماراتية تفتح آفاق المستقبل لطلاب الجنوب المتفوقين    احباط محاولة إنشاء أول مصنع لإنتاج المخدرات في محافظة المهرة    ضمن استراتيجية بناء جيل متسلح بالعلم.. 100 طالب وطالبة يبتعثهم المجلس الانتقالي للدراسة في الخارج بدعم من دولة الإمارات    المَنَحُ الإماراتية ومحاولات إثارة الفتنة    الوحدة التنفيذية تدعو إلى توفير مأوى للنازحين بمأرب    تأهل الأوروغواي وكولومبيا والباراغواي إلى نهائيات كأس العالم 2026    ميسي يعلن غيابه عن مباراة الإكوادور    وزارة الاقتصاد تطلق مبادرة خيرية لمرضى المستشفيات بمناسبة المولد النبوي    13 جريحا في هجوم إرهابي على مركبة عسكرية شرق لودر    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    مجتمع حضرموت يحمّل بن حبريش مسئولية قطع الكهرباء    حادث مروري مروع في أبين يخلف وفاة وسبعة جرحى من أفراد اللواء الثالث دعم وإسناد    الملخص الأسبوعي لتحركات فريق التوجيه والرقابة الرئاسي ورئيس انتقالي حضرموت    لقاء تنسيقي بعدن يضع ضوابط صارمة على حركة الغاز للحد من عمليات التهريب    ترقب يمني لعودة الأمطار في هذه المحافظات    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    اليمن يواجه عمان في نصف نهائي كأس الخليج للشباب    الصمود والمواجهة: إرادة تصنع النصر    بجزائية هالاند.. النرويج تكسب فنلندا تجريبيّا    الرأس الأخضر تقترب من المونديال.. وليبيا تتمسك بالأمل    وفاة طفلين يتيمين في ظروف غامضة بمحافظة إب    الشجن قتل العجوز.. الوزير الوصابي: تصريح أم كلام نسوان    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي إبراهيم الحائر في وفاة والده    البيت الهادئ يدعو للقلق .. قراءة في تجربة طه الجند    القيصر    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على جهود مكتب التجارة والصناعة في لحج    الصقر والرشيد ...قمة مبكرة تشعل ربع نهائي بطولة بيسان    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    المنتخب الوطني للشباب يتأهل لنصف نهائي كأس الخليج    تراجع طفيف في الاسعار بعدن رغم تحسن قيمة العملة الوطنية    بدء صرف معاش شهر إبريل 2021 للمتقاعدين المدنيين    كهرباء عدن ترفع عدد ساعات الانطفاء والمواطن ينتظر    حل طبيعي .. شاي أعشاب يثبت فعاليته في السيطرة على سكر الدم    التكدس في عدن وإهمال الريف.. معادلة الخلل التنموي    انهض ايها الجبل    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    اكتشاف يعيد فهم ممارسات طب الأسنان القديم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناطقية طريقاً إلى الوطنية، والانانية جسراً إلى الانتماء
نشر في شبوه برس يوم 06 - 09 - 2025

في ظل الجدل الدائر حول المناطقية والانانية الدائر حاليا حول بعض الامور ، تطفو على السطح تساؤلات فلسفية عميقة، تتعلق بطبيعة الإنسان وصلته بالمجتمع، وأهمية الانتماء في تشكيل هويته ومن بين هذه التساؤلات، تبرز العلاقة المعقدة بين الأنانية والمناطقية، وكيف يمكننا أن ننظر إليهما من زاوية إيجابية، تضيء لنا مسارات بناء مجتمع أكثر تماسكاً وعدالة.

فالأنانية والمناطقية، كلمتان او صفتان غالبًا ما تُقرنان بالتعصب والانغلاق، لكنهما، في حقيقتهما، وجهان لعملة واحدة. فالأنانية، بوصفها غريزة متأصلة في الإنسان، تدفعه نحو الحفاظ على ذاته وتحقيق مصالحه الشخصية. أما المناطقية، فهي امتداد لهذه الغريزة على مستوى الجماعة، حيث تتسع دائرة "الأنا" لتشمل العائلة، ثم القبيلة، فالمنطقة الجغرافية، وصولاً إلى الوطن الأكبر.

هذه "الأنا" المتوسعة هي ما يميز الإنسان المناطقي، أو الأناني بالمعنى الإيجابي للكلمة. فهو، بدافع من غريزة الحماية، سينحاز أولاً إلى أولاده ضد أبناء أخيه، ثم يقف معهم ضد أبناء عمه، ثم مع أبناء عمومته ضد الغريب. وهكذا، تتسع الدائرة شيئاً فشيئاً، لتشمل القبيلة، ثم المنطقة، ثم الوطن. وهذه السلسلة من الانتماءات، وإن بدت للبعض ضيقة الأفق، إلا أنها تعبر عن طبيعة الإنسان التي جُبلت على العطاء والانتماء، وعلى حماية من ينتسب إليهم.

هذه الصفات، في جوهرها، هي من تجعل الفرد جزءاً من الكل، وتحفزه على التضحية من أجل الجماعة. فالأنانية، التي تبدأ بحب الذات، هي الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع سليم. فمن يكره نفسه، لن يتمكن من حب الآخرين، ولن يكون قادراً على التضحية من أجلهم. أما من يحب نفسه، فإنه سيسعى بالضرورة إلى حماية مصالحه، وهذه الحماية تمتد لتشمل أسرته، وقبيلته، ومنطقته، ووطنه.

هذه "المناطقية او الانانية" -بالمعنى الإيجابي- تجعل الإنسان مخلصاً لمن ينتسب إليهم، وتمنعه من التفريط فيهم. فهو لا يمكن أن يفرط في أولاده لإرضاء أولاد أخيه، ولا يمكن أن يقف ضد قبيلته -حتى وإن كانت على خطأ- لينال محبة قبيلة أخرى. ولا يمكن أن يستعدي شعبه ووطنه، أو يكون عميلاً لدولة أخرى ضدهما، لأن هذه الصفات تتناقض مع غريزة الحماية والانتماء التي تحركه.

فحب الوطن، يبدأ من حب الذات. ومن يكره نفسه، لن يتمكن من حب الآخرين، ولن يتمكن من حب وطنه. فحب الأسرة، ثم القبيلة، ثم المنطقة، ثم الشعب، هو تسلسل طبيعي، يتماشى مع التسلسل الجغرافي. فالأنانية والمناطقية ليستا قيداً على التقدم، بل هما وقود التلاحم الاجتماعي، الذي يضمن بقاء الجماعة وتماسكها في وجه التحديات.

أما "غير المناطقي او الاناني"، الذي لا يحب نفسه، فيمكن أن يقدم مصلحة أولاد الآخرين على حساب أولاده، ويمكن أن يضحي بوطنه من أجل وطن آخر. فهذا الشخص، وإن بدا متجرداً، إلا أنه يفتقر إلى تلك الغريزة التي تجعل الإنسان جزءاً من الكل، وتجعله قادراً على التضحية من أجل الجماعة.

من هنا، نستنتج أن المناطقية والوطنية صفتان متلازمتان. فالشخص الذي يعتز بمنطقته، هو بالضرورة شخص يعتز بوطنه. ولا يمكن أن ترى مناطقياً حقيقياً يفرط في وطنه، أو يخونه، إلا إذا كان سياسياً مدعياً للمناطقية أو الوطنية، أي أنه يستغل هذه المشاعر لتحقيق مآرب شخصية أو سياسية ضيقة.

ومن هنا يمكن القول، بان قيمة هذه الفلسفة تكمن في إعلاء قيمة الانتماء، وفهم العلاقة المعقدة بين الفرد والجماعة. فالأنانية، في حد ذاتها، ليست بالضرورة شيئاً سيئاً، بل هي غريزة أساسية لبقاء الإنسان. والمناطقية، هي تعبير عن هذه الغريزة على مستوى أوسع، وهي خطوة ضرورية نحو بناء مجتمع متماسك وقوي. فحب الوطن، يبدأ من حب الذات، ويمتد ليشمل كل من نرتبط بهم، وكل ما ننتمي إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.