صورة (الزعيم)، وهو يقتلع قلب الجندي بيده ثم يقوم بأكله، تثير المشاعر الإنسانية، غريبة ومقززة لا يمكن تصديقها، لأنها خارجة عن الذوق وصادمة للفطرة وتناقض العقل فضلاً عن تعاليم الدين ومقتضيات الحد الأدنى من المعرفة الدينية أو الإطلاع البسيط على أساسيات الثقافة الإسلامية السهلة الميسرة التي لا يكاد يجهلها الأطفال. اعتبر الكاتب السعودي محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ ان مقطع الفيديو الذي يظهر فيه أبو صقار، زعيم مجموعة مقاتلة في سوريا، وهو يأكل قلب وكبد احد عناصر الجيش النظامي السوري بعد قتله، "صورة قميئة وتصرف متوحش قبيح يشير إلى الكم الهائل من الأحقاد والضغائن الذي تحملها فئات المجتمع السوري على بعضها البعض ".
والأكثر خطورة، بحسب الشيخ، ان" الذي اقدم على هذه التصرفات الحيوانية والمروعة، قائد من قادة المعارضة، وليس جنديا من الجنود ".
والسؤال اليوم كما يطرحه ال الشيخ :" إذا كان القائد بهذه الوحشية والدموية واللا إنسانية فما بالك بالجنود؟ ".
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الاميركية باتريك فينتريل قال إن " الولاياتالمتحدة أصيبت بالهلع بعد مشاهدتها لمقطع الفيديو، و إن مثل هذه الأعمال الطائفية الوحشية تشكل انتهاكاً صريحاً للقانون الإنساني الدولي وتصب مباشرة في مصلحة النظام".
وكان خالد الحمد والمعروف ب (أبو صقار) اعترف بقيامه بتقطيع جثة عسكري نظامي وانتزاع أعضاء من جسده. وقال أبو صقار إنه أقدم على ذلك "ردا على ما وصفه بالفظائع التي ارتكبتها قوات الرئيس السوري بشار الاسد".
وكان مقطع مصور لأبو صقار ظهر فيه، وهو يقطع قلب وكبد أحد قتلى جنود القوات النظامية السورية ويأكلهما، قد أثار انتقادات واسعة.
وفي تعليقه على مقال ال الشيخ يعتبر القارئ عبدلله إن نشر هذا الخير " محاولة لتشويه وجه الجيش الحر، وان كل ما قالته اميركا يجب تصديقه ".
وكتب قائلا " اميركا هي ام المصائب على العالم ولا ننسى انها اشترطت في ما مضى ان لا توقع على احدى اتفاقيات معاملة الاسرى الا بعد انتهاء حربها على افغانستان ".
ويبرر الناشط الرقمي أبو تمام، سلوك (آكل الأكباد)، في رده على ال الشيخ بالقول " تعذيب الانسان الحي أشد وأقسى من ذلك الميت أو المقتول. شاهدنا مآسي أعمال (الشبيحة) التي تنفطر لها القلوب القاسية، أناسا يموتون حرقاً , وآخرين يُدفنون أحياءً , وغيرهم يُرمون من اعلى المباني , وبيوت تهدم على مَنْ فيها ".
و يتسائل أبو تمام في النهاية :" اليس معاناة هؤلاء اكبر بكثير من ذاك الذي قُتِل ثم أُكلِ كبده ".
الكاتب الاردني رحيّل غرايبة، يصف في مقال له في جريدة (العرب) الأردنية ان صورة (الزعيم )، وهو يقتلع قلب الجندي بيده ثم يقوم بأكله، " تثير المشاعر الإنسانية، غريبة ومقززة لا يمكن تصديقها، لأنها خارجة عن الذوق و صادمة للفطرة وتناقض العقل فضلاً عن تعاليم الدين ومقتضيات الحد الأدنى من المعرفة الدينية أو الإطلاع البسيط على أساسيات الثقافة الإسلامية السهلة الميسرة التي لا يكاد يجهلها الأطفال ".
واسترسل في فكرته :" هناك معرفة عامة يقينية لدى عامة المسلمين مهما كان حظهم من العلم والفقه بمبدأ النهي الواضح والحاسم عن التمثيل بجثة الميت حتى لو كان عدواً مقاتلاً، بل إن النهي كان واضحاً عن التمثيل بجثة الحيوان الميت حتى لو كان كلباً عقوراً".
ويتسائل غرايبة مندهشاً :" من هو أبو صقار ومن أين جاء؟، ومن أي كوكب أتى؟، وهل ينتسب إلى المجتمع الإنساني؟، فضلاً عن العربي والإسلامي، وهل هو شخصية حقيقية وموجودة فعلاً ؟، وهل هو ينتسب إلى عالم الثوار والمقاتلين في سوريا ؟ وكيف وصلت هذه الصورة إلى المواقع الإعلامية؟، ومن هي الجهة الإخبارية المسئولة عن حقيقة هذا الخبر ونشره؟!".
وفي جوابه على ذلك يكتب غرايبة :" هذا الخبر له دلالات كبيرة و خطيرة، بشأن ما يحدث على الأرض السورية، من تلاعب إعلامي خطير، وأدوار خبيثة في التشويه واغتيال السمعة، من أجل تشويه صورة الشعب السوري وقتل روح الثورة، ونشر ثقافة اليأس والإحباط، وسد نوافذ الأمل لدى الأجيال العربية بالتحرر والكرامة، والتخلص من نيران الاستبداد والقمع، وقبضة الحكام الظلمة الذين أقاموا عروشهم على أشلاء الشعوب وجماجم الأطفال ".
ويرجح غرايبة وجود " خطة ماكرة وخبيثة لخلق الانطباع بأن حركات التحرر مرتبطة مع دول الاستعمار والاستكبار الغربي، وصديقة للكيان الصهيوني، ومدعومة من الأنظمة الرجعية، ثم هناك محاولات لربط حركات التحرر بالتخلف والجهل والإرهاب والتطرف والإجرام، والتعصب الديني، وحب القتل والاغتيال، والحط من شأن النساء، واحتقار المخالف، ويشترك في تنفيذ هذه الخطة أطراف عالمية وأخرى عربية على مستوى الدول والأنظمة وجهات حزبية منتفعة".
ويرى غرايبة ان هناك حملة اعلامية لها مقاصد من وراء نشر " فتاوٍ مختلقة وغريبة وفي الوقت نفسه، سمجة ومنحطة، لم يسجلها التاريخ، تحت لافتة (جهاد النكاح)، والآن يتم نشر خبر التمثيل بالجثث المدعم بالصور المقززة، مما يدفع الأجيال إلى الرضى بالواقع المر وتفضيل الاستبداد، والبقاء تحت نير الأنظمة الديكتاتورية المتسلطة فراراً من التغيير القادم الذي يحمل هذه الصورة القاتمة ولكن الغرابة في الإخراج تدل على أن الجهة المنفذة تنتمي إلى عقلية خارجية بعيدة عن هذه المنطقة وبعيدة عن تقاليدها ".
ويصف الكاتب الياس حرفوش سلوك أبو صقار، "بالمنفّر والسلوك غير الانساني بكل المعايير".
وينبّه حرفوش في مقال له في جريدة ( الحياة ) الى ان " الطائفيين وجدوا في الشريط فرصة ليبثوا احقادهم ويعيدوا نبش التاريخ القديم من (الارتكابات) المذهبية على خلفية ان خالد الحمد (سنّي) المذهب والضحية (علوي)، كما يبدو. وتحت ضغط مشاهد من هذا النوع يتوقف العقل عادة عن العمل".
لكن ابو صقار، وهو يأكل كبد عسكري سوري، وجد أيضا من يبرر فعلته، ويناصره، ففي (توتير ) غرّد، الكاتب الجزائري والمراقب المستقل في بعثة الجامعة العربية إلى سوريا أنور مالك، انه "قبل الحديث عمّن قضم قلب (شبيح) تساءلوا عن جرائم دفعت أبو صقار إلى إقتراف ذلك أمام كاميرا ".
وتابع قائلا " كنت التقيته في باباعمرو، وكان نموذجاً للهدوء والرصانة".
وغرّد هادي العبد الله، مقدما نفسه على انه ( رفيق ) ابو صقار، قائلاً " رأيت بنفسي ثمانية عشرة اصابة أنهكت جسد ابو صقار، ورغم الألم، كان الأشرس في معاركه ضد نظام الأسد ".
وينبّه الصحافي والمذيع السوري موسى العمر عبر تغريدة له في تويتر الى ان "شبيحة النظام بقطع الآذان، وبقر البطون، وجدع الأنوف، سبقوا ابو صقار في فعلته ".
وفي 18 ابريل، نشر ابو صقر بيان استقالة من الثورة جاء فيه" إن الداعمين يريدون منا أن نصبح خدماً عندهم , ننفذ أوامرهم , ونعمل تحت سقفهم. كل ذلك بسبب فقرنا بشكل عام وخصوصا بالذخيرة , كل ذلك لان شبابنا يركضون نحو الشهادة. بعد كل تلك الأسباب السابقة وبعد عجزنا من إصلاح حتى أخوتنا , ولانهم لم يستمعوا الى نصائحنا , ولانهم نسوا الله , أقرر ترك الثورة إلى حين تحسن الامور , وحتى عودة الامور الى اصحابها ومحاسبة اللصوص والمتسلقين وطردهم خارج الثورة ".