ما زالت أزمة الجنود المصريين المخطوفين تلقي بظلالها على المشهد السياسي في مصر، لا سيما في ظل الغموض الذي يحيط بعملية التفاوض مع الخاطفين من الجماعات المسلحة، فضلًا على الغموض الذي يلف العملية العسكرية التي من المفترض أن تقوم بها الأجهزة الأمنية لتحريرهم. ووفقًا لمصدر أمني بمديرية أمن شمال سيناء، ساعة الصفر قد إقتربت، وعملية تحرير الجنود ستنفذها الفرقة الخاصة بوزارة الداخلية، التي أنشأها حبيب العادلي، وزير الداخلية المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضية قتل المتظاهرين، وكانت تتبعه شخصيًا. وأضاف المصدر ل"إيلاف" أن هذه الفرقة سوف تتولى عملية تحرير الجنود من أيدي الجماعات الإرهابية، بالتعاون مع القوات المسلحة، وبتغطية جوية من مقاتلات القوات الجوية، مشيرًا إلى أن ثلاث طائرات حربية تشارك في طلعات جوية على مدار الساعة لتمشيط جبال سيناء، بالإضافة إلى مجموعة من القناصة التابعين للقوات المسلحة. وقال المصدر إن نحو 50 من الفرقة الخاصة، التي أنشأها وزير داخلية مبارك، ستتولى عملية إقتحام الأماكن التي يتحصن فيها الخاطفون، منوهًا بأن التباطؤ في االقيام بالعملية العسكرية لتحرير الجنود كان من أجل تحديد أماكنهم بدقة. تعاون إسرائيلي أوضح المصدر أن الجماعات المسلحة وزعت الجنود على ثلاثة أماكن متفرقة، فردين في كل مكان، ويحرسهما ما بين خمسة إلى سبعة من الجماعة الخاطفة. وأشار إلى أن التحريات وجمع المعلومات كانت صعبة، وإستلزمت بعض الوقت، بسبب تغيير الجماعات الإرهابية أمكانها كل ست ساعات، والتنقل بين الجبال. ونبه إلى أن الأجهزة الأمنية أطلقت العنان للمفاوضات، ودعت جميع الأطراف للإشتراك فيها، من أجل الحصول على وقت كاف لتحديد أماكن الجناة وتحديد هويتهم. ولفت إلى أن الموساد الإسرائيلي تعاون مع مصر في هذا الصدد، لاسيما أن شبكات الإتصالات الخلوية الإسرائيلية تغطي شبه جزيرة سيناء، منوهًا بأن إسرائيل تراقب إتصالات الجماعات الإرهابية بدقة. يأتي هذا في الوقت الذي عبرت فيه 40 مدرعة حربية قناة السويس، بالإضافة إلى 80 مجموعة قتالية من الأمن المركزي، و26 مدرعة للشرطة، في إطار الإستعداد لعملية تحرير الجنود. وحلقت الطائرات الحربية فوق جبال سيناء، بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وذلك بالتنسيق مع الجهات الأمنية الإسرائيلية، لاسيما أن إتفاقية السلام الموقعة بين البلدين تمنع مصر من إخال قوات ثقيلة إلى المنطقة "ج" المتاخمة للحدود مع إسرائيل، إلا بالتنسيق معها. مصالح خارجية قال اللواء أركان حرب علي حفظي، محافظ شمال سيناء الأسبق، إن عملية خطف الجنود المصريين في سيناء قامت بها جهات خارجية، بالتعاون مع الجماعات المسلحة. وأوضح حفظي ل"إيلاف" أن هناك إتصالات دائمة بين الطرفين الداخلي والخارجي، للعمل على زعزعة الإستقرار في مصر، وإنتزاع سيناء من السيادة المصرية، حتى لو وقعت في أيدي الإرهابيين. أضاف: "تلك العملية تهدف إلى خلق صراع داخلي في المجتمع المصري، بين الجيش والرئاسة من جانب، وبين الجماعات الدينية وباقي طوائف المجتمع من جهة أخرى". ولفت إلى أن الجماعات المتطرفة تسيطر على سيناء بسبب الدعم اللامحدود الذي تتلقاه من دول خارجية، ما يمكنها من شراء الأسلحة المتطورة، التي لا يمتلكها جهاز الشرطة في مصر. وألمح إلى أن إسرائيل وإيران لديهما مصالح مباشرة في زعزعة إستقرار مصر. في السياق ذاته، أعلن اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، أن التخطيط لعملية اختطاف المجندين السبعة تم منذ شهرين، عقب مشادة كلامية وقعت داخل سجن طرة بين الشيخ أبوشيتة وأحد ضباط السجن. وأضاف، في تصريحات صحافية، أن أبوشيتة اعتدى على الضابط وأصابه بجرح عميق بالرأس استلزم نقله للمستشفى. ولفت إلى أن أبو شيتة يعد الصندوق الأسود في العملية، لاسيما بعد أن ظهرت شعائات تفيد بأنه تعرض للإصابة بالعمى نتيجة التعذيب. تبني المطالب إلى ذلك، يقود السلفيون في مصر عمليات التفاوض مع الجناة، لاسيما أنهم الأقرب فكريًا إلى الجماعات الجهادية في سيناء. وقال الشيخ ياسر برهامي، القيادي السلفي، إن التيار السفي يقود عمليات تواصل وتفاوض مع الجماعات الخاطفة عبر وسطاء من زعماء القبائل في سيناء. وأضاف ل"إيلاف" أن الأجهزة الأمنية تتابع هذه المفاوضات، وتتواصل مع القيادات السلفية التي تقوم بها بإستمرار، لإطلاعهم على نتائجها. ودعا المهندس جلال مرة، أمين حزب النور السلفي، الخاطفين إلى إطلاق سراح الجنود. وقال في تصريحات صحفية: "ليست هذه الطريقة المناسبة للتعبير عن المطالب، أفرجوا عن إخوانكم أبناء مصر، فهم جنودنا الساهرون علي حماية الوطن وأبنائه". وأضاف: "نحن مع مطالبكم المشروعة وأعد بتبني مطالبكم، والحزب سيتبنى تلك المطالب بعد معرفتها ودراستها، وسيتحرك مع كل الجهات المعنية لتحقيقها طبقًا للقانون والدستور".