كنتُ كائن لا أفكر وكان النهار مُشمس بدون رحمة، وكأن الضوء تَعمد إقلاق جَسدي الهَش الذي لا يستطيع أن يحملُ هطول نَسمة باردة فكيف لا يذوب من صواريخ بيضاء هاطلة من رَحم عُلبة دائرية تسكنُ في الجو.! ما زال الجَبل المُحاذي لِدار سلوى شاهد على الحقيقةِ وديارِ الفاتناتِ لا يجيدون الكذب البتة ، إسألوا الركن الشمالي الذي يوجد في جبينهِ نَقشٍ بسيطٍ تفننتُ به بمطرقة صغيرة وقطعة حديد مكورة من الأعلى ، حادة نوعا ما من الأسفل وسيخبركم بالحقيقة . ظليتُ ثلاث ساعات متواصلة تحت حرارة كثيفة وهواء تسلل إليّ وكأنه أتى من قاع جَهنم ، كلما رأيتني سأذوب وأختفي أنسحب قليلاً نحو الظلال، آخذ راحة مُحاربٍ وحين أراني عُدتُ للحياة أعود لممارسة عملي حتى أكملت مهمتي وأكتمل النقش ، وقتها أطلقتُ المفرقعات إلى الهواء فكانت كفيلة بِقتل كُلِ حرارة ، أنتصرت بثقتي وأبتسمتُ أنا ، كانت عقارب الساعة تقبلُ الرقم الذي يثبت أن الشمس ستسبح في مياة البحر كي تتطهر من جميع خطايا الكوكب الذي ينبذها وينكرُ حسناتها الضوئية التي لولاها لداهمنا الظلام . غاب الضوء فاُصبتُ بالرُعب، عادت الطيور إلى أعشاشها لقضاء ليلة نادرة، فبدأ الوجع الأسود ينخر جسد الأرض ، وبدأت الوحوش تخرجُ من كهوفها جائعة وتصرخُ صرخات متتالية من شدة فضاوه الأمعاء ، تركتُ مكاني بعد أن ودعت النَقش بعشر إبتسامات ودعوة ، عُدتُ نحو أخي وقلبي مليء بالأسئلة ، وصلت فعانقته عناق لا يختفي عطره ، وضعتُ عليه أسئلة سخيفة أخرجتها من فَمي الملعون المليء بالغباء وقلتُ : إنها ساذجة وغبية لماذا تركتنا وجبة للعُتمة، ولماذا أجبرت العصافير بترك الأغصان مما اعطت فُرصة للضباع والثعالب ، سنصبحُ فريسة لهؤلاء يا أخي، أرجوك إفعل أي شيء كي تنقذنا كون منزلنا مَبني من الطين فبمجرد ركلة يقوم بها كلبٍ جائعٍ سيتبعثر وستتلذذ بنا الوحوش والكِلاب والضباع قضمة قضمة. فجأة بدأتُ أسمعُ أصوات الضباع في القُرب من المنزل ، هرولنا نحو زاوية الغُرفة، ظلينا بدون حركة وكأننا حجارة ، حتى الاُكسجين كنا بُخلاء بإستنشاقه خوفاً لا تسمعنا الوحوش وتداهمنا ، نرفع أكفنا نحو الإله كي ينقذنا من هذه المعركة القبيحة ، عِشنا سَبع ساعات كئيبة ، ظَلت الضباع والكِلاب تدور وتدور حول دارنا ، تصرخ وتصرخ ، تعوي وتعوي ونحنُ صامتون لن تهتز من رؤوسنا نصف شعره ، فقط كانت أفئدتنا تسخر منهم على هيئة نبضات ، وحين عَلمت أن لا يوجد فريسة غادرت مليئة بالخيبة ، تسحب خيوط الهزيمة المُخزية وأنتصرنا نحنُ بسلاحنا العظيم والسلاح كان الصمت كذلك الثقة بالنفس. 6-12-2020 وثيق القاضي.