إلى حضرت معالي وزير التربية ، الأكرم وإلى حضرات كل من يهمه هذا الأمر . تحية طيبة تحية يطيب شذى عطرها عبيرا ، ويسري سلسبيل حروفها ماء نميرا . وبعد التحية ، أبعث إلى معاليكم بالمقام الأول هذه البرقية ، وبالمقام الثاني ، أبعثها إلى كل جهات الإختصاص ، التي يتعلق بها هذا الأمر . فأرجو أن تنظروها بعين الإعتبار ، وتتقبلوا ما فيها بكل سعة صدر . أستاذنا القدير ، إن نظام الحصة ، جريمة نرتكبها في حق أبنائنا الطلاب ! فهل تعلم سيادتك ، أن طلابنا يجب عليهم أن يتلقوا خمس إلى ست ، مواد في اليوم ؟! تصور معاليك ، خمس مواد ، موزعة على جدول حصص اليوم ! (عربي ، رياضيات ، قرآن ، علوم ، إجتماعيات ) مثلا .. وعلى الطالب أن يهضمها جميعا ، والأعجب من ذلك ، أن الطالب وكأنه في سباق مع الزمن ، فمن الساعة الثامنة إلى العاشرة صباحا ، يتناوب عليه ثلاثة معلمين ، لثلاث مواد مختلفة ، كما هو موضح في الجدول السابق ، ثم يرن جرس المدرسة ، معلنا بدء الراحة ، وآه ليت معاليك ، ترى الفرحة التي ترتسم على وجوه طلابنا ، وليتك تسمع الصيحة التي يطلقونها ، عند سماعهم رنين ذلك الجرس ، وهو يعلن حكم الإفراج عنهم ! ولكن يا فرح ماتمت ! نصف ساعة فقط ، هو زمن ذلك الفراج ( الراحة ) ؛ وإذا برنات ذلك الجرس نفسها تعلن إعادة تمديد الحبس ، لمدة ساعة ونصف أخرى . آه ، وليتك ترى طلابنا وهم يدخلون إلى الفصول ، وكأنهم يساقون إلى الموت سوقا ، لذا الأغلب منهم لا يدخلون إلا بالعصا ! ... نصف ساعة راحة فقط ، على الطالب أن يرتاح ويلتقط أنفاسه فيها ، وعليه أن يتبول ، ويتناول افطاره ، ويلعب ويمرح فيها مع أقرانه ، كل ذلك على الطالب أن يقضيه في نصف ساعة !.. هل ترى معاليك انها تكفي ؟ إنها لا تكفي ، لكن ماعلينا ، نعود بجناب حضرتك إلى المهم ، فعلى الطالب أن يأخذ بعد الإستراحة ، ثلاث حصص اضافية لمواد اخرى .. ياالله ! أي ذهن يحمله هذا الطالب ؟! حتى يستوعب كل هذا الكم من المعارف ؟ وأي قدرة تركيز يمتلكها حتى يظل منتبه طوال هذا الوقت . وليت الأمر يتوقف عند هذا فحسب ، فالطالب المسكين مطالب بكتابة دروس كل تلك المواد التي درسها ، في البيت ، لأن المعلم لا يستطيع شرح وكتابة الدرس في حصة وأحدة ، ولذلك يظل الطالب ، من بعد الظهيرة ، إلى المساء وهو حبيس البيت ، ينسخ مافي الكتب إلى الكراسات ( والعصا لمن قصر وعصى ) آه أي عذاب هذا ياالله ؟! حبس في البيت ، وحبس في المدرسة مع الاشغال الشاقة ! صدق أو لا تصدق -معاليك- هذا الخبر ، طالب في المرحلة الأساسية ، ضاق ذرعا من هذا الوضع ، فأنتحر ! شنق نفسه ، حتى لا يذهب إلى المدرسة ! إنها مأساة ، ما نرتكبه في حق طلابنا ، مأساة ! وإذا أردت أن تعرف ، لماذا هذا (المرثون ) ؟ والماذا هذا الركض في المنهاج ؟ أقول لجنابك ، لأن الطالب المسكين ، مازال في انتظاره كتاب ثانٍ ، للفصل الدراسي الثاني .. معالي الوزير ، كتابان في كل مادة ، حتى الصف الاول ! لهذا لا غرابة إذا صعد إلى الصف الثاني ، وهو لا يعرف الحروف بالمرة !وأنت قس على ذلك ، هذه هي الحقيقة المره . والأغرب أن هذا المنهاج تجريبي ! تصور أكثر من ربع قرن ، منهج تجريبي ، جيل بأكمله ، هو عينة الفئران ، التي تم عليها اختبار هذا المنهاج ! لماذا لا نرجع إلى الوراء قليلا ! كتاب وأحد لكل مادة في السنة كافٍ ، وثلاث مواد في اليوم ، على ست حصص بنظام حصتين ، بين كل حصتين راحة ، ويتخلل الست الحصص البدنية والفن التشكيلي . ارجوا أن تصل إلى معاليك رسالتي ، كما أرجو بذلك أن تكون قد برأت ذمتي . والسلام عليكم ورحمة الله