لقد بدأت ملامح الدولة المدنية التي يتغنى بها النظام اليمني والذي على أساسها أسست لمؤتمر الحوار المدعوم عربيا ودوليا وخصصت الكثير من الإمكانات لتسيير أعماله بغيت التوصل لحلول للخروج من المشكلات الناتجة عن الأزمة السياسية بين القوى المتصارعة على الحكم في اليمن والتي استطاعت تحويل الوهج الثوري في بدايات ولادته من ثورة إلى أزمة بين أقطاب الحكم القبلي وما التأسيس لمؤتمر الحوار والذي يوهمون العامة من الناس بأنه يهدف إلى بناء الدولة المدنية التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات ويسود فيها العدل والقانون ما هو إلا وهم يصعب تحقيقه مع سيطرت الفكر القبلي المتسلط والمهيمن في رسم شكل الدولة القادمة على أسس قبلية حفاظا على بقائه السلطوي ضاربا بالمصلحة الوطنية ومصلحة الشعب عرض الحائط . وبهذا يكون من الواضح لنا جليا فشل هذا المشروع في تحقيق الأهداف المرجوة منه بسبب العقلية القبلية المتحجرة التي نأبى الخروج من عباءة القبيلة على الواقع وهي تقبل به كحديث على أورق المؤتمرات أما إذا كان يمس مصالحها أو يحد من تصرفاتها وجرائمها فهي لاتعترف بدولة مدنية أو غير مدنية وتتمسك بقبليتها والتي تبيح لها التصرف كيف ما شاءت من منطلق قوتها ومكانتها القبلية دون ضمير ولا رادع قانوني أو خوف حتى من الله وما حدث من جريمة بشعة في صنعاء قتل فيها شابين من أبناء عدن هما أمان والخطيب ونجاة ثالثهم الشاب القدسي في يوم الأربعاء 15/5/2013م بالطريقة البشعة التي ارتكبت من قبل آل العواضي أثناء مرور الشباب بسيارتهم متجاوزة موكب الزواج لآل العواضي والذي اعتبرت جريمة بموجب قانون آل العواضي يستحق مرتكبوها القتل وان كانوا عزل فما كان لهم إلا أن أوقفوهم من خلال اصطدامهم بسيارتهم وإنزال عقوبة الإعدام فيهم رميا بالرصاص بعد ضربهم وإهانة كرامتهم وتركم على قارعة الطريق ، والمغادرة لاستكمال فعاليات فرحهم بزواج ولدهم وشيخهم القادم بعد العمر المديد للشيخ العواضي , وقد حدث كل هذا دون أدنى مبالاة أو خوف من الله أو احتساب لدولة ليقينهم بأن القانون لايطولهم وأن يد الدولة مغلولة بالنسبة لهم . والشيخ العواضي هو عضو حزب الإصلاح الديني الذي يفترض به أن يكون أكثر الماما بشرع الله من غيره , وعضو مجلس النواب أي ممثل للشعب والذي تقع عليه حماية حقوق المواطنين , وعضو مؤتمر الحوار الذي من المفترض أن تتمخض عنه الدولة المدنية المنشودة في اليمن فكيف له أن يسهم في إنجاح حوار يحدد ملامح دولة وهو يرفض الامتثال للقانون وشرع الله وتسليم القتلة بل ويتحفظ عليهم رغم دخول الأسبوع الثالث منذ ارتكاب جريمتهم هل يؤمل من مثل هذا الشيخ ومن على شاكلته فمنهم من يعتدي على ضابط أمن مكلف بالحفاظ على الأمن في مقر إقامة مؤتمر الحوار ومنهم من يقوم بضرب زميلته المشاركة في المؤتمر وكونها أبدت رأيا لم يروق له وكما علمنا من وسائل الإعلام بأن بعض هذه المشاكل قد تم حلها بالتحكيم القبلي دون مراعاة لوجود القوانين المدنية المنظمة لسير الحياة والحفاظ على الحقوق العامة والخاصة فمن الصعب على مثل هاولاء بمثل هكذا عقلية ألإسهام في تأسيس الدولة المأمول أن تتمخض عن مؤتمر الحوار في مثل هذا محاور وما نخشاه أننا نسير بهذا المؤتمر صوب إلغاء للقوانين وإحلال الأعراف القبلية محلا لها , وهذا من شأنه أن يكون سببا رئيسيا لإفشال مؤتمر الحوار والتلاعب بالقضايا الوطنية كما يتم التلاعب بتسليم كافة المشاركين بقضية القتل الشنعاء التي يندى لها الجبين لتحقيق معهم لينال كل جزائه بما اقترف من جرم .
وتأسيسا على ما قدمت أرى إذا ماأستمر الحال على ما هو عليه في الاعتماد على من مثل هذا الشيخ المحاور فقل على المؤتمر الرحمة وعلى الشعب السلام فلا دولة مدنية حديثة ستولد ولاحل للقضية الجنوبية ولا قضية صعده وسيعودون بنا إلى المربع الأول ونجد أنفسنا في ظل دولة من دول القرون الوسطى وقد تلاشى فيها الأمل في وطن سيتنفس الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية مالم يتم اجتثاث التخلف وأسبابه لنلحق بركب العالم من بني البشر وننتصر للحق ونزهق الباطل ونحفظ كرامة الروح البشرية التي كرمها الله وحرم قتلها إلا بالحق لينعم الإنسان بالعيش في ظل دولة مدنية يحتكم كل مواطنيها للقانون آمنين على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم لا يخشى إلا الله سبحانه وتعالى القائل ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون . ( صدق الله العظيم )